أحمد أمين عرفات حسناء الجريسى مخطئ من يظن أنهم يلقون الرعاية والعناية كما يشاع، فهم ورقة يلعب بها الجميع لأغراض فى نفوسهم. إنهم مصابو الثورة وذوو الاحتياجات الخاصة، الذى صدعنا الإعلام بكل طوائفه حكومية وخاصة والأحزاب كرتونية منها وخشبية بل ومنظمات المجتمع المدنى التى بكت كثيرا باسمهم أضف إلى ذلك المرشحين بكل أنواعهم وطوائفهم، سواء نقابية أم برلمانية ثبت فسادها، وكذا كبار المسئولين فى الدولة. حتى توهمنا أن هؤلاء يعيشون حياة رغدة، بل تمنى البعض أن يكون منهم ليس بدافع الوطنية، وإنما لإيجاد لقمة عيش وإن كانت مغموسة فى ذل الحاجة. ولنا أن نعرف أولا أن المقصود بمصابى الثورة هم الذين أصيبوا فى 25 يناير 2011 ، وأحداث محمد محمود الأولى والثانية، وكذا أحداث مجلس الوزراء، وأحداث ماسبيرو، وأخيرا ما حدث فى عهد الرئيس المعزول مرسى فى أحداث الاتحادية وغيرها، وهؤلاء تتضارب أرقام تعدادهم ما بين وزارة الصحة التى تقول إنهم بلغوا عشرة آلاف مصاب، بينما تفاجئنا وزارة العدل بأنها لا تعترف إلا بثلاثة آلاف وأربعمائة مصاب. فى نفس الوقت تقول إحصائيات المجلس القومى لمصابى الثورة إن تعدادهم ستة آلاف مصاب. أما الرقم الغريب الصادم هو تعداد ذوى الاحتياجات الخاصة حسب قول محمد سيد شعراوى، رئيس النقابة المستقلة لذوى الاحتياجات الخاصة هو 19 مليون معاق. منها بعض القرى التى تحتوى إحداها على 500 معاق، بل هناك عائلات فيها أربعة أشقاء معاقين ويصل عدد أصواتهم الانتخابية نحو 7 ملايين صوت . بدورها «الأهرام العربى» قامت بعمل ملف صحفى يرصد الظاهرة ويلتقى المسئولين عنها وتصوراتهم لحلول المشكلة. * ملف المعاقين «التحدى» الحقيقى للرئيس الجديد يعانى ذوو الاحتياجات الخاصة فى مصر من مشاكل عديدة، منها التعليم، الصحة، المسكن، المواصلات بينما المشكلة الأكثر خطورة والتى تتسبب لهم فى حدوث أزمات نفسية، هى ثقافة المجتمع الذى يتعامل معهم من باب الشفقة أو العطف، تلك الفئة التى تضم عددا كبيرا من حاملى شهادات الماجستير والدكتواره فى بلد لايعترف بأصحاب الشهادات ذوى الإعاقة، وكل مطالبهم الحصول على حقهم فى العمل والتعامل معهم على أنهم مواطنون عاديون لهم حق فى الزواج والرعاية الصحية، والدمج فى التعليم لا أفراد يتصارع المرشحون لجلب أصواتهم الانتخابية بغية الوصول «للكرسى» سواء كان فى البرلمان أم الرئاسة وبعد ذلك يتجاهلهم . والسؤال الذى يطرح نفسه هل المادة 81 من الدستور جاءت لتحل مشاكلهم ؟! ولتكون بارقة أمل فى طريق الحصول على حقوقهم فى العمل والتعليم أم أنها مجرد حبر على ورق. هل سيضع الرئيس المقبل ملف المعاقين ضمن أولوياته تلك الفئة التى بلغت 5،8مليون فرد يعانون دون مستجيب ، والتى تكاد تكون قنبلة موقوتة تنفجر دون سابق إنذار؟ يقول محمد سيد شعرواى رئيس النقابة المستقلة لذوى الاحتياجات الخاصة مدرب كمبيوتر وفنى الحركة بالعصا البيضاء وضمن مؤسسى حملة حقي، حاصل على بكالوريوس تجارة وأول محاسب كفيف على مستوى العالم يتعامل مع الكمبيوتر،عملت محاسبا فى إحدى الشركات، ونظرا لطول المسافة بين العمل ومكان مسكنى تركت الشركة التى كنت أعمل بها لشعورى بالتعب الشديد. وعن معاناته يحكى : تواجهنا مشاكل عديدة تتمثل فى ثقافة المجتمع الذى يتعامل معنا من باب الشفقة، وللأسف حقوقنا مهضومة فى وطننا، لا نحصل على حقنا فى التأمين الصحى، والمسكن، الدمج فى التعليم، الزواج وأصبح كل شيء يواجهنا يمثل مشكلة لنا. يلفت النظر إلى أن المادة 81 من الدستور تم وضعها فى الوقت بدل الضائع، فالدستور الجديد كفل لنا حقوقا كثيرة لم نكن نتطلع لها من قبل، لكننا نخشى أن يكون مجرد حبر على ورق. مشيرا إلى أن أول نقابة لذوى الإعاقة تم تأسيسها فى الإسكندرية، لكن للأسف لم تقم بأى دور فاعل، لذلك قررنا إنشاء نقابة أخرى فى القاهرة، وبعض محافظات مصر، وبالفعل تم تأسيس عدد من النقابات فى خمس محافظات، لافتا النظرإلى أن عدد الأعضاء فى نقابة القاهرة يصل إلى 65 عضوا،وبالنسبة للتمويل فالنقابة قائمة على اشتراكات الأعضاء، حيث يصل اشتراك العضو إلى 60 جنيها. ويستطرد قائلا: عندما قررت تأسيس النقابة نظرت للأمر من زاوية اقتصادية، خصوصا أن الوضع الاقتصادى لمصر بعد ثورة 25 يناير كان سيئا للغاية ومازال، فقررت حصر عدد ذوى الإعاقة من جميع الفئات « إعاقة ذهنية حركية سمعية بصرية قصار القامة وبلغ عددهم 19مليون معاق على مستوى الجمهورية. يضيف: هنا قررت إقامة مؤتمر» لحملة حقى» فى محافظة المنيا والكارثة التى وجدتها فى قرية» دير البرشا « ما يزيد على 500معاق، الأسرة الواحدة فيها أربعة معاقين، تخيلوا هذا الرقم فى قرية صغيرة!،الغريب أن القرية لا يوجد بها أى خدمة تذكر لا صحية ولا تعليمية. وعن الدور الذى تقوم به النقابة المستقلة لذوى الإعاقة يقول شعراوى: هذه النقابة تم إنشاؤها على أساس أن الجمعية العمومية تتعدى الخمسين فردا من ذوى الإعاقة إشهارها يتم من قبل وزارة القوى العاملة، وليس وزارة التضامن الاجتماعى مثلها مثل أى نقابة. وعن الخدمات التى قدمتها النقابة للمعاقين يقول : من ضمن الخدمات التى قمنا بها قبل ثورة 30 يونيو «الخدمة الصوتية فى محطات المترو، بحيث يستطيع ذوى الإعاقة البصرية التعرف على اسم المحطة، وتم ذلك بالخط الثالث «العتبة العباسية»، وهى خدمة عامة استفاد منها المغتربون أيضا، لكن للأسف تم إغلاقها ولا ندرى لماذا؟! أيضا كان لنا دور فى وضع المادة 81من الدستور الحالى، و هناك عدد من القوانين الخاصة بالمعاقين نجمعها لنضعها على مكتب الرئيس المقبل. ويشير شعراوى إلى أن مشاريع هذه القوانين تتمثل فى الصحة التعليم، المسكن،تهيئة المرافق والبيئة المحيطة،وكذلك قانون العمل، ففى حالة توفير فرصة عمل براتب جيد، سيحل للمعاق مشاكل كثيرة، بمعنى أنه سيكون بمقدورنا طالما يتوافر لدينا المال، أن نقوم بتأجير شقة «وفقا للقانون الجديد» مطالبا: لابد من تفعيل الخمسة فى المئة عمل المتاحة لنا وهذا لن يتم إلا من خلال الإعلام. ويتفاءل شعرواى قائلا: عندى