وزير التعليم: استحدثنا 98 ألف فصل ونجاح خفض الكثافة بنسبة 99.9%؜    مغادرة 1397 حاجًا إلى الأراضي المقدسة عبر ميناء نويبع    الرئيس السيسي يتابع مستجدات مبادرة "الرواد الرقميون".. وهذه أبرز توجيهاته    محافظ المنوفية: الأرض الزراعية خط أحمر.. وإزالة فورية لتعديات على مساحة 175 مترا    بعد مباحثاته في موسكو.. فيدان يزور أوكرانيا الخميس    مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يجري زيارة إلى كييف وروسيا الأيام المقبلة    كوريا الشمالية تهاجم قبة ترامب الذهبية وتتعهد ب"تناسق القوة"    ماكرون: مؤتمر حل الدولتين بنيويورك سيشكل زخما للاعتراف بدولة فلسطين    الناتو والاتحاد الأوروبي يعربان عن تضامنهما مع جمهورية التشيك بعد هجوم إلكتروني صيني    قبل الجولة الأخيرة.. ترتيب هدافي الدوري المصري    هل ينتقل رونالدو إلى الهلال ب"عقد قصير الأمد"؟    «أعظم اللاعبين على الإطلاق».. رابطة محترفي الاسكواش تتغنى ب علي فرج    الكشف عن تفاصيل عقد دى بروين مع نابولي    وزير الشباب يقرر تعديل اللائحة المالية للهيئات الرياضية    «اشربوه مصانش نادية».. رسائل نارية من جمال عبدالحميد لمسؤولي الأهلي بسبب زيزو    المرور يضبط 23 ألف مخالفة ويكشف 9 حالات تعاطي    اليوم.. عادل عوض يناقش سينما سبيلبرج في مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية    «تقدير الجمهور أغلى جائزة».. مي عمر تعلق على فوزها ب أفضل ممثلة عن «إش إش»    تشييع جثمان والدة المخرج خالد الحجر    المسلماني في منتدى دبي : ثقافة الترند مصدر تهديد للأمن القومي    في أول أيام الشهر.. تعرف على أفضل الأعمال في العشر الأوائل من ذي الحجة    حكم صلاة الجمعة إذا جاء العيد يوم جمعة.. الإفتاء توضح الرأي الشرعي    فريق طبي بمستشفى العجمي بالإسكندرية يُنقذ حياة مريض بعد طعنة نافذة في الصدر    نائب وزير الصحة تشارك فى جلسة نقاشية حول "الاستثمار فى صحة المرأة"    متحدث «الصحة»: بعثة مع الحجاج المصريين لتقديم الرعاية الطبية    افتتاحات مرتقبة لقصور الثقافة في القاهرة وسوهاج وسيناء    بالصور- إقبال على المراجعات النهائية لطلاب الثانوية العامة ببورسعيد    هل يوقع أحمد الشرع على اتفاق تطبيع مع إسرائيل؟    ُصرف غدا.. شيخ الأزهر يوجّه بمنحة عاجلة لهذه الفئة    حسم الدوري.. التشكيل المتوقع لبيراميدز في مواجهة سيراميكا كليوباترا    تفاصيل الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من "حقوق السوربون" بجامعة القاهرة    ضبط 220 كيلو حشيش و900 ألف قرص مخدر خلال يوم    وقف شيخوختك.. أطعمة مفيدة لصحة الرجال    البنك المركزي النيوزيلاندي يخفض الفائدة 25 نقطة أساس للمرة الثانية    محافظ بنى سويف يستمع لمشاكل واحتياجات أهالى قرية بنى هانئ    القاهرة الإخبارية تكشف تفاصيل الغارة الجوية الإسرائيلية على صنعاء    لمواجهة الفكر المتشدد.. "أوقاف الفيوم" تنظم دروسًا منهجية للواعظات    خوفا من افتضاح أمره .. هروب العشيق الى نهايته بالعمرانية    روبوت ينظم المرور بشوارع العاصمة.. خبير مرورى يكشف