الدقهلية بدون متحف قومى يجمع شتات آثارها المبعثرة فى المخازن أو المتناثرة فى متاحف العالم . فهذه هى الدقهلية رغم وجود متحف ابن لقمان اشهر متاحف الوجه البحري الذى يحمل قصة انتصار المصريين وبطولاتهم ضد الغزو الصليبى والذى ينسب للقاضى المصرى ابراهيم بن لقمان وشهد اسر لويس التاسع. ومنذ أعلنت الجهات المعنية عن اختيار قصر محمد بك الشناوى على نيل المنصورة ليكون مقرا للمتحف، وجرت له خطوات عملية تعثرت جراء التطورات السياسية منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن. ولكنه فيما يبدو مقبلا على عملية ترميم ليتحقق حلم أبناء الدقهلية. ويؤكد الدكتور محمد عبداللطيف رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بوزارة الآثار أن قصر الشناوى باشا بالدقهلية سيتم العمل على ترميمه خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وذلك لتأهيله كمتحف قومى للدقهلية . وأضاف ل «الأهرام» على هامش مشاركته فى الملتقى الأثرى الأول بالدلتا.. هذا القصر كان له مشروع متكامل وجاهز حتى عام 2010، وتم البدء فيه بالفعل لكن أحداث 25 يناير تسببت فى إيقاف العمل وتحويل الأموال والدعم المرصود له إلى بنود أخرى لتأمينه، كما انعكس ركود السياحة على موارد الآثار مما أعاق استئناف عملية الترميم مرة أخرى . وبخصوص وجود موظفى الآثار داخل القصر أوضح عبد اللطيف أنه كان قد اتفق مع محافظ الدقهلية السابق على تخصيص شقتين من إسكان المحافظة لشرائهما من قبل الآثار وتحويلهما إلى مقر إداري، وسيتم تجديد الطلب مع محافظ الدقهلية الحالى ويجرى تدبير الاعتمادات المالية لذلك. كان وزير الآثار الأسبق الدكتور محمد إبراهيم قد زار المنصورة فى فبراير 2013 واستعرض مشروع تحويل القصر إلى متحف قومى بتكلفة تبلغ 22 مليون جنيه تتحملها وزارة الآثار، ليضم المتحف الآثار المكتشفة بمحافظة الدقهلية، التى ترجع إلى مختلف العصور منذ عصر ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث، ومن بينها الآثار التى تم العثور عليها فى مركز تمى الأمديد وآثار ترجع لعهد الملك مينا بقرية منشأة عزت التابعة لمركز تمى الأمديد. فالمساحة الكلية للمتحف تبلغ 2450 مترا مسطحا ويتكون من ثلاث أدوار تشتمل على بدروم خصص للتربية المتحفية ومخازن متحفية ومكتبة ودور ارضى يضم قاعة لكبار الزوار وأربع قاعات للعرض المتحفى، ويضم الدور الأول سبع قاعات للعرض المتحفى بينما يضم المتحف حديقة متحفية وملحقتها على مساحة 70 مترا. ولم تتوقف زيارات المتابعة حيث زار القصر فى يناير الماضى الدكتور ممدوح الدماطى وزير الآثار الذى أعلن أن العمل توقف فى قصر الشناوى بسبب اعتماد وزارة الآثار على نفسها فى تمويل مشاريعها حيث توجد تأثيرات سلبية لضعف حركة السياحة مما أدى لتوقف الكثير من المشروعات. ورغم ذلك يؤكد الدكتور محمد طمان رئيس منطقة آثار الدقهلية أن أعمال إعادة ترميم قصر الشناوى سوف تتحرك بشكل إيجابي، مشيرا إلى أن لجنة من قطاع المشروعات بدأت الأسبوع الماضى بحصر كل الأعمال المتوقفة، وسيتم العمل به خلال شهر، كما تتم دراسة نقل الموظفين إلى بدروم القصر بعد إعادة تأهيله . وكان مهند فودة، المدرس المساعد بهندسة المنصورة وعضو لجنة حصر المبانى ذات القيمة التاريخية بالدقهلية قد أعرب عن تطلعه إلى جدية وزارة الآثار هذه المرة فى اتخاذ خطوات عملية سريعة لترميم القصر وإعادة افتتاحه . وأشار فودة فيما قبل إلى أن وزارة الآثار كانت بدأت فى مشروع ترميم القصر بتكلفة إجمالية قدرت بحوالى 5 ملايين جنيه، لكنها اقتصرت على بناء سور يحيط بحديقة القصر وغرفة للأمن، والمعروف أن السيدة ثريا الشناوى قد أستغاثت فى الشهور الماضية بعد حوالى 10 سنوات من شرائه من قبل وزارة الآثار من الورثة بحوالى 16 مليون جنيه دون أن يتم فيه شيء فالقصر كمانقلت عنها الصحف لا يحتاج إلى ترميم وحالته المعمارية جيدة جدا، ولا ينقصه سوى وضع القطع الأثرية بداخله، لكن وزارة الآثار تركته سنوات ثم حفرت أجزاء من الحديقة وهدمت السور الرئيسى للقصر والبوابة الرئيسية. وقد أقيم قصر الشناوى فى عام 1928 وأعتبرته إيطاليا نفسها من أفضل القصور التى شيدت على الطراز المعمارى الإيطالى خارج ايطاليا، وعرف بقصر الأمة بعد أن استضاف الملك فاروق وسعد باشا زغلول. ومحمد بك الشناوى مالك القصر، هو نجل محمد باشا الشناوى عضو سابق بكل من مجلسى الشيوخ والنواب وعضو بارز بحزب الوفد واعتبر من المقربين للزعيم سعد زغلول باشا. ولا يعتبر قصرالشناوى الذى يمثل علامة خاصة فى تاريخ الدقهلية إلا قصة نعتبرها متكررة لقصور مصرية كثير لم تنسب إلى العائلة المالكة، ولكن للأعيان وأصحاب الشخصيات المصرية صاحبة البصمة فى التاريخ. والقضية التى نريد ان نتحدث عنها هى لماذا لا تلتفت الدولة لمثل هذه البيوت والقصور قبل أن تحطمها معاول الهدم ويذهب تاريخ كان. فإذا كان قصر الشناوى يتحدثون عنه بوصفه متحفا مختارا للدقهلية سلمته السيدة ثريا الشناوى لوزارة الثقافة عام 2005 بعد موافقة الورثة، فإن كثير من البيوت لم يصادفها هذا الحظ فى القاهرة والأقاليم والنتيجة موت مفاجئ بالسكتة القلبية لتاريخ لا يمكن تعويضه. فإلى متى؟