أمل فى الله أن كل ما نحلم به سيتحقق فى يوم من الأيام، راصدا عدد المعاقين فى مصر. عدد الإعاقة البصرية 3 ملايين كفيف، 5 ملايين ضعاف وصم وبكم، 4 ملايين ونصف المليون إعاقة حركية، 3 ملايين إعاقة ذهنية بالإضافة إلى 300 ألف قصار القامة. ويلفت النظر إلى أن قانون39 لسنة 1978 تم تعديله برقم 49 لسنة 1982 والخاص بعمل ذوى الإعاقة فى القطاع الخاص، ينص على أن الغرامة 100جنيه، مما يجعل صاحب العمل يفضل دفع الغرامة عن الاستعانة بمعاق فى العمل لديه، لماذا لا تحذو مصر حذو السويد التى كانت تعانى أزمة اقتصادية شديدة عام 1982، وسرعان ما تخطت هذه الأزمة «بالمعاقين» عندما تحولوا إلى وحدة إنتاجية . ويطالب رئيس النقابة المستقلة نحن كفئة مكفوفين نحتاج إلى الدمج فى التعليم، فبعد انتهاء الدراسة لا نستطيع التعامل مع الناس على أرض الواقع، نحن نعامل فى مصر، بخلاف بعض الدول العربية كالإمارات التى يتم فيها دمج ذوى الإعاقة فى التعليم مع الطلبة العاديين، هذا فضلا على النظر لنا على أننا غير مؤهلين لأى شىء . ويلفت النظر إلى أن د. طه حسين كان كفيفا، وعلى الرغم من ذلك كان وزيرا للمعارف منذ عام 1952حتى عام 1954، ويأسف بينما نحن لم نحصل على أى مناصب حتى الآن،الدولة رافضة أن تقبلنا كمواطنين برغم أن،تعداد المعاقين يتكلم نيابة عنا وكأنه يقول «ياحكومة الحقينا» . وتحدثنا إيمان مراد حاصلة على ليسانس حقوق وتعانى الإعاقة الحركية قائلة: علاقتى بملف المعاقين بدأت عام 2088 عندما كانت مصر تصدق على الاتفاقية الدولية لحقوق «ذوى الإعاقة»، وكنت وقتها أعمل مع مؤسسات المجتمع المدنى التى كانت تجوب القرى والمحافظات لترصد مشاكل المعاقين، حتى يتم مناقشتها لوضعها فى بنود الاتفاقية الدولية خارج مصر. وتضيف: ومن ضمن المحافظات التى قمنا بزيارتها، المنيا وهناك واجهنا مشاكل عديدة منها أن الناس هناك رفضوا دخولنا لمنازلهم وكانوا يخبئون أطفالهم المعاقين. وتتابع: مراد وجدنا فى قرى هذه المحافظة عددا كبيرا من المعاقين، لدرجة أننا، شاهدنا طفلا معاقا ذهنيا وكانت والدته تربطه بالحبل خشية خروجه للشارع، حتى لا يعايرها به أحد من أهل القرية وقالت لنا هذه السيدة .»ياريت يموت عشان لو مت وتركته حيتعذب». وترى: أنه من حقنا كمواطنين المشاركة السياسية، وتوفير السبل التى تساعدنا على ذلك،كمصابة بالإعاقة الحركية حتى أذهب للمشاركة فى الانتخابات أحتاج أربع أفراد كى يحملوننى لأدلى بصوتى، فلماذا لا توفر الدولة لنا لجان فى الدور الأرضى؟ ولماذا لا يضعوابرايل فى اللجنة؟ وتحكي: إيمان اعاقتى جاءت بعد 10سنوات وكانت نتيجة وقوعى من الدور الرابع وبرغم أننى أجريت العديد من العمليات فإنها باءت بالفشل. والدتى قالت لى: الإعاقة نعمة وطاقة إما توظفيها وتصبحين شخصاً فاعلاً فى المجتمع وإما أن تختبئى وراءها، فما كان منى سوى التفكير فى هذه العبارات، واكتشفت أن ربنا أنعم على بطاقة كبيرة والحمد لله وتضيف: عندما كنت فى المدرسة «الثانوية» كان فصلى فى الدور الثانى وكان ذلك يسب لى ضيق نفسي، وكنت أتساءل لماذا لم يتم عمل فصول للمعاقين فى الدور الأرضى؟ وبرغم أننى» كنت شايفة نفسى إنسانة عادية أمارس حياتى بشكل طبيعي، وأخرج للنزهة مع أصحابي، لكن نظرة الناس طوال الوقت «كانت تحسسنى أننى معاقة». وعن معاقى الصم والبكم تتحدث مراد قائلة الصم والبكم أكثر فئة محرومة من التعليم بأنواعه تجارى وصناعى والثانوى، هذا فضلا عن أن المواد التى تدرس لهم كثيرة ولا علاقة لها بالواقع، وتأسف: المدرسون يتعاملون معهم فى الدراسة على أنهم أشخاص عاديون مما يجعلهم غير قادرين على التواصل مع المجتمع،وأهم مطلب لهم أن تكون لغة الإشارة لغة معتمدة. وتتساءل لماذا لا يسلط الإعلام الضوء على النماذج الناجحة من المعاقين، لماذا ينظر لنا طوال الوقت على أننا محمود عبد العزيز فى فيلم الكتكات وسميحة أيوب فى مسلسل»؟ وترى، أن الإعلام أداة خطيرة لابد من توظيفها بطريقة صحيحة فى عام 2010 قمنا بتأسيس «حملة طرق الأبواب» وركزنا فيها على الأطفال، كنا نتحدث مع الأمهات عن كيفية التعامل معهم وتنمية مهاراتهم وقدراتهم. وتختتم حديثها قائلة: أيام حكم الإخوان عرضوا علىّ تولى أمانة المرأة فى حزب الحرية والعدالة، وكان المغزى من ذلك أن أكون بروازا بجانبهم، لكنى رفضت هذا الأمر برمته، فلا أقبل أن أكون أداة يستغلونها لمصالحهم الشخصية. ويلتقط طرف الحديث حسن على قصار قامة مأمور ضرائب مستشار تحكيم دولى فى العلاقات الدبلوماسية وهو يمثل نوعا آخر من الإعاقة قائلا: نحن لا نحسب ضمن الإعاقات فى مصر، لكن يتم تصنيفنا على أننا «أقزام «، وبالتالى نواجه العديد من المشاكل أبرزها المواصلات، فلا يوجد فى مصر عربات مجهزة لقصار القامة تتناسب مع طبيعة تكوينهم. ويضيف صحيح أن تكويننا سليم لكن معاناتنا تتمثل فى قصرنا الشديد فعددنا يبلغ المليون ونصف المليون . ويقول تقدمت لشراء سيارة أربع مرات، وفى كل مرة وبعد الكشف يرفض طلبى، والسبب «قصر القامة» بحجة أننى لا أطول التابلوه . لافتا إلى أن كل من يقل طوله عن 140 سم يعامل على أنه قزم، والمشكلة الأكبر التى تواجهنى هى الزواج، كل ما أتقدم لفتاة تقول لى الجملة المعتادة «خلينا إخوات « طبعا أنا مثل أى شاب بحلم بشريكة حياتى ولا أرغب فى الزواج من فتاة فى مثل حالى، فنحن بذلك نساعد على تفاقم المشكلة. وأخشى أن يكون أولادى موضعا للسخرية، فنحن نتعرض كثيرا للسخرية والتهكم من الناس والدراما أيضا وظهر ذلك فى «فيلم باب الحديد». بينما يقول عز الدين عقل، متبنى ملف «ذوى الاحتياجات الخاصة والذى توجهنا له بالسؤال ما سبب تبنيك لهذا الملف؟ وجاءت إجابته لأنهم الفئة الأكثر احتياجا، والتى يهملها المسئولون الذين طرقنا أبوابهم، لكن لم يستجب أحد باستثناء د. عمرو حلمى، وزير الصحة الأسبق والذى حاول مساعدتنا فى حل مشكلة التأمين الصحى، لكن للأسف خروجه من الوزارة صعب الأمر علينا. مشيرا إلى أن مشاكل المعاقين كثيرة أهمها لابد من تغيير نظرة المجتمع لهم، وللأسف لا يهتم بهم مسئول إلا فى حالة الترشح للانتخابات فهم ينظرون إليهم فقط على أنهم كتلة تصويتية لاأكثر ولا أقل. ويشيد عقل برئيس الهيئة العامة للكتاب د.