تفاصيل التجربة الجديدة.. فيديو    دار الإفتاء توضح أفضل الأعمال في أيام العشر من ذي الحجة.. ذكرٌ وصيامٌ وتهليل وأضحية    مبادرة "أنورت" تهدف لاستقبال ضيوف الرحمن والترحيب بهم فى جميع المنافذ البرية    «المنشاوي» يفتتح تطوير الصالة المغطاة بالقرية الأولمبية بجامعة أسيوط    «نقيب المعلمين» يكلف بدعم معلمة اعتدت عليها طالبة بالهرم    الزمالك يفقد خدمات الجفالي في نهائي كأس مصر    «تمريض بني سويف» تستقبل لجنة الدعم الفني بمركز ضمان الجودة    صندوق النقد يحث مصر بتقليص دور القطاع العام في الاقتصاد بشكل حاسم    الحوثيون: إسرائيل شنت 4 غارات على مطار صنعاء    وزير التعليم: 98 ألف فصل جديد وتوسّع في التكنولوجيا التطبيقية    نائب وزير الصحة: إنشاء معهد فنى صحى بنظام السنتين فى قنا    الإسكان: إعادة فتح باب تلقي طلبات توفيق الأوضاع في منطقة الحزام الأخضر بمدينة 6 أكتوبر    وزير الخارجية يتوجه إلى المغرب لبحث تطوير العلاقات    وزير الثقافة: ملتزمون بتوفير بنية تحتية ثقافية تليق بالمواطن المصري    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأربعاء 28 مايو 2025    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق مخزن بلاستيك بالخانكة| صور    قرار من «العمل» بشأن التقديم على بعض الوظائف القيادية داخل الوزارة    محامي نوال الدجوي يروي تفاصيل محاولة الحجر على موكلته وطلب حفيدها الراحل الصلح    وزير الأوقاف يهنئ الشعب المصري والأمة العربية بحلول شهر ذي الحجة    ألم في المعدة.. حظ برج الدلو اليوم 28 مايو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلوكيات مرفوضة في شهر رمضان
نشر في مصراوي يوم 30 - 05 - 2016

إنَّ موضوع الطعام والشراب في تاريخ الأمَّة المسْلمة قديم وعريق، فأُصُوله تُستمَدُّ من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، كما أنَّ كتب الفقه والرقائق والمواعظ والزُّهد والأخلاق تُفْرِد أبوابًا للطعام والشراب، تَنهى عن المحرَّمات، وتَأمر باتِّباع الآداب الشرعية.
أما اليوم، فقد أصبح الطعام والشراب في حياة أغْلب الناس نهمًا وشرهًا، وإسرافًا وتبذيرًا، ولذَّة وغاية، تُهْدَر في صناعة الأطعمة والأشربة الأموالُ، وتُنصَب الموائد المفتوحة، في البيوت والمطاعم، ويَجري السِّباق في إقامة الحفلات والمناسبات الباذخة.
وانزلق عامَّة الناس إلى مَساوئ التقليد الأعمى للأُمَم المادية المتْرَفة، واتَّسمت حياة الكثيرين بالتكَلُّف والإسراف في ولائمهم وأعيادهم وحياتهم، حتى أصبحت أعيادُنا مَظاهر باهظةَ الثَّمَن، ورمضاناتنا في كلِّ عام موسمًا للسَّرف والتَّرَف، بدلاً من أن يكون عبادة وتهجُّدًا.
فتحوَّل الغذاء إلى خطر رهيب، وارتفعت صيحات التحذير الاجتماعي والاقتصادي والغذائي وترشيد الإنفاق والاستهلاك.
إنَّ الإنسان كائن حيٌّ، يقوم بوظائف مهمَّة: عبادة الله، ثم إعمار الأرض، وإقامة مبادئ العدْل والخير، وهذا يَجعله بحاجة إلى الطعام؛ كي ينمو ويعيش، ويتحرَّك ويعمل، ويحتاج إلى الماء؛ إذْ لا يستطيع الإنسان البقاء حيًّا لمدَّة طويلة بلا ماء.
