بالرغم من قيام وزارة الثقافة والمجلس الأعلى للآثار بشراء قصر «محمد بك الشناوى»، الذى يقع فى أجمل موقع بشارع الجمهورية بمدينة المنصورة منذ نحو 10 سنوات بمبلغ 17 مليون جنيه بهدف تحويله إلى متحف قومى بمحافظة الدقهلية يضم 7 آلاف قطعة أثرية مستخرجة من التلال الأثرية بالمحافظة تنتمى إلى كل العصور التاريخية، إلا أن هذا القصر المشيد نادر الجمال، طالته يد الإهمال الحكومى، وأصبح مأوى للقطط والكلاب، ولم يحرك المسئولون ساكنا حتى الآن وهو الأمر الذى أزعج أسرة محمد بك الشناوى، ومعها جماهير عريضة بمدينة المنصورة من الوضع المزرى الذى آل إليه القصر. تقول ثريا الشناوى، ابنه محمد بك الشناوى العضو البارز بمجلس النواب وعضو حزب الوفد القديم، إن والدها قام ببناء القصر عام 1928 على مساحة 3 آلاف متر مربع منها 700 متر عبارة عن مبنى القصر المكون من أرضى وطابقين بواسطة نخبة متميزة من المهندسين والعمال الإيطاليين، ونال شهادة من رئيس إيطاليا عام 1930 تشهد أن قصره من أفضل القصور التى شيدت على الطراز الإيطالى خارج إيطاليا والذى عرف بقصر الأمة بعد أن استضاف الملك فاروق، والزعيم سعد زغلول، والزعيم مصطفى النحاس، والنقراشى باشا، وإبراهيم باشا عبد الهادى، وقمم فنية مثل أم كلثوم وعبدالوهاب. وتضيف ثريا الشناوى فى حزن بالغ أنه فى عام 2005 قامت وزارة الثقافة ممثلة فى المجلس الأعلى للآثار بشراء القصر ، الذى يعد تحفة معمارية رائعة لتحويله إلى متحف قومى للدقهلية، وتساهلنا نحن الورثة فى ثمن القصر تخليدا لذكرى صاحبه، حيث قدر وقتها بمبلغ 33 مليون جنيه، ورصدت الوزارة عند شرائه مبلغ 20 مليون جنيه لترميمه، ولكن حال عدم توافر هذا التمويل دون التنفيذ، وتم تأجيل عملية الترميم لحين توافر الاعتمادات المطلوبة. ولكن للأسف الشديد بدلا من المحافظة على هذا القصر الرائع، قام المجلس باتخاذه مقرا لموظفيه بالمنصورة والذى يزيد عددهم على المائة، وبالطبع تم تدمير القصر بهذا القرار، حيث نزعت الشبابيك والأبواب، وتلف الباركيه الإيطالى الثمين الذى كان يكسو الأرض، وتحطم سور القصر الذى أصبح مأوى للكلاب والقطط والبلطجية، وأصبحت الحديقة التى كانت رائعة تزين القصر بالنخيل الملوكى والأشجار النادرة خرابة بها أطنان من التراب والردم أمام وخلف القصر، وهو ما جعل أهل المنصورة يعربون عن حزنهم الشديد لما آل إليه مصير هذا القصر. وتطالب الحاجة ثريا فى استغاثة، من خلال الأهرام، باستكمال بناء السور الذى تم هدمه بدون مبرر، حيث أصبح القصر مآوى للبلطجية ليلا، وإخلاء القصر من الموظفين وغلقه والمحافظة عليه، حتى يتم ترميمه وافتتاحه كمتحف قومى للدقهلية. ويقول المهندس مهند فودة المدرس المساعد بهندسة المنصورة وعضو لجنة حصر المبانى المتميزة بالدقهلية، أصبح حال القصر حاليا لا يسر مواطنى المنصورة العاديين، ويغضب الباحثين والمهتمين بقضايا التراث العمرانى، فالسقالات المعدنية تنتشر على واجهاته الأثرية منذ ما يقرب من العامين دون أن يعتليها عامل أو فنى واحد، والحفر بالحديقة لم يستكمل سواء لإقامة صهاريج المياه اللازمة للحريق أو لاستكمال بناء البوابة الالكترونية التى ستخصص لمرور زوار المتحف. ويؤكد فودة أن حجم الأعمال التى تمت فى المتحف لاتزيد على 10٪ من إجمالى حجم الأعمال اللازمة لإتمام المشروع، حيث اقتصرت الأعمال المنتهية على بناء السور الذى يحيط بحديقة القصر من ثلاث جهات وبناء غرفة للأمن وصب جزء من الخرسانات اللازمة لصهاريج المياه وقواعد أساسات البوابة الالكترونية، ومازال المتحف يحتاج توفير المزيد من الإعتمادات المالية لاستكمال باقى الأعمال كأعمال التكييف المركزى، حيث إن اغلب مواسير التكييف ستمتد بسقف دور البدروم حتى لا تشوه أو تخفى الزخارف والرسومات الزيتية بالأسقف وجدران الأدوار العلوية، كذلك أعمال ترميم أرضيات الباركيه الخشبية المميزة، وأعمال الترميمات الجزئية اللازمة لبعض الزخارف والرسومات بالحوائط والأسقف، فأغلبها ما زال يتمتع بحالة ممتازة وأعمال فتارين الزجاج الخاصة بالعرض المتحفى والتى ستصنع خصيصا فى إيطاليا، وكذلك أعمال الإضاءة وإنذار الحريق والسرقة وغيرها. وللأسف منذ توقف الأعمال بالمتحف تم نقل مكاتب موظفى الآثار بالمنصورة إلى القصر وهو ما أثر بالسلب على الأرضيات الباركيه الإيطالى والزخارف بالحوائط، مما تسبب بضرر كبير للقصر الذى كان فى حالة ممتازة حينما استلمته وزارة الآثار من ورثته عام 2005، وانتشرت الآن الرطوبة بجدرانه والحفر بحدائقه بعد إزالة أشجاره النادرة بدعوى إقامة الخزانات الأرضية والقمامة بجوار بقايا أسواره الأثرية، التى تم انتزاعها بدعوى القيام بتنفيذ المشروع.