انتخابات مجلس النواب، محافظ الجيزة يتابع فتح لجان دائرة إمبابة والمنيرة    مجلس حكماء المسلمين يشارك بجناح خاصٍّ في معرض العراق الدولي للكتاب    رئيس الوزراء يوافق على نقل 1108 موظفين إلى جهات انتدابهم    وزير قطاع الأعمال يشارك في حفل سفارة دولة الإمارات بالقاهرة بمناسبة عيد الاتحاد    وزير الكهرباء: جهود تحسين كفاءة الطاقة أصبحت ضرورة وطنية وركيزة أساسية    المعرض الدولى IRC Expo 2025 يستجيب للجمهور ويقرر استقبالهم 12 ديسمبر    آخر مستجدات تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن بقيادة السيسي وترامب    سوريا: إحباط محاولة تهريب 1250 لغما إلى لبنان    بيراميدز يواجه كهرباء الإسماعيلي لمواصلة الزحف نحو صدارة الدوري    ريال مدريد ضيفًا على بلباو لتصحيح المسار في الدوري الإسباني    هالاند: فخور جدًا بدخول نادي المئة في الدوري الإنجليزي    غطاء سحابي يحجب ضوء الشمس.. و«الأرصاد» تحذر من سقوط أمطار خلال ساعات المساء    احتفاءً بأديب نوبل، القاهرة للكتاب والوطني للقراءة يطلقان مسابقة لإعادة تصميم أغلفة روايات محفوظ    صحة القليوبية: مبادرة "عيون أطفالنا مستقبلنا" ترصد مشكلات إبصار لدى 17 ألف طالب    الإدارية العليا تواصل تلقى طعون نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    نتنياهو يستنجد ب ترامب لإنقاذه من مقصلة قضايا الفساد    رسائل ردع من «إيديكس 2025».. مصر تثبت ريادتها وتعزز قدراتها الدفاعية    هل يحرق الإخوان العالم؟    «ميدوزا»: كفاءة عالية رغم سوء الأحوال الجوية    رعاية شاملة    سعر الدولار اليوم الأربعاء 3 ديسمبر 2025    تشكيل آرسنال المتوقع أمام برينتفورد في البريميرليج    وزير الخارجية يلتقي مجموعة الصداقة البرلمانية المصرية الألمانية في البوندستاج    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى فيصل دون إصابات    مركز المناخ يحذر من نوة قاسم: تقلبات جوية عنيفة وأمطار من الخميس حتى الاثنين    إصابة 7 أشخاص إثر حادث انقلاب ميكروباص بمدينة 6 أكتوبر    نجاح جديد    ألحان السماء    من «وطن الكتاب»    توافد الناخبين للتصويت في جولة الإعادة بانتخابات النواب بالإسكندرية| صور    «الشؤون النيابية» تحيي اليوم العالمي لذوي الإعاقة: قيمة مضافة للعمل الوطني    الأمم المتحدة تعتمد قرارا يطالب إسرائيل بالانسحاب من الجولان وسط اعتراض أمريكي-إسرائيلي    أسعار الفراخ والبيض اليوم الاربعاء 3-12-2025 في الأقصر    بعد لقائهما المسلماني.. نقيبا السينمائيين والممثلين يؤكدان تعزيز التعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 3-12-2025 في محافظة الأقصر    مواعيد مباريات اليوم.. مهمة محلية لصلاح ومجموعة مصر في كأس العرب    هيجسيث يتوعد بتصعيد الضربات ضد قوارب المخدرات ويهاجم تقارير الإعلام الأمريكي    متحدث الصحة: تحذير للمسافرين من أدوية ومستلزمات خاضعة للرقابة الدولية    تجديد حبس المتهمين باستدراج موظف وسرقته    قوات الاحتلال تعزز انتشارها وسط مدينة طولكرم    إصابة 9 أشخاص بينهم أطفال وسيدات في حادث تصادم بالفيوم    زكريا أبوحرام يكتب: تنفيذ القانون هو الحل    فيدرا تعيش وسط 40 قطة و6 كلاب.. ما القصة ؟    دعاء صلاة الفجر اليوم.. فضائل عظيمة ونفحات ربانية تفتح أبواب الرزق والطمأنينة    «الصحة» تعلن انطلاق استراتيجية توطين صناعة اللقاحات وتحقيق الاكتفاء الذاتي قبل 2030    زينة عن شخصيتها في "ورد وشوكولاتة": حبيتها لأنها غلبانة وهشة    «بإيدينا ننقذ حياة» مبادرة شبابية رياضية لحماية الرياضيين طبيًا    هل سرعة 40 كم/ساعة مميتة؟ تحليل علمى فى ضوء حادثة الطفلة جنى    «السيدة العجوز» تبلغ دور ال8 في كأس إيطاليا    الخميس.. قرعة بطولة إفريقيا لسيدات السلة في مقر الأهلي    مراوغات بصرية لمروان حامد.. حيلة ذكية أم مغامرة محفوفة بالمخاطر (الست)؟    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    تراث وسط البلد رؤية جديدة.. ندوة في صالون برسباي الثقافي 7 ديسمبر الجاري    1247 مستفيدًا من قوافل صحة دمياط بكفر المرابعين رغم سوء الطقس    وكيل الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم حدث فريد يجمع الروحانية والتميز العلمي    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    يلا شوووت.. هنا القنوات الناقلة المفتوحة تشكيل المغرب المتوقع أمام جزر القمر في كأس العرب 2025.. هجوم ناري يقوده حمد الله    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفسير الشعراوي للآية 31 من سورة البقرة
نشر في مصراوي يوم 24 - 09 - 2014

فالحق سبحانه وتعالى. رد على الملائكة بهذه الآية الكريمة. لأنه علم آدم الأسماء كلها.. وكلمة كلها تفيد الإحاطة. ومعنى الإحاطة معرفة كل شيء عن هذه الأسماء.