فاستجابة الكائن البشري لغريزة الطعام والشراب أمر فِطْري، كما أنَّ المحافظة على القوام الغذائي المتنوِّع والمتوازن مع التوسُّط والاعتدال يَمنح الإنسان في مراحل عمرِه جسمًا قويًّا وصحَّة دائمة، وعمرًا مباركًا ومديدًا.
إذْ لا يكفي الإنسانَ في طعامه وشرابه أنْ يتناول نوعًا واحدًا، فلا بدَّ من توافُرِ الاحتياجات الأساسية مِثْل: الماء، والسُّكَّريات، والبروتينات والشحوم والدهون، والفيتامينات، وبعض العناصر المعْدِنية.
إنَّ الإنسان إذا أكل ما يسدُّ به جوعه، وشَرب ما يُسكِن به ظمَأه، فإن هذا مطلوب عقلاً، ومندوب إليه شرعًا؛ لِمَا فيه من حفظ النفس وصيانة الحواسِّ.
يقول محيي الدين مستو في كتابه "الطعام والشراب بين الاعتدال والإسراف": إذا كانت التُّخمة تُمْرِض وتُمِيت، فإن الحرمان يُمرض النفس ويُفتر عن العبادة، أما الوسطيَّة فإنَّها تنشِّط النفس، وتُظْهِر رُوحانيتها، فالاعتدال توسُّط بين التقتير والإسراف، وبين البخل والإنفاق الزائد عن الحلال في المأكل والمشرب.
وقد حثَّ رسولُ الهُدَى - عليه الصلاة والسلام - على الاعتدال وحضَّ على التقَلُّلِ من الطعام والشراب، فقال - عليه الصلاة والسلام -: (الكافر يَأكل في سبعة أمْعاء، والمؤمن يأكل في مِعًى واحد)).. [رواه مسلم].
قال حاتم الطائي ذامًّا كثْرة الأكْل:
فَإِنَّكَ إِنْ أَعْطَيْتَ بَطْنَكَ سُؤْلَهُ
وَفَرْجَكَ نَالاَ مُنْتَهَى الذَّمِّ أَجْمَعَا
إنَّ الاعتدال - إذًا - هو التوسُّط بين الجوع والتُّخَمة، بالتقليل من كمِّية الطعام والشراب، دون أن ينْقص عن حاجة البدَن والعمل، وفي ذلك فوائد جَمَّة، منها: صحَّة الجسم، وجَودة الفهم، وقوَّة الحفظ، وقلة النوم، وخِفَّة النفس، قال بعض الحكماء: أكبر الدواء تقدير الغِذَاء.
وفي المقابل، فإنَّ الإقبال على الطعام بشَرَهٍ زائد يَجعل الأغذية عند النَّهِمين المسْرِفين هدفًا وغاية، يَبذلون من أجْلها الأموال الباهظة، ويُمْضُون أوقاتًا طويلة في الأسواق، يَشترون ألوان الأطعمة، وهؤلاء الذين جعلوا هَمَّهم بطونهم، وأهدافَهم ملذَّاتِهم وشهواتهم، يَضِنُّون بأموالهم عن مساعدة بائسٍ أو إعانة فقير، فنتَجَ عن ذلك بطون جائعة وأموال ضائعة.
إنَّ الإسراف والتبذير والتَّرف والمباهاةَ سلوكيَّات استهلاكية خطيرة، دخلَتْ مع الأسف حياة الناس، وشملت معظم جوانب الحياة المختَلِفة؛ فهناك التَّنْويع في الأطعمة والأشربة في الدَّعوات العامَّة والمناسَبات وولائم الأعراس التي تكلِّف أموالاً طائلة، وهناك الموائد المفتوحة المشتمِلة على أصناف عديدة، لقاءَ مَبالغ محدَّدة عن كلِّ شخص، وهناك الولائم المخصَّصة في حالات الوفاة والمآتم.
