صباح الأحد الماضي، استيقظ الشاب "محمود بيومي" (27 سنة، ويعمل في إدارة المبيعات بشركة كبرى)، مبكرًا، أجرى عدة اتصالات بأصدقائه للاتفاق على التجمع سويا لمشاهدة مباراة مصر والكاميرون في نهائي بطولة الأمم الأفريقية، وأصر على حضور النهائي في كافية شهير بمنطقة مصر الجديدة، رغم طلب أصدقائه متابعتها في أي مقهى قريب من منازلهم بمدينة نصر.. وقبل المباراة ب3 ساعات، ذهب الشاب إلى منزل خطيبته "سالي ح." ليصطحبها معه كما وعدها، ووصل الخطيبين الجديدين إلى المقهى قبل ساعتين من انطلاق المباراة، كي يضمن "محمود" حجز طاولة قريبة من شاشة العرض، وانتظر أصدقائه الستة. بدأ "الماتش" تفاعل "بيومي" الأهلاوي المتعصب - بحسب رواية صديقه رامي المغربي-، مع المباراة كما لو أنه يلعب داخل المستطيل الأخضر "شوط يا عبد الله..جدع يا وردة.. ما تنزل رمضان يا عم"، إلى أن أطلق الحكم الزيمبابوي صافرة نهاية المباراة، معلنًا خسارة منتخب مصر، ليشعر "محمود" بحالة من الإحباط وطلب تسديد حساب الكافية لمغادرة المكان، إلا أن مشادة اندلعت بينه وبين عمال المقهى، ليقوم أحد العمال بطعنه في بطنه. فيما وقفت "سالي" خطيبة المجني عليه تنتحب وتبكي، تصرخ وتمسك خطيبها بيديها ودمائه تسيل بغزارة، حتى وافته المنية. "مصراوي" توجه إلى مقر الكافيه الشهير الذي يقع في شارع النزهة أكثر المناطق حيوية بمصر الجديدة، ليجد أبوابه مغلقة، فيما وقف رجال الشرطة لحراسته خصوصا وأنه أصبح مسرح جريمة. حالة من الحذر والترقب تعلو وجوه المارة بمجرد اقترابهم من مقر الكافيه، إلا أن شاب ثلاثيني اقترب بخطوات حثيثة من "بوكس" الشرطة أمام باب المقهى، وسأل أحد المجندين: "عملتوا إبه مع الناس اللي قتلت الشاب الصغير إمبارح؟" وبعد محاولات عدة لإقناعه بالحديث لمصراوي، قال الشاب "محمد.ع"، أحد شهود العيان: كنت متواجدا بالكافيه قبيل بدء المباراة وعندما انتهى الشوط الثاني أغلق العمال أبواب الدور الثاني الذي كنا نجلس فيه بحجة جمع ثمن المشروبات من الزبائن؛ وكان بصحبة محمود 3 فتيات بينهن خطيبته و4شباب، وطلب الشاب من أحد العمال دفع الحساب ومغادرة المكان إلا أنهم لم يستجيبوا له ومنعوه من الخروج، وبعدها نشبت بينه وبين أحد العاملين مشادة كلامية تدخلنا لفضها، وقمت بتهدئة المجني عليه، إلا أنه بعدما نزل من الطابق العلوي وجد العمال في انتظاره وتعدوا عليه وعلى أصدقائه بالضرب، وفجأة سمعنا خطيبته تصرخ بشكل هيستري وعندما هرولنا نحوها وجدنا محمود ينزف بشكل مرعب. وتابع "محمد": حمل عدد من الشباب "محمود" وركضوا به نحو مستشفى كليوباترا إلا أنه فارق الحياة هناك، قبل أن يختتم حديثه قائلا: "حرام شاب في السن ده يموت بالطريقة دي.. أنا معرفوش بس حسيت أنه أخويا.. لازم حقه يرجع". وبالقرب من الكافيه تجمع بعض "السياس"، كان شاغلهم الأول ما حدث ليلة أمس، يقول "محمد": "الكافيه ده مشهور.. وفيه مشاهير كتير بيترددوا عليه، أول مرة تحصل حاجة زي كده"، مضيفًا: العمال في المكان يتمتعون بسمعة طيبة، وما حدث ليس سوى تصرف فردي متهور من العامل "الناس هنا أكل عيشها الأساسي متوقف على البقشيقش.. ولو المعاملة وحشة يبقى مش هيكون في زباين ولا فلوس". قاطعه زميله "عبد الله": "إحنا اللي سمعناه إمبارح.. واحدة بتصرخ والناس متجمعة حواليها ولما قربنا لقينا شاب بينزف من بطنه، والناس شاللوه وجريوا بيه على المستشفى.. ولما سألنا على الموضوع عرفنا أنه مكنش عايز يدفع الحساب" . أحمد المغربي صديق الضحية، غالب حزنه وهو يروي لنا تفاصيل ما حدث قائلا: "محمود كان أصغر مني بعشر سنين بس عمري ما حسيت بالفرق ده.. ده كان أخويا وصاحبي المقرب". وتابع الشاب الذي يعمل جواهرجي بمصر الجديدة بحسرة: "محمود لسة مشتري الشبكة بتاعة عروسته من عندي، كان فرحان أوي، والمفارقة أن محمود كان من المقرر أنه يسافر النهاردة الكويت عشان يستلم شغله الجديد هناك عشان يحسن دخله ويجهز لفرحه اللي كان فاضل عليه شهور قليلة". "محمود كان شاب حسن الخلق مش بتاع مشاكل، من ساعة ما عرفته مشتفوش عمل مشكلة مع حد، كل الناس بتحبه، كمان مستواه الاجتماعي والثقافي كان مميز ووالده من أهم أطباء القلب في البلد وعائلته كلها محترمين". بهذه الكلمات استنكر أحمد المغربي ما قاله عمال الكافية في محاولة لتبرير الاعتداء على صديقه. وتابع: حجة إن محمود امتنع عن دفع الحساب "ظلم ومحصلتش، أزاي واحد بالمستوى ده.. وكمان واخد خطيبته معاه يعمل مشكلة عشان الحساب، محمود مش كده.. ثم أنه يعقل أنه يموت عشان كام جنيه.. الرواية دي كذب".