حالة من الجدل والاستياء بين موظفي الدولة والعمالين عقب اقرار قانون الخدمة المدنية، الذي أطلقوا عليه قانون "السخرة" اعتراضاً على بعض بنوده، مؤكدين أنه لا يضمن للعاملين حقوقهم في نظام الترقي وزيادة الأجور والفصل التعسفي، فضلا عن استثناء العاملين برئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء من القانون، بالإضافة إلى دعمه لسلطات وصلاحيات القيادات الإدارية، وتسهيله من عملية فصل الموظف إذا رأت لجنة المواد البشرية أنه لا يصلح للعمل، بالإضافة إلى زيادة سلطة الرئيس المباشر في توقيع الجزاءات. كانت البداية حينما نظم رافضو القانون أول تظاهرة حاشدة منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام نقابة الصحفيين اعتراضا على القانون، بالإضافة إلى تنظيم "مليونية" رفض قانون الخدمة المدنية بحديقة الفسطاط فضلا عن عدد من الوقفات الاحتجاجية التي نظموها في أماكن متفرقة.
في يناير الماضي رفض مجلس النواب القانون خلال عملية التصويت عليه، بعد مناقشة ساخنة داخل البرلمان، وقرر أعضاء المجلس رفض القانون بإجمالي 67% من عدد الأعضاء، وتم إدخال 8 تعديلات عليه وطرحه للمناقشة مرة أخرى وتأجيل التصويت عليه إلى دور الانعقاد الثاني بمجلس النواب.
ووافق مجلس النواب، في مستهل دور الانعقاد الثاني الذي عقد أمس الثلاثاء، على قانون الخدمة المدنية بشكل نهائي، بإجمالي 401 صوت مقابل 26 صوتا وامتناع 6 نواب عن التصويت.
ويرصد مصراوي ردود أفعال رافضي القانون بعد إقراره رسميا من مجلس النواب، والخطوات التي سيتبعونها .
طعن على القانون قال وائل توفيق، منسق تنسيقية " تضامن"، إنه كان من المتوقع تمرير القانون خلال الفترة الماضية، مشيرا إلى أنه تم عقد اجتماع لطرح البدائل الممكنة التي يمكن العمل عليها في حالة الموافقة عليه. وأوضح توفيق، أنهم يعتزمون الطعن على القانون بعدم دستوريته لأنه تم إعادة طرح القانون للمناقشة في البرلمان في نفس دور انعقاد المجلس الذي تم رفض القانون فيه في المرة الأولى قبل إدخال تعديلات عليه، مشيرا إلى أنه تم التقدم بمذكرة للجنة الدستورية بمجلس الدولة بعدد من البنود التي تحتاج إلى تعديلات عليها وتم الأخذ بها في رد اللجنة . وأشار منسق " تضامن" إلى أن تأخير أو تأجيل التصويت على القانون للفصل التشريعي الثاني، هو محاولة من البرلمان للتهرب من عدم دستوريته، موضحا أن الأمر لا يقاس بموعد التصويت بينما بموعد طرحه للمناقشة مرة أخرى الذي تم في الفصل الأول وهو ما يخالف الدستور الذي ينص على عدم طرح ذات القانون على نفس الفصل التشريعي في حالة رفضه. وذكر أنهم كانوا قد أرسلوا مذكرة لرئيس البرلمان واللجنة التشريعية بمجلس الدولة للإشارة إلى عدم دستورية القانون . ولفت إلى أنه من المقرر عقد اجتماعا في الأيام القادمة لإقرار ما سيتم العمل عليه بالتنسيق مع المحافظات الأخرى، مشيرا إلى أنه سيتم الاتفاق على الفاعليات التي سيتم تنظيمها للتعبير عن الاعتراض على القانون بعد التواصل مع مجموعة "25 – 30" بالبرلمان ، كما سيتم عمل قوائم شرف وعار لنواب البرلمان الذين أبدوا موافقتهم أو رفضهم على القانون .
اللائحة التنفيذية فيما قال كمال عباس، منسق دار الخدمات النقابية والعمالية، إنه بعد موافقة البرلمان على القانون أصبح نافذ، وأنه سيتم التعامل مع القانون باعتبار أنه المنظم لعلاقات العمل لأنه أصبح أمرًا واقعًا. وأشار إلى أن الجانب الوحيد الذي يمكن العمل عليه هو اللائحة التنفيذية التي سيتم وضعها، فضلا عن لوائح الحوافز التي ستكون مصدر زيادة لدخل الموظفين لأن كل منشأة ستقر نظام الحوافز الخاص بها. ولفت إلى أن هناك جانب يخص عدم دستورية القانون، وهو ما سيعمل عليه البعض من خلال الطعن على القانون.
حملات توعية للموظفين قال طارق كعيب، رئيس نقابة الضرائب العقارية المستقلة، إن اقرار الخدمة المدنية هو تحدي للموظفين وعمل ضد مصالح المواطنين الذين أدلوا بأصواتهم لانتخابهم في البرلمان لتمثيلهم، مؤكدا أن هذا المنتج لا يليق بما هو الوضع عليه بعد ثورتين قام الشعب بهم. وأشار إلى أنه سيتم العمل على جانبين، أولهما؛ هو رفع قضية بعدم دستورية القانون، وثانيهما هو عمل حملات توعية للمواطنين بمساوئ القانون لأنه بذلك يمثل ضغط كبير على الموطنين لأن رواتبهم تعتبر متجمدة في حين أن الأسعار تتزايد بشكل سريع وكبير. واقترح كعيب، إرسال طلب لمجلس النواب لفتح النقاش على عدد من المواد لأن القانون لم يطبق على الجميع، موضحا أن بعض المواد التي تحتاج إلى تعديل هي مادة الفصل من العمل ومادة المرتبات والترقيات والتعيين ، قائلا "القانون لن يعمل على تحسين وضع الموظف وسيجبره على اتباع طرق غير مشروعة".
القانون دستوري فيما قال الخبير الدستوري رمضان بطيخ، إنه بإقرار قانون الخدمة المدنية في الفصل التشريعي الثاني، فهو بذلك يعتبر تصحيح للعوار الدستوري وهو أن يصدر القانون في ذات دور الانعقاد الذي تم رفضه فيه. وأوضح بطيخ، أن الدستور ينص على أنه لا يجوز إقرار القانون إلا في دور انعقاد اخر قائلا ليس لنا دخل بموعد طرحه للمناقشة الذي تم في الدور الأول وتم اقراره في الثاني إذا فإن القانون دستوري". ورداً على ما يتردد حول أن القانون لا يطبق على الجميع بما يعد تمييز وعدم مساواة، قال إن أي قانون يتضمن بعض الاستثناءات لاعتبارات معينة ويُترك الأمر إذا طعن عليه للمحكمة الدستورية العليا، في اعتبار هذه الاستثناءات تمييز وإخلال بمبدأ المساواة من عدمه . وتابع " ولكن إذا رأت المحكمة الدستورية أن الاستثناءات تمت في إطار الدستور فإن بذلك لا غبار على القانون"، مؤكدا أن قسم التشريع في مجلس الدولة راجع القانون واعتبره دستورياً .