أحمد مجاهد فهو الرجل الوحيد الذى استجاب لنا وقرر إصدار كتاب بالهيئة عن المعاقين، وفى الغالب سأكتبه لأننى ملم بكل جوانب هذا الملف وسأتناول فى الكتاب طرح حلول لمشاكل ذوى الإعاقة الذين ضاعت حقوقهم أيام «مبارك». ويضيف عندما علمت بأن هيئة النقل تعاقدت مع الإمارات على 500 أتوبيس أيام «حكومة الببلاوي» أرسلت له خطابا أقول فيه «برجاء الأخذ فى الاعتبار للمعاقين». ويقترح عز الدين بضرورة إنشاء أكشاك فى كل محافظات مصر لتقبل شكواهم، وبذلك نستطيع الوصول إلى التعداد الحقيقى للمعاقين فى مصر، خصوصا أنه لا توجد أى جهة حكومية تقدم العدد الحقيقى، حتى منظمات المجتمع المدنى ليسوا على اتصال بالجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، وبالتالى هذا يتيح لنا تصنيف كل إعاقة، لافتا النظر إلى أن نسبة المعاقين هربانة من التعداد المركزى، لأن الأسرة تخاف أن تعلن أن لديها ابنا معاق. ويطالب عز الدين بإقامة مدينة للمعاقين،وحل مشاكل المواصلات وتغيير ثقافة المجتمع من نظرة عطف إلى نظرة حقوق وأنهم مواطنون فى هذه الدولة لهم حقوق، لافتا النظر إلى أن أى معاقاً يتعامل فى أقسام الشرطة على «أنه كلب» فلابد أن يحصل المعاقون على حقهم المشروع فى تولى مناصب فى الدولة خاصة ويوجد من بينهم كوادر وحاصلون على الدكتوراه، ويختتم قوله قررنا منع دعم حمدين صباحى فى هذه الجولة الانتخابية لرئاسة الجمهورية. * مصابو الثورة .. يهددون بالتصعيد دوليا مجلس قومى خاص بهم لرعايتهم، ووظائف وشقق تم توفيرها لهم، علاوة على المواصلات المجانية والتعويضات التى تصلهم من كل رجال أعمال وجهات عديدة، هكذا صورتهم بعض وسائل الإعلام بشكل جعل الكثيرين يراهم من المحظوظين، اقتربنا منهم فكانت المفاجآت فى البداية يقول إيهاب الغباشى المنسق العام لرابطة أسر الشهداء والمصابين : رحلتنا منذ أن أصبحنا نحمل لقب مصابى الثورة كلها معاناة، وبرغم ذلك حاربنا طويلا من أجل الحصول على حقوقنا، ونجحنا فى أن يصبح لنا المجلس القومى لرعاية أسر الشهداء ومصابى الثورة، والذى بدأ بداية قوية فى عهد الجنزورى رئيس الوزراء الأسبق، حيث صدرت قرارات حاسمة لنا تتعلق بالعلاج و ركوب المواصلات العامة مجانا، وتم تخصيص شقق لأصحاب العجز الكلى، وكذلك توظيف الكثيرين، لدرجة أن وسائل الإعلام وقتها كانت تنظر إلينا على أننا أصبحنا نعيش فى عالم من الرخاء، ولكن ما لا يعلمه الجميع أنه بعد رحيل الجنزورى أهمل ملفنا، وتدهورت حالتنا بشكل كبير فى عهد مرسى، وأصبح المجلس لا يهتم بنا بل يدعى إنجازات لم تحدث، مثل ادعائه بأن هناك من حصلوا على شقق، فعقدنا مؤتمرا كشفنا فيه الحقيقة، وطالبنا مرسى بتغيير الأمين العام للمجلس، خصوصا بعد أن ظهر لنا أن هناك فسادا مالىا ومحاضر رشوة تم تحريرها، وبالفعل تم تغيير الأمين العام، لكن فوجئنا بعدها