هنا يتبادر سؤال: هل عَلّم الله سبحانه وتعالى آدم الأسماء منذ ساعة الخلق إلى قيام الساعة مادام الحق سبحانه وتعالى يقول كلها. فما هو حكم تلك الأسماء التي هي لمخترعات ستأتي بعد خلق آدم بقرون طويلة؟
نقول إن الله سبحانه وتعالى. حين علم آدم الأسماء وميزه على الملائكة يكون قد أعطى ذلك الأدنى عنصرا ميزه عن المخلوق من عنصر أعلى. فآدم مخلوق من طين. والملائكة مخلوقون من نور. وقدرات البشر لا تستطيع أن تعطي الأدنى شيئا أكثر من الأعلى. ولكن الله سبحانه وتعالى وحده هو الذي يعطي ذلك ليذكرنا أن ما نأخذه ليس بقدراتنا ولكن بقدرته هو سبحانه. ولذلك تجد سليمان وهو ملك ونبي.. أعطاه الله تعالى ملكا لا ينبغي لأحد من بعده. وميزه عن خلقه. يأتي الهدهد ليقول لسليمان: {أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ}.
كيف يحيط الهدهد وهو طائر ضعيف محدود بما لم يحط به سليمان وهو الملك النبي الذي حكم الإنس والجن؟ لأن الله سبحانه وتعالى.. يكره الغرور من خلقه. ولذلك يأتي بآية تميز الأدنى عن الأعلى ليعلموا جميعا أن كل قدراتهم ليست بذاتهم. وإنما هي من الله. فيأتي موسى وهو الرسول والنبي.. فيتعلم من الخضر وهو العبد الصالح ما لم يكن يعلمه.
وقد خلق الله سبحانه المسميات وإن كنا لا نعرف وجودها وجعل الملائكة تتلقى أسماء هذه المسميات من آدم. وأن البعض يتساءل عن وسيلة تعليم الخالق الأكرم لآدم عليه السلام. وتعليم الخالق يختلف عن تعليم الخلق. لأن الخالق يعلم إلهاما. يقذف في قلب آدم أسماء المسميات كلها لكل ما في الكون من أسماء المخلوقات.
إذن فالمشهد الأول. لآدم مع الملائكة. كان قد تم إيجاد كل المسميات وألهمها الله لآدم. بدليل أن الملائكة لم تتعرف على هذه المسميات. بينما عرفها آدم. وهنا لابد لنا من وقفة. إن الكلام هو ناتج السمع. واللغة ناتج البيئة، والله سبحانه وتعالى علم آدم الأسماء. وهذا العلم لا يمكن أن يأتي إلا إذا كان آدم قد سمع من الله سبحانه وتعالى.. ثم نطق. فأنت إذا أتيت بطفل عربي.. وتركته في لندن مثلا.. فتراه يتكلم الإنجليزية بطلاقة.. ولا يفهم كلمة واحدة من اللغة العربية. والعكس صحيح. إذا أتيت بطفل إنجليزي. وتركته في بلد عربي. يتكلم العربية.. ولا يعلم شيئا عن الإنجليزية. إذن فاللغة ليست وراثة ولا جنسا ولا بيئة.
ولكنها محاكاة يسمعها الإنسان فينطق بها. وإذا لم يسمع الإنسان شيئا وكان أصم فإنه لا يستطيع النطق بحرف واحد. فإذا كان آدم قد نطق بهذه الأسماء. فلابد أنه سمع من الله سبحانه وتعالى.
والعجيب أن الطريقة التي علم الله سبحانه وتعالى آدم بها. هي الطريقة نفسها التي تتبعها البشرية إلى يومنا هذا. فأنت لا تعلم الطفل بأن تقص عليه الأفعال. ولكن لابد أن يبدأ تعليمه بالأسماء والمسميات. تقول له: هذا كوب. وهذا جبل وهذا بحر. وهذه شمس. وهذا قمر. وبعد أن يتعلم المسميات. يستطيع أن يعرف الأفعال. ويتقدم في التعليم بعد ذلك.
وهكذا نتعرف على النشأة الأولى للكلام. وطلاقة قدرة الله سبحانه وتعالى علمت آدم الأسماء.
