عندما تكون عاشق لمجال ما، اترك كل تفكيرك السلبي حوله ودع نتائجه غير المرغوب فيها جانبا، فقط توكل على ربك وخذ خطوة إيجابية وأكمل طريقك، وانسى كل ما قيل أو سيقال عنك، وتحدى كل الظروف وعلى رأي المثل (الكلاب تعوي والقافلة تسير). هذا ما حدث معي كطالبة وكأنثى لدى بداياتي في مجال أعشقه ويصعب عمل الأنثى به، وهو مجال الصحافة الذي كنت مولعة به، وأرغب في العمل به بأي حال من الأحوال. هكذا بدأت الحكاية معي عند قبولي بكلية الآداب، قسم الإعلام، بجامعة جنوب الوادي، وكنت قد وضعت في اعتباري دخول شعبة الصحافة، مما جعلني دائمة البحث عن أي جريدة أو مجلة، سواء كانت ورقية أو إليكترونية للعمل بها كمتدربة، فوجهتني الدكتورة هالة كمال نوفل لمجلة إليكترونية تسمى (إحنا كده) ونشرت لي قصة قصيرة، كانت أول عمل أدبي لي باسم (حكاية جنى) ولكن كنت أجد صعوبة في نزول الشارع بمفردي باسم مجلة إليكترونية ليست ورقية، فأكملت طريقي في البحث، رغم كل الظروف والآراء السلبية التي كنت أفكر بها أحيانا، مثل كيف لفتاة صعيدية أن تعمل بمجال كهذا بعد التخرج؟ كيف لها أن تسافر للقاهرة وتعيش بمفردها بحجة العمل كصحفية واختلاطها الدائم بشباب ورجال هذا لايصح أبدا؟ (البنت ملهاش إلا بيت جوزها ومفيش راجل صعيدي يقبل إن مراته تكون صحفية في الشارع) يالها من آراء كانت تقع عليّ مثل الصاعقة الشديدة، ولكن سرعان ما ألقيت كل هذه الأراء وراء ظهري وتخطيت كل الحواجز وبدأت العمل كمتدربة وأنا طالبة، الأمر الذي مثل مفاجأة لكثير من أهلي وأقاربي، غير أن أسرتي كانت الداعم الأول لي، لاسيما والدتي حفظها الله، التي كانت تقول لي (أنا أثق بك وأعلم أن هذا المجال لن يغيرك إلا للأفضل، لذلك أذهبي وابدئي رحلة عملك في مجالك الذي تحبينه وأنا معك فيما تحتاجينه). هذه الكلمات زادتني إصرارا لتكملة طريقي في البحث، وذات يوم كنت أتصفح "الفيسبوك" حيث وجدت منشورا في المجموعة الخاصة بالدفعة مكتوب به (على من يريد العمل كمتدرب في جريدة قوص النهاردة المحلية التواصل معي وحضور الاجتماع الإسبوعي للجريدة) فبدأت بالتواصل مع هذا الشخص فورا وهو الزميل (إبراهيم الديب) حتى أخذت منه رقم مديرة التحرير للتواصل معها وهي (أسماء عطا شرقاوي) وقمت بحضور الاجتماع أنا واثنين من زميلاتي بنفس القسم، وكنت أفكر أثناء الاجتماع كيف لي أن أتحدث مع شباب وأنزل معهم للشارع؟ حيث كنت أرى صعوبة أيضا في النزول للشارع والتحدث مع أشخاص لم أعرفهم. يالها من صعوبة بالغة في بداية الأمر. بدأنا العمل منذ يوم 1 من شهر رمضان عام 2013م حيث كانت البداية صعبة، بسبب المعاناة من الصيام ودرجة الحرارة المرتفعة، ولكن كنت أشعر بالمتعة واللذة في العمل، وكان شهر عمل مثمرا حقا، حيث واجهت أنا وزميلاتي الكثير من المصاعب والمتاعب، وسمعنا الكثير من تعليقات وكلام المواطنين، ولكن زميلاتي لم يكملوا التدريب، فيما واصلت أنا المهمة والتحدي، وتوالت الأيام والأشهر والسنين وأنا مازلت أعمل وأكمل طريقي الصحفي وأتغاضى عن كل ما يحدث معي في الشارع وما يضايقني، وأتحدى كل الظروف والصعوبات التي تواجهني في عملي، وقد كونت الكثير من المصادر والعلاقات الخارجية، وقمت بزيارة قرى لم أعرفها، وتم حل الكثير من المشكلات التي نقوم بعرضها في الجريدة، وبفضل الله تعالى سأتم ثلاث سنوات عمل مع قدوم شهر رمضان المقبل في المؤسسة والإصدار. وفي النهاية أود تقديم خالص الشكر عامة لمؤسسة ولاد البلد وللصحافة المحلية على أنها أتاحت لنا نحن فتيات الصعيد العمل في مثل هذا المجال، وشكر خاص لمديرة تحرير "قوص النهاردة" أسماء عطا شرقاوي، التي كان لها كل الفضل في تكوين وإخراج اسم "منة البشواتي" وشكر خاص أيضا لفريق عمل الجريدة الرائع، وأشكر كل من ساعدني حتى أصل لما أنا فيه الآن.