بمرسى يدخلنا فى صراعات سياسية، تصادمية بإقحامنا فى الإعلان الدستورى من خلال إعادة المحاكمات المتعلقة بنا، لنكتشف أن مرسى يتاجر بنا سياسيا، وتأكد لنا ذلك عندما قال لنا النائب العام الذى جاء به الرئيس المعزول إنه لا يمكن إعادة محاكمات بدون أدلة جديدة، علاوة على أن ذلك أدخلنا فى صدام مع القوى الثورية . وعن التعويضات التى حصلوا عليها قال: لقد قيل إننا حصلنا على تعويضات كبيرة وهو غير صحيح، نحن أنفسنا سمعنا بأن هناك تبرعات جاءت لنا بنحو 250 مليون جنيه، ولكن لم يتم توزيعها على أحد، أما التبرعات الفعلية التى وصلتنا فقد بدأت عندما كان المجلس يحمل اسم صندوق رعاية أسر الشهداء ومصابى الثورة، حيث أصبح له ميزانية بدأت بمائة مليون منحة من القوات المسلحة تم توزيعها بمعدل 5 آلاف للمصاب و30 ألفا لأسرة الشهيد، برغم أن هناك مصابين دفعوا على علاجهم مئات الآلاف، فأنا على سبيل المثال أجريت عمليات وصلت لنحو مائة ألف جنيه. وبعيدا عن ذلك فكلها مجرد وعود ولا يتحقق منها أى شىء فالدكتورة مها الرباط وزيرة الصحة السابقة على سبيل المثال كانت قد أعلنت بأنها ستعطى لكل مصاب 10 آلاف يورو مساعدة من الصحة للسفر للخارج، وأنها ستخصص لنا أقساما على مستوى عال بالمستشفيات، ولم يحدث أى شيء، وحتى الشقق التى تم تخصيصها لمصابى العجز الكلى وعددها 64 شقة، وأقاموا الاحتفالات وسلموا خلالها عقود الشقق، لم يتم تسليمها حتى الآن، فالجميع سواء مسئولين أم من منظمات المجتمع المدنى يلعبون ويتاجرون بنا من أجل ال « شو « الإعلامى . وحول العدد الحقيقى لمصابى الثورة قال مباشر: لا يزال هناك تضارب فى الأرقام، فبينما مسجل لدينا فى المجلس محو 6 آلاف، نجد هذا الرقم يتجاوز العشرة آلاف فى وزارة الصحة، بينما ينخفض بشكل كبير ليصل لنحو 3400 فى أوراق وزارة العدل، واعتقد أن الرقم الأخير هو الأقرب للدقة، لأنه جاء وفقا للقضايا الخاصة بقتل الثوار والمتظاهرين، ومن خلال الطب الشرعى الذى أثبت بأن هؤلاء هم من أصيبوا بطلقات نارية، بينما كانت وزارة الصحة تسجل كل من يأتيها مصابا أو منقولا بالإسعاف على أنه حصيلة أحداث الثورة، أما المجلس فكل ما كان يطلبه لاعتبار الشخص المتقدم له مصابا، أن يكون هناك محضر الشرطة يؤكد أصابته أثناء الثورة وبجوار هذا الشرط مدون عبارة « إن وجد» بجانب صورة البطاقة وصحيفة الحالة الجنائية وقيد عائلى، وتقرير طبى، ثبت فيما بعد أن أغلب هذه التقارير كان مزورا . وهناك دعوى قضائية أقامها المجلس ضد 84 حالة تحمل صفة مصاب ثورة وهى ليست كذلك وتهمتهم هى التزوير والاستيلاء على المال العام، فقائمة مصابى الثورة بالمجلس تضم حالات كثيرة لا علاقة لها بالثورة، وقد وجدت محضرا مثبتا فيه أن المصاب أصيب أثناء وجوده بأحد المولات الشهيرة التى تم سرقتها أثناء الثورة، فقد كان هناك ليسرق وأصيب، وبدلا من أن يتحول إلى النيابة كلص، أصبح من مصابى الثورة، وأثناء زيارتنا لأسيوط اكتشفنا أن هناك سجينا تم إطلاق النار عليه وهو يهرب من سجنه، فذهب إلى القسم وحرر محضرا بالإصابة، بينما هناك محضر آخر بهروبه فى نفس التوقيت، والمحضران موجودان بملفه، ولكنه فى النهاية يحمل لقب «مصاب ثورة « لذلك نطالب بفرز حقيقى لإخراج من لا يستحق أن يكون بيننا، لأن الإعلام يستغل ذلك باتهامنا بأن مصابى الثورة ماهم إلا لصوص وبلطجية، علاوة على أنهم يستفيدون بمزايا لا يستحقونها . تهديد وبلطجية ويواصل مباشر قائلا: إن ملف مصابى الثورة يعانى حاليا من الإهمال، فالعلاج توقف بعد أن أعلنت المستشفيات أن هناك مديونيات لها لدى المجلس لم يتم دفعها، مثل قصر العينى الفرنساوى الذى يرفض علاج مصابى الثورة منذ نحو شهرين، لأن له مستحقات لدى المجلس تقدر بنحو 800 ألف جنيه، ونفس الشيء بالنسبة لمركز تأهيل العجوزة، فقد طرد نحو 18 حالة، وهذه الحالات تعانى تيبس فى الجسم، وبالتالى فقد يؤدى توقف علاجهم إلى موتهم، وبين عناد المجلس الذى يرفض دفع المستحقات التى عليه وبين رفض المستشفيات، فإن مصابى الثورة هم من يدفع الثمن . كما نطالب بأن تعود علاقتنا برئاسة الجمهورية التى كانت تخصص لنا مستشارا بها ليكون مسئولا عن ملفنا، كما كانت الحال فى الماضى عندما كان المستشار محمد فؤاد جاد الله، مستشار رئيس الجمهورية هو المسئول عن ملفنا قبل أن يتقدم باستقالته منذ شهور قليلة . وفى حالة عدم تحقق هذه المطالب يشير مباشر قائلا : نحن لدينا خطة تصعيدية لو لم يتم الالتفات لملفنا، منها الإضراب عن العمل، علاوة على أننا خاطبنا المجتمع الدولى والأمم المتحدة التى سبق أن كرمتنا فى يوم المعاق العالمى الماضى، وأبلغناهم بأننا وصلنا لوضع سىء جدا فى مصر، بسبب إهمال المسئولين لنا . الكارنيه التائه ومن جانبه يقول حلمى أبو المعاطى إبراهيم، عضو مجلس إدارة المجلس القومى لرعاية أسر الشهداء ومصابى الثورة والذى فقد بصره أثناء مشاركته فى ثورة 25 يناير : هناك إصرار على تجاهلنا من الحكومات المتتابعة منذ هشام قنديل ومرورا بالببلاوى وحتى محلب، والببلاوى نفسه رئيس الوزراء السابق لا أعتقد أنه كان يعرف أن هناك مجلسا اسمه مجلس رعاية أسر الشهداء ومصابى الثورة، وأنه هو رئيسه، لأن هذا المجلس ما هو إلا مجلس وزراء مصغر يترأسه رئيس الحكومة وأغلب أعضائه من الوزراء مثل الصحة والتعليم والتضامن، وبعد أن كان هناك اجتماع شهرى فى عهد الجنزورى، تقلص أيام هشام قنديل فلم ينعقد سوى مرتين فقط، بينما لم يفكر الببلاوى فى عقده ولو مرة واحدة فى فترته، وحتى الآن نفس الشىء بالنسبة لمحلب. والدليل الأكبر على تهميشنا أنه لم يمثلنا أحد فى لجنة الخمسين ولو بصفة احتياطية، حتى الحوار المحتمعى الذى كان يجريه أحمد المسلمانى مستشار الرئيس لم يلتفت لنا، ولم يستعن بأحد من أسر الشهداء أو المصابين لكى يتحدث معه، برغم أنه التقى الحرفيين وحتى الباعة الجائلين، وما يحدث حاليا من وعود من محلب لا يخرج عن كونه رد فعل تجاه الأحداث الجارية حاليا، ولا أدرى لماذا كل هذا ؟ فقد أصبحت هناك نظرة سلبية تجاه أسر شهداء ومصابى ثورة 25 يناير، فالجميع يريد تقزيمهم وتهميشهم ويرون أننا لا نستحق ما حصلنا عليه من حقوق، وأن بعد ثورة 30 يونيو أصبح الرجوع لكل ما يمت لثورة يناير بمثابة النكسة كما يحلو للبعض أن يصفها . لدرجة أن كل القرارات التى حصلنا عليها فى عهد الجنزورى الذى اراه الوحيد الذى كان يعمل بحماسة من أجلنا أصبحت حبيسة الأدراج ومجرد حبر على ورق، فمثلا لدينا إعفاء من مصروفات التعليم وعندما تذهب، يقولون إنه لم يأتنا قرار من التعليم، والشقق برغم تخصيصها لم نحصل عليها، ووسائل المواصلات مرة يسمحون لنا بركوبها مجانا ومرات لا يعترفون بكارنيه المجلس، رغم وجود قرار وزارى من وزير النقل برقم ومنشور فى الجريدة الرسمية بأحقيتنا فى الركوب مجانا، كذلك العلاج أصبح متوقفا فى أغلب المستشفيات لنا ويطالب حلمى بأن يتم استبعاد بند العلاج من ميزانية المجلس، فمن المفترض أن يتم علاجنا على نفقة الدولة وتوجه الميزانية الخاصة بالمجلس لأغراض أخرى مثل الرعاية القانونية و الاجتماعية لعمل ناد لأسر الشهداء ومصابى الثورة، وتخصيص مقر آدمى غير الحالى فهو مجرد وحدة غسيل كلوى كانت مهملة فى مستشفى أحمد ماهر، فى حين المجالس الأخرى مثل حقوق الإنسان، والأمومة والطفولة وشئون الإعاقة تحظى بمقرات أفضل. كذلك أطالب بالحفاظ على الكيان الذى وصلنا له من قرارات تهم أسر الشهداء والمصابين، وتفعيلها، وأن يعطى قوة دفع للكارنيه بحيث يصبح معتمدا من كل جهات الدولة، وهيكلة المجلس من جديد بشكل يفيد مصابى الثورة وأسر الشهداء بشكل حقيقى واختيار أمين عام للمجلس يكون خبيرا بالملف، وكذلك العاملون بالمجلس يكون لديهم معرفة بالملف. صورة مشوهة أما محمود على زينهم، وهو من مصابى الثورة فيقول: منذ إصابتى بطلق نارى فى ساقى يوم 29 يناير التالى لجمعة الغضب، وأنا أعانى تجاهل المسئولين لنا، ولا أنكر أن هناك حقوقا حصلت عليها كالوظيفة التى أعمل فيها حاليا، ولكنى عانيت الأمرين فى علاجى، فبعد تجاهل وتسويف تم تركيب مسامير لى نتج عنه قصر فى ساقى الشمال، لتبدأ رحلة معاناة يومية مع المواصلات، فأنا أستقل المترو ويوميا فى صدام مع المسئولين عن المرور ببواباته فهم لا يعترفون بالكارنيه، ومن يسمح بمرورى لابد وأن يمطرنى بوابل من الكلمات الثقيلة، فهناك من قال لى « هسيبك تعدى علشان خاطر حالتك الصحية «، وآخر قال لى « دانتو أخدتوا فلوس كتير ووظائف ومستخسر تدفع جنيه» لدرجة أنى أقوم كثيرا بدفع التذكرة حتى لا أتعرض للإحراج، وحتى لا أشوه صورة مصابى الثورة، وإن كنت لا أنكر أن هناك من حاول تشويههم بالمتاجرة بإصابته، فهناك بالفعل من استطاع أن يحصل على آلاف الجنيهات من رجال الأعمال، وبشكل أساء لنا، وجعل الإعلام يستغل ذلك فيهاجمنا، أو يتاجر بنا مثل الكثيرين، ومنهم موظفو المجلس القومى لرعاية أسر الشهداء ومصابى الثورة أنفسهم، فعندما فتحوا لنا تأشيرات الحج والعمرة، فوجئنا بموظفين من المجلس يحصلون على تأشيراتنا ويذهبون هم وزوجاتهم بينما أغلبنا اكتفى بالتمنى .