وهنا نتوقف لنجيب عن سؤالين: الأول: إذا كان الله سبحانه وتعالى قد علم آدم الأسماء كلها. فهل كان فيها أسماء ما سيستجد من مخترعات في العالم؟
نقول: إنه حتى لو تعلم آدم الأسماء التي يحتاج إليها في أولويات الوجود ويستخدمها في متطلبات حياته على الأرض. فإذا جد جديد، فإن أولاد آدم يستخدمون هذه الأسماء من المقدمات والأسماء التي تعلموها. فما يجد في الوجود من أسماء. تدخل على اللغة. لم تأت من فراغ. وإنما جاءت من اللغة التي تنطق بها وتكتب بها.
كذلك كل شيء في هذا الكون. لو أعدته الآن إلى أصله. تجد أن أصله من الله. فلو أعدت البشرية إلى أصلها لابد أن تصل إلى أن الإنسان الأول خلقه الله سبحانه وتعالى. ولو أعدت العلم إلى أصله. وكل علم يحتاج إلى معلم. نقول لك.. من الذي علم المعلم الأول. أليس من البديهي أن العلم بدأ بمعلم علمه الله سبحانه وتعالى. وكان هذا هو المعلم الأول.. إذن فالذي علم الأسماء لآدم هو الله سبحانه وتعالى. وهو علمها لأولاده. وأولاده علموها لأولادهم وهكذا.
يأتي السؤال الثاني: إذا كان الله هو المعلم للكلام. فلماذا اختلفت اللغات على الأرض وأصبح هناك ألوان من اللغات والألسنة؟
نقول إن تنوع فترات التاريخ وانتشار الإنسان على الأرض جعل كل مجموعة من البشر تقترب من بعضها لتكون لها لغة واحدة. وكل لغة موجودة مأخوذة من لغة قديمة. فالفرنسية والإنجليزية والإيطالية. مأخوذة من اللاتينية. والعبرية والسريالية لهما علاقة باللغة العربية. واللهجات التي يتكلم بها العالم العربي صاحب اللغة الواحدة، تختلف.. حتى أن لهجة الجزائر أو المغرب مثلا. تجدها مختلفة عن اللهجة المصرية أو السودانية. ولكننا إذا تكلمنا باللغة العربية فَهِمَ بعضنا بعضا، ولغة هؤلاء جميعا في الأصل هي لغة القرآن. وهي العربية. ولكن في فترات الوهن التاريخي الذي مر على العرب انعزلت البلاد العربية بعضها عن بعض ومضى كل مجتمع يأخذ اللغة كمظهر اجتماعي.
فيسقط التفاهم بين اللهجات المختلفة.
وهكذا علم الله سبحانه وتعالى آدم الأسماء كلها. ثم عرضهم على الملائكة وقال لهم {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هؤلاء إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ}؟ أي أن الله سبحانه وتعالى كرم آدم في العلم. وأعطاه علما لم يعطه للملائكة. ثم جعل آدم هو الذي يعلمهم أسماء مسميات لم يعرفوها. وهذا دليل على طلاقة قدرة الله سبحانه وتعالى. يفعل ما يشاء في كونه. وكما قلنا إن تمييز الأدنى عن الأعلى. لا يتم إلا بفعل الله وحده.
ولكي نقرب هذا إلى العقول: هب أن إنسانا ضعيفا يريد أن يحمل حملا ثقيلا.. لا يقدر. وإذا كان هناك إنسان قوي يعينه فإنه لا يستطيع أن يعطيه من قوته ليحمل هذا الحمل. ولكن يعينه بأن يحمل عنه. أما الذي يستطيع أن يجعل هذا الضعيف قويا يمكنه أن يحمل هذا الحمل الثقيل فهو الله سبحانه وتعالى.. فالإنسان لا يستطيع أن يعطي إنسانا آخر من قوته. ولكن الله وحده هو القادر على أن يجعل الضعيف قويا والقوي ضعيفا.
وقوله تعالى: {إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ} وهل يكذب الملائكة؟ إن الملائكة خلق من نور يسبحون الله. ويفعلون ما يؤمرون.. نقول إن قوله تعالى: {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هؤلاء إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ} فيما قستم عليه الأحداث. أو فيما قلتموه ضربا بالغيب.
ولو أن الملائكة قاسوا حكمهم على حكم جنس آخر كان في الأرض كالجن مثلا الذين خلقوا قبل الإنسان.. يقول الحق تعالى أنكم أخطأتم في قياسكم هذا. أو إن كنتم صادقين فيما تنبأتم به من غيب؛ فلا يعلم الغيب إلا الله تعالى. فالقياسان جانبهما التوفيق.
وليس هذا طعنا في الملائكة. ولكنه تصحيح لهم. وتعريف لنا بأن الملائكة لا يعلمون الغيب. ولذلك فهم حينما قاسوا أو حكموا على غيب.. جانبهم التوفيق. لأن الله وحده هو علام الغيوب. والذي دفع الملائكة إلى أن يقولوا أو يبطنوا هذا الكلام هو حبهم الشديد لله تعالى.. وكراهيتهم لإفساد في كونه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.