الفيوم- إسراء سمير: لم يحصل ذوو الاحتياجات الخاصة –خاصة في الفيوم- لسنوات طويلة على حقوقهم التي بدأت متأخرة بعد مطالبة كل فئات المجتمع بحقوقهم قبيل ثورة 25 يناير 2011، لكن مطالب ذوو الاحتياجات الخاصة كانت أبعد ما يكون عن المطالب الفئوية العادية، فهم يطالبون بالمواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات مع المواطن الصحيح سليم البدن. وتنص المادة 81 في الدستور المصري لعام 2014 على أن تلتزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والأقزام، صحيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا وترفيهيًا ورياضيًا وتعليميًا، وتوفير فرص العمل لهم، مع تخصيص نسبة منها لهم، وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهم، وممارستهم لجميع الحقوق السياسية، ودمجهم مع غيرهم من المواطنين. "ولاد البلد" تلقي الضوء على قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة بالفيوم، في ظل الحقوق الدستورية التي يروا أنها ضائعة، والنظرة المجتمعية المشوهة. صعوبة العمل والدراسة يقول مختار سالم، معلّم، "بعد حصولي على شهادتي الجامعية، بحثت لأكثر من ثلاث سنوات حتى أحصل على عمل حكومي، وفي النهاية وظفت بمهنة لا تتوافق مع مؤهلي، والجمعيات الأهلية التي تزعم أنها ترعى ذوي الاحتياجات الخاصة ليست سوى مجرد سبوبة، فلم تقدم أيًا منها سوى خدمات قليلة مقارنة بحجم التبرعات التي تحصل عليها". ويضيف أن نظرة المجتمع لذوي الاحتياجات الخاصة تزداد سوءً يومًا بعد يوم، إذ ينظر لهم على أنهم في حاجة إلى الشفقة. ويشير سالم إلى أن ذوي الاختياجات الخاصة ليسوا في حاجة إلى شفقة بقدر ما هم بحاجة إلى اهتمام بهم من ناحية التعليم والتثقيف، وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة ما يجعل من الحياة جحيمًا لنا وسط كل هذه الظروف. وتذكر مروة روبي، طالبة ماجستير أن مشكلات ذوي الاحتياجات الخاصة كثيرة جدًا، أولها صعوبة الحصول على فرصة عمل. وتضيف "أنا كنت من أوائل دفعتي وحتى الآن لم أحظ بالتعيين في الجامعة، أو حتى بالتدريس ما قبل الجامعي، والمجتمع ينظر إلى ذي الاحتياجات الخاصة على أنه عاطل وعديم الفائدة، ويشكل عبئًا على الدولة، وليس من حقه الدفاع عن أي مطلب يتعلق بحياته". وتكمل مروة "حتى رأينا الانتخابي، لم نسمع عن مرشح معاق أو مرشح سوي تكلم عن ذوي الاحتياجات الخاصة، أو وضع في برنامجه ما يخدم أوضاعهم الاجتماعية، وأضف إلى ذلك مشكلة المواصلات". وتضيف، كما أن علاقة تعامل المجتمع معنا تؤثر على حالتنا النفسية، وتسبب إحباط في أغلب الأوقات، ونشعر بعجز كبير نتمنى أحيانًا بسببه الموت أو الانتحار، وهو ما يؤدي إلى ضعف تواصلنا وانعزالنا عن الآخرين. ويتساءل حسنى عطية، طالب بدرجة الماجستير: لماذا لا يحصل ذوو الاحتياجات الخاصة على فرص عمل؟ وهو ما أعاني منه شخصيًا، فقد تقدمت لإكمال دراستي وحصولي على درجة الماجستير لرفع كفاءتي العلمية وحصولي على عمل يوافق مؤهلي. ويكمل "تعترضني مشكلات عديدة كل يوم في دراستي تتمثل في عدم وجود أي كتب ومصادر مترجمة تخدم مجال دراستي، إضافة إلى عدم وجود أجهزة مهيأة تساعدنا أثناء دراستنا، ما يجعلني أمثل عبئًا على أفراد أسرتي أو زملاء الجامعة. ويقول مدحت حسن، طالب جامعي، إن مركز ذوي الاحتياجات الخاصة بجامعة الفيوم يخدمنا إلى حد ما في مجال التحصيل العلمي، من توفير كتب بطريقة برايل لمساعدة المعاق في التعلم، لكن مشكلتنا الوحيدة في التعليم هي عدم توافر كل كتب الدراسة السنوية بطريقة برايل، وبالتالي نكون في حاجة إلي من يقرأ لنا، فمن يتحمل كل هذه الأعباء؟. خلل في طبيعة المجتمع ويوضح محمد سيف النصر، رئيس مجلس إدارة جمعية إيد في إيد، وأحد ذوي الاحتياجات الخاصة، أن طبيعة المجتمع بها خلل بشكل عام يتبلور في نظرته السلبية لنا، واعتقاده أننا حالة غير سوية في المجتمع وعبء عليه، وغير صالح للوجود بين الأسوياء، فالمجتمع يلفظنا دون النظر لواقعية وظلامية ما نعايشه من ضغوط اجتماعية واقتصادية. ويشير محي ثابت إلى أنه يعمل بجد وتعب، لكنه لا يتقاضي أجرًا يكفي ويغطي تكاليف حياته المعيشية مقارنة بطبيعة العمل، هذا بجانب نظرات المجتمع، فما بين الشفقة أحيانًا، والسخرية والاستهزاء أحيانًا أخرى، ولا نجد من يطالب بحقوقنا في العمل أو الرعاية الصحية، ولم نسمع عن مسؤول يتحدث عن ذوي الاحتياجات الخاصة أو يهتم بمشكلاتهم. ويتحدث ناصر صدقي، صاحب كشك قئلًا "أنا وزوجتي من ذوي الاحتياجات الخاصة، ومنذ أكثر من خمس سنوات نعاني من عدم وجود دخل يكفي لتربية أولادنا، حتى الكشك تعبت من صعوبة الحصول على تجديد لرخصته، ومهدد في أي لحظة بإزالته وضياع مصدر دخلي". ويتساءل صدقي "فين حقوقنا الدستورية، فين منظمات المجتمع المدني التي تجمع تبرعات باسمنا" اللعب على وتر العاطفة يقول محمد البجيجي، عضو مجلس أمناء المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة تنال زخمًا إعلاميًا كبيرًا، لكنه بلا فائدة، وأصبحت القضية مجرد تجسيد لمشاعرهم فقط، دون البحث عن حلول لمشكلاتهم، ولم نجد جمعيات أهلية تقدم خدمات حقيقية وتبث فكرة واضحة عن المعاق، وليس مجرد اللعب على وتر العاطفة، بهدف جمع التبرعات التي تأتي ولا يحصل ذوو الاحتياجات الخاصة على أي شيء منها. ويضيف البجيجي، بوسعنا القول أن معظم المعاقين يصفون الجمعيات الأهلية بأنها مجرد واجهة للاتجار بقضاياهم، فمتى تُفعّل نصوص الدستور التي منحتهم حقوقا؟ مضيفًا، نحن في حاجة إلى أن يغير المجتمع من نظرته السلبية تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة، والتي جاءت عبر ثقافة تراكمية تنظر إليه بتهكم وسخرية. بارقة أمل ويعبر جمال عوض الله، المتحدث الرسمي باسم ذوي الاحتياجات الخاصة بالفيوم، عن حزنه بسبب إهدار حقوقهم؛ رغم حصولهم عليها من خلال المستوى التشريعي والدستوري، لكن المشكلة أنها تفتقد إلى تطبيق. ويشير عوض الله إلى أنه ومجموعة من زملائه أنشأوا جمعية باسم الأمل والإرادة، يرأسها واحد من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهدف الجمعية إلى مساعدة هذه الفئة، مردفًا "نجحنا فس توفيرعشرات الأجهزة التعويضية والأطراف الصناعية التي تمنح مجانًا لمبتوري الذراع أو القدم من مصابي حوادث السير". ويتابع عوض الله أن هناك جمعيات أهلية لا تعبأ بمشكلاتنا بقدر ما يعبأون بجمع التبرعات، ونتمنى أن نتخلص في الفترة المقبلة من هذه الجمعيات، ولدينا بارقة أمل أن يوافق المستشار وائل مكرم محافظ الفيوم، على تعيين عدد كبير من ذوي الإعاقة سنويًا، بدء من العام المقبل، احتفالًا بيوم المعاق، حيث وعد بذلك.