فيا عجبًا من مجتمَع يُقيم الأفراح والولائم، والمُجتمعات المسْلِمة تعاني من الأحزان والمآتم! وقديمًا قال عليُّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - كلمته المشهورة: "ما جاع فقير إلاَّ بما تَمتَّع غنِي".
ورَدَ عن القاضي عياض - رحمه الله - قوله: "إنَّ كثرة الأكل والشرب دليلٌ على النَّهم والحرص، والشَّرَه وغلَبَة الشهوة، وهي مسبِّبٌ لمضارِّ الدنيا والآخرة، وجالبٌ لأدواء الجسد، وخثار النفس"؛ أيْ: فتورها.
إنَّ الإسراف في تناول الطعام والشراب يؤدِّي إلى اختزانها في الجسم، وتحَوُّلِها إلى لحم وشحم وبدَانة وبطْنَة، تَقعد بالإنسان عن كثير من أعماله ونشاطاته، وقديمًا قيل: البطنة تُذْهِب الفطنة.
وقد ورد عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قولَتُه المشهورة، وحكمته المأثورة: إيَّاكم والبطنة؛ فإنها مَكْسلة عن الصلاة، مؤْذية للجسم، وعليكم بالقصْد في قُوتِكم؛ فإنَّه أبْعَد عن الأثر، وأصح للبدن، وأقوى على العبادة، وإنَّ امْرَأ لن يهلك حتى يؤْثِر شهوته على دينه.
ومن طريف القول ما أجاب به مَسْلَمة بن عبد الملك مَلكَ الرُّوم، حيث سُئل: ما تعدُّون الأحمق فيكم؟ قال مسلمة: الذي يَملأ بطنه من كل ما وَجد.
وكان فرقد - رحمه الله - يقول لأصحابه ناصحًا: إذا أكلْتُم فشدُّوا الأُزر على أوساطكم، وصغِّروا اللُّقَم، وشدِّدوا المضْغ، ومصُّوا الماء مصًّا، ولا يَحِلَّ أحدُكم إزاره فيتَّسع مِعَاه، ولْيأكل كلُّ واحد من بين يديه.
وقد أجْمعت الأطباء على أنَّ رأس الدَّاء إدخالُ الطعام على الطعام، وقالوا: أكثر العِلَل إنما يتولَّد من فضول وزوائد الطعام.
إنَّ مراتب الطعام والشراب - الغذاء - كما قسَّم ذلك ابنُ قيِّم الجوزية - رحمه الله - في كتابه "الطب النبوي" مراتبُ ثلاثة: مرتبةُ الحاجة، ثم مرتبةُ الكِفاية، وأخيرًا مرتبة الفَضْلة.
في رَمضان تزداد مصروفات الأُسَر؛ لِمُجابَهة الشَّراهة الاستهلاكية، ونهَمِ التسوُّق والإنفاق المرتفع؛ إذْ يتحوَّل النوم إلى النهار، والأكل والزيارات والتَّجوال في الشوارع وارتياد المنتزهات إلى الليل، ويَستهلك الفرْدُ في وَجبتي الإفطار والسحور أضعافَ ما كان يَستهلكه في ثلاث وجبات قبل حلول رمضان المبارك، حتَّى أصْبح مألوفًا في أمسيات شهر رمضان كثرةُ حالات الإسعاف بسبب التُّخَمة على موائد الإفطار.
وكم يَلحق الأفرادَ والأُسَر في عصرنا الحاضر من مشكلات وأخطار، وهم يَلهثون وراء تقليد بعْضهم في إقامة الحفلات، وتكلُّف المناسبات، والخروج إلى المطاعم حيث الموائدُ المفتوحة، والمبالَغة في تناول الأطعمة والأشربة بلا قيود ولا حدود، في كل شهور السَّنة، وفي رمضان خاصَّة!
وختامًا أقول: إنَّ الاعتدال يؤدِّي إلى وَفر اقتصادي في حياة الفرْد والأسرة، وإلى قوَّة مالية وتِجاريَّة في حياة الدولة والأمَّة، وصدق الله القائل: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}.. [الفرقان : 67].


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.