إعلان الأبحاث الفائزة بالمؤتمر العلمي للدراسات العليا والبحوث التطبيقية بهندسة قناة السويس    «العمل» تعلن عن 3408 فُرصة عمل جديدة في 55 شركة خاصة ب16 مُحافظة    ارتفاع توريد القمح بالشرقية ل373 ألفا و369 طنا    أسعار الألبان ومنتجاتها في الأسواق اليوم.. اعرف ثمن كيلو الجبنة البيضاء    عضو «ابدأ»: المبادرة ساهمت باستثمارات 28% من إجمالي الصناعات خلال آخر 3 سنوات    سكرتير عام مساعد بني سويف يتفقد استعدادات الكنائس لاستقبال احتفالات عيد الميلاد    بالطائرات والمدفعية.. قصف إسرائيلي متواصل على مخيمات غزة    عضو «الاتحاد الدولي للصحافة»: 140 شهيدا من الصحفيين في غزة    نائب وزير خارجية إستونيا فى حوار ل «المصري اليوم»: نتفق مع مصر فى حل الدولتين للقضية الفلسطينية    ترتيب صادم ل صلاح في جائزة لاعب الموسم بالبريميرليج    الغندور: حد يلعب في الزمالك ويندم إنه ما لعبش للأهلي؟    أنشيلوتي يحسم مصير ناتشو مع ريال مدريد    النيابة تطلب تحريات حريق محل هريسة بجمرك الإسكندرية    أجمل عبارات تهنئة شم النسيم 2024    «اللي سايقة الدلال».. كيف أصبحت أسماء جلال فتاة أحلام الشباب؟    في اليوم العالمي وعيد الصحافة.."الصحفيين العرب" يطالب بتحرير الصحافة والإعلام من البيروقراطية    كيفية تحديد وقت إجابة الدعاء يوم الجمعة؟... دار الإفتاء توضح الآراء    المفتي: تولي المرأة للمناصب القيادية أمرٌ جائز شرعًا.. فيديو    إيبارشية بني سويف تعلن ترتيبات الصلوات وحضور قداس عيد القيامه المجيد    وزير الأوقاف: إنشاء وتطوير 11930 مسجدًا في عهد الرئيس السيسي    حماة الوطن: تأسيس اتحاد القبائل العربية وتدشين مدينة السيسي خطوتان للأمام    بيان عاجل من المصدرين الأتراك بشأن الخسارة الناجمة عن تعليق التجارة مع إسرائيل    قوات أمريكية وروسية في قاعدة عسكرية بالنيجر .. ماذا يحدث ؟    بالأسماء.. تعرف على الكتب الأكثر إقبالا بجناح مركز أبو ظبى للغة العربية    التضامن تكرم كارولين عزمي بعد تألقها في «حق عرب»    محمد نور وملك قورة يعيشان «الحب بتفاصيله» لأول مرة.. الليلة    رئيس الطائفة الإنجيلية يصلي الجمعة العظيمة بالقاهرة الجديدة    الطن ب 37 ألف جنيه .. زلزال يضرب أسعار الحديد والأسمنت| تفاصيل    خطبة الجمعة اليوم.. الدكتور محمد إبراهيم حامد يؤكد: الأنبياء والصالحين تخلقوا بالأمانة لعظم شرفها ومكانتها.. وهذه مظاهرها في المجتمع المسلم    دليل السلامة الغذائية.. كيف تحدد جودة الفسيخ والرنجة؟    ضبط 2000 لتر سولار قبل بيعها بالسوق السوداء في الغربية    بعد تصدرها التريند.. التصريحات الكاملة ل نهى عابدين ببرنامج مساء دي إم سي    إطلاق صواريخ من لبنان باتجاه مواقع إسرائيلية    «التعليم» تحدد مواصفات امتحان اللغة العربية للثانوية العامة 2024.. تفاصيل    تعاون «مصري- يوناني» النسخة الجديدة مبادرة «إحياء الجذور – نوستوس»    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية المُوحدة خلال أبريل الماضي    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    ب«تفعيل الطوارئ».. «الصحة» بالقليوبية: عيادات متنقلة بمحيط الكنائس خلال احتفالات عيد القيامة    إصابة 6 سيدات في حادث انقلاب "تروسيكل" بالطريق الزراعي ب