انتشرت ظاهرة مشاهدة المقاطع الإباحية بكثافة بين طلبة المدارس، وأخذت مسارا متقدما، ففي الماضي كان مشاهديها من مراهقي المراحل الثانوية والجامعات في حين غطت الآن قاعدة المشاهدة الأطفال، وشاركت الإناث الذكور في هذه الظاهرة، وسط تسهيلات كفلتها لهم أجهزة الموبايل والآيباد والآيفون، وسط مخاوف من تزايدها بعد توزيع أجهزة تابلت لطلبة المرحلة الثانوية. وفي هذا التحقيق تدق "ولاد البلد" ناقوس الخطر وتحذر من تفشي هذه الظاهرة بين طلاب المدارس الأمر الذي يؤدي الي تبعات غير أخلاقية علي المجتمع بأكمله. المشاهدة في تجمعات يروى ا.ن.ع، طالب بالمرحلة الثانوية الفنية، ما يحدث داخل المدارس قائلًا: الطلاب يستخدمون نظام "الشِلل" في مشاهدة هذه الأفلام عن طريق "كروت ميموري"، في تجمعات بفناء المدرسة وتحت المظلات، حريصين علي عدم رؤية أحد المدرسين لهم، وبعدها يمارس هؤلاء العادة السرية داخل دورات المياه. ويضيف أن الطلبة يلجأون لحفظ هذه الأفلام علي "كروت ميموري" احتياطية يخبئونها داخل الحافظات الخاصة بهم أو داخل جيوب زيهم المدرسي خوفا من رؤية المدرسين لهذه الفيديوهات حال قيامهم بالبحث في هواتفهم. لافتًا إلى أن الأمر لم يقتصر فقط على مشاهدة الأفلام الإباحية، بل هناك العديد من مشاهد الرقص والصور التي تؤدى إلى إثارة الشهوة لدى الطلاب. والطالبات أيضا وتشير ر.خ.ك طالبة، أن هناك طالبات، خاصة في المرحلة الإعدادية والثانوية، يشاهدن الصور الإباحية ومقاطع الرقص، ويرقصن على الأغاني داخل الفصول المدرسية، مضيفة أن مشاهدة هذه الأفلام من أهم الأسباب التي قد تدفع الفتيات إلى الهرب من المنزل والزواج العرفي، وربما تُقتل بعدها لتجنب أهلها العار. عبارات جنسية ويستخدم عدد من الطلاب عبارات جنسية كمفاتيح للبحث على شبكة الإنترنت، ويصف محمد عبد الجابر، ولي أمر، لحظة ذهوله عندما جاء إليه ابنه الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره ومعه ورقة صغيرة تحمل كلمة ( sex ) يطلب منه أن يقوم بعمل بحث عنها عبر الإنترنت بعد أن تعرف عليها من أصدقائه وأرشدوه بالبحث عنها. ويضيف عبد الجابر أن انتشار مشاهدة هذه المقاطع بين الطلاب خطر كبير فالمتابعة والرقابة التي يفرضها الآباء علي أبنائهم داخل المنزل لا يستطيعون حمايتهم بها من زملائهم في المدرسة، حتي وإن كانوا صغار، فحب الفضول والاطلاع يدفعهم دائما إليها، إضافة إلى ترددهم على مراكز الإنترنت "السايبر"، التي تغيب فيها الرقابة فمالك السايبر مهمته تأجير الأجهزة مقابل أجر ولا يعنيه ما يشاهده رواده. لا عقاب ويستنكر أمير عبد الجابر، مُدرس، عدم وجود وسيلة عقابية أو اتخاذ إجراءات حاسمة من قبل إدارات المدارس في هذا الشأن، مشيرا إلى أنه فوجئ ذات يوم بطالبة في الصف السادس بحوزتها صور إباحية داخل الفصل، وعندما أحالها إلى إدارة المدرسة قام مدير المدرسة بتعنيفها والاكتفاء بتحذيرها من اقتناء مثل هذه الصور. ويرى عبدالجابر أن تجربة إمداد الطلاب بأجهزة تابلت أتاح للطلاب فرصة دخول المواقع الإباحية بعد أن أصبح الإنترنت متاحا لهم من قبل المدارس. الخوف من الفضيحة ويرى و.أ.ن، مدرس، أن خوف الأهالي مما يعتبرونه "فضيحة أخلاقية"، حال انتشار مشاهدة أبنائهم لهذه المقاطع، يعوق مواجهة المشكلة، مشيرا إلى أنه ضبط من قبل أكثر من حالة لطلاب يشاهدون الأفلام الإباحية داخل المدارس على الهواتف المحمولة وعند ضبطهم يتدخل الأقارب لإنهاء المشكلة، خوفًا مما يسموه ب"الفضيحة" لهم ولأسرهم دون تبليغ الإدارة أو الجهات المختصة لاتخاذ إجراء. أولياء الأمور متساهلون وينتقد محمود ضياء الدين، أخصائي اجتماعي، غياب دور الأسرة وتساهل بعض الأهالي في تعاطيهم مع المشكلة تجاه أبنائهم بعد مصادرة الهواتف واستدعائهم لإعلامهم بالأمر، راويا قيام ولي أمر أحد الطلاب، الذي تم العثور علي مقاطع إباحية على كارت الهاتف الخاص به، بالتعامل مع الأمر بسخرية قائلا لابنه: " كسر الكارت وهجيبلك غيره". تعليمات غير منفذة وكانت وزارة التربية والتعليم قد وجهت في وقت سابق تعليمات إلى المدارس بمنع استخدام وتداول الهواتف المحمولة داخل المدارس حتي لا يتم استخدامها بشكل مسيء إلا أنها لم تًصدر قانون صريح بذلك. ويري محمد يوسف، كبير إخصائيين، أن ضعف المدارس في التعاطي مع هذه المشكلة يفاقم منها إلا أن اتخاذ عقاب رادع يعتبر مستحيل، فوسط عدد من الوقائع لا بأس بها، والتي تعرض علينا أثناء العام الدراسي، يقتصر دور الأخصائي الاجتماعي على التثقيف والإرشاد وتقديم النصيحة. ويوضح سعد أبو زيد، مدير الإدارة التعليمية بنجع حمادي، سابقًا، أن دور المدارس هو متابعة هذه الوقائع وإحالتها إلينا، إلا أن الإدارة لم تتلق أي شكاوي تثبت وقائع فعلية بشأن الأمر، مضيفا لا يوجد قانون لمنع اصطحاب الهواتف إلا في الامتحانات. رجال الدين يحرمون ويقول الشيخ عبد الصبور عبد العال، من علماء الأزهر الشريف، إن الله عز وجل أمر المؤمنين بغض أبصارهم فقال تعالى "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون"، وقال أيضًا " قل للمؤمنات يغضض من أبصارهن ويحفظن فروجهن"، فمن نظر للمحرمات فعليه أن يتوقع أمورًا منها، زوال نعمة البصر، والوقوع في الفاحشة، وظلم القلب، وزيادة المعاصي وعذاب الله وعقابه، وأضاف أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال "النظرة سهم من سهام إبليس". ويتفق معه عبد الناصر الحسيني، من أئمة الأوقاف، مضيفا أن البيت هو المسؤول الأول، يليه المسجد الذي يتلخص دوره في إظهار تعاليم الدين من أوامر ونواهي، كما أن للإعلام المرئي والمسموع والمقروء دورًا كبيرًا، لما يعرضه في المجتمع من أفلام أكثرها مفسد. ويقول الأنبا كيرلس، أسقف نجع حمادي وتوابعها، أن الدين المسيحي حرم مشاهدة الأفلام الإباحية، وحرم على الإنسان أن يرى عورة الآخر. ويشير كيرلس، إلى أن السيد المسيح في موعظته على الجبل الواردة في إنجيل متى قال "قيل لكم في القديم لا تزنى أما انا فأقول لكم من نظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنا بها في قلبه". ويضيف أن التكنولوجيا صنعت انحلالا في الأسر، ومشاهدة مثل هذه الأفلام تثير الشباب والفتيات وتجعلهم يمارسون العادة السرية، لافتًا أن الضرر يقع على الفتاة بشكل أكبر، لأنها ربما تفقد عذريتها أثناء ممارستها العادة السرية، وأشار أنه لابد من التعاون بين رجال الدين والمدرسة لتربية جيل على أسس دينية وأخلاقية. ظاهرة طبيعية ويفيد الدكتور محمد عبد الوهاب، رئيس قسم علم النفس بجامعة جنوب الوادي، أن بحث الطلاب عن المقاطع الإباحية هو من المشكلات الشائعة بمرحلة المراهقة، مضيفا أن الإخصائي النفسي بالمدرسة غالبا ما يكون غير مؤهل لعلاج مثل هذه الحالات، إلا إذا كان حاصل علي دورات تدريبية علي يد معالجين، وعلي الآباء والأمهات متابعة أبنائهم وتوجيههم بطريقة الصديق والأخ بالبعد عن التعنيف والعقاب. جذور المشكلة ويرى الدكتور سيد عوض، رئيس قسم الاجتماع بجامعة جنوب الوادي، أنه لا علاج لأطراف المشكلة دون الرجوع إلي الجذور، وهم القائمين علي الأمر الذين يحتاجون إلى علاج لأفكارهم، وكذلك اتخاذ إجراء حاسم ضد فلسفة تعليمية لابد أن تتغير لأن الطالب ضحية لها. وعن طرق العلاج تقول الدكتورة هناء شويخ، أستاذ علم النفس والعلاج السلوكي بجامعة جنوب الوادي، أنه لابد من عمل أنشطة أدائية حركية لتنفيس الطاقة الجنسية بشكل إيجابي بالإضافة إلي التوعية التي تلعب دور فعال، مضيفة أن عقاب الطفل لابد وأن يقتصر علي حرمانه من أشياء يحبها مع ممارسة أنشطة رياضية وزيادة توعيته بالجانب الديني. توصيات وتوصي الدكتورة خديجة فيصل المهدى، باحثة إعلامية، بضرورة نشر تطبيقات تساعد الآباء على مراقبة استعمال الأبناء للإنترنت، كذلك لابد أن تقوم المدرسة بدورها في التربية من خلال التوجيه المباشر وبيان الآثار السلبية للاستخدام الخاطئ للإنترنت. ويطالب عبد الرسول صقر، رئيس جمعية الطفولة والأمومة بنجع حمادي، بمراقبة "كافيهات الإنترنت"، وتفعيل الأنشطة المدرسية لاستغلال طاقات الطلاب، إضافة إلى البعد عن الإفراط في الرفاهية وتجنب التفكك الأسري لحماية الأطفال.