مي الكناني، عبد الباسط عياش: سلالم مدمرة، جدران مصدعة، وبقايا حديقة، كانت تحوي أندر وأروع الأشجار، قبل أن تتحول إلى مساحة ترابية، كل ذلك في قصر الشناوي، بعد أن تحول إلى مكاتب إدارية تابعة لوزارة الثقافة. يقع قصر الشناوي باشا في شارع الجمهورية بمدينة المنصورة، أنشأه محمد باشا الشناوي عام 1928، أحد أعيان المنصورة، وعضو سابق بمجلسي الشيوخ والنواب، على مساحة 4164 مترًا. يتكون القصر من دورين، بالإضافة إلى البدروم، ويتوسطه حديقة كانت تحتوي على أشجار نادرة، ونافورة بالحديقة الخلفية للقصر. الشناوي باشا عندما قرر إنشاء قصره استعان بنخبة متميزة من المهندسين والعمال الإيطاليين، لينال شهادة من رئيس إيطاليا آنذاك "موسوليني" عام 1931، بأن القصر من أفضل القصور التي شيدت على الطراز الإيطالي خارج إيطاليا. يقول الدكتور مهند فودة، أستاذ بكلية الهندسة بجامعة المنصورة، مؤسس حملة انقذوا المنصورة، إن القصر كان يحتوي على ملاعب تنس، إلا انه في فترة التسعينيات اقتطع ملاك القصر الملاعب من مساحة الحديقة، لبيعها لأحد الشركات الاستثمارية التي أنشأت عليها مشروعًا سكنيًا. وتنتمي واجهات القصر للعمارة الأوروبية، وتحمل بعض ملامح عمارة البحر المتوسط، ويظهر ذلك في الزخارف الجصية الرائعة التي تزين الواجهات الأربعة للقصر. 16 مليون جنيه يتابع فودة في عام 2005، اشترت وزارة الثقافة القصر من مُلاكه ب16 مليون جنيه، ثم سجلته وزارة الآثار كأثر إسلامي، لتبدأ الإعداد لمشروع ترميم القصر وتحويله إلى متحف قومي لمحافظة الدقهلية قبل ثورة يناير 2011، وقدرت تكلفة المشروع آنذاك بخمسة ملايين جنيه تقريبًا،، وكان من المقرر افتتاحه عام 2012، ولكن أحداث الثورة وعجز الميزانية أرجأ الافتتاح. ويحتوى القصر على مجموعة من القطع الأثرية، التي تحكي تاريخ الدقهلية على مر العصور، إلا أن يد الإهمال طالت القصر الفريد وبدأ يفقد بريقه الأثري، لانعدام التمويل. قرار بتحويل القصر إلى متحف وفي العام الماضي قرر الدكتور ممدوح الدماطي، وزير الآثار السابق، إدراج القصر ضمن مشاريع الترميم تمهيدًا لتحويله إلى متحف، واختيار القطع الأثرية المقرر عرضها، وإعداد سيناريو العرض المتحفي، الذي كان قد توقف بعد أحداث ثورة يناير بسبب ضعف التمويل. لا توجد ميزانية بينما يقول سامح الزهار، مسؤول الوعي الأثري بالمحافظة، إنه لم تُعتمد أية ميزانية خاصة لتحويل القصر إلى متحف، ويرى عدم جدوى تنفيذ المشروع، إذ إنه لايجب استخدام المباني التاريخية كمتاحف لأنها غير مؤمنة بالقدر الكافي، كما يتطلب ذلك تركيب أجهزة ومعدات ستؤثر سلبًا على الحالة الإنشائية للمبنى، بحسب قوله. في حيازة الآثار ويقترح الزهار استكمال أعمال الترميم، ليستغل كأثر ثابت، ومن ثم تحويله إلى مركز إبداعي، تقام به العروض المسرحية والسهرات الفنية، على غرار ما تنظمه الوزارة بالتعاون مع صندوق التنمية الثقافية، مشيرًا إلى أن تلك الخطوة، من شأنها أن تدر عائدًا اقتصاديًا. وخلال الأيام الماضية، تفقد المهندس وعد أبو العلا، رئيس قطاع المشروعات بوزارة الآثار، القصر لبحث استكمال أعمال الترميم، كما أجرت منطقة آثار الدقهلية دراسة عن كيفية الاحتفاظ بالطابع الأثري للقصر، واستضافت طلاب المدارس والجامعات لرفع ثقافتهم. توقف أعمال الترميم وتقول أميرة المرسي عبدالغني، مدير عام القصر، إن قصر الشناوي أصبح ملكًا لوزارة الآثار بموجب قرار وزاري صدر في 2005، وكان مجلس الوزراء اشترى القصر من ورثة محمد بك الشناوي، بنحو 16 مليون جنيه لتحويله إلى متحف قومي لمحافظة الدقهلية. توضح أميرة أن عمليات تجهيز القصر إلى متحف بدأت منذ عام 2005، وأسند العمل به وقتها إلى شركة الدفاع الوطني منذ 2010، وكان من المقرر إنشاء بوابة دخول أمنية وغرفة حراسة ومراقبة ومولد كهربائي كبير وحمامات وكافيتريا وبيت هدايا. مدير عام المتحف توضح أن العمل بالمشروع توقف مع اندلاع ثورة 25 يناير عام 2011، مرجعة ذلك إلى عدم وجود تمويل لاستكمال عمليات لترميم القصر. ويظل قرار تحويل القصر إلى متحف متوقف حتى إشعار آخر، إذ يلتزم الجميع الصمت، حتى ثريا محمد الشناوي، الابنة الصغرى للشناوي باشا، يبدو أنها ملت الحديث حول الأمر، بعد أن كانت من الموافقين على بيع القصر بمبلغ لا يتناسب مع سعره الحقيقي نظير أن يتحول إلى متحف، إلا أن شيئًا من ذلك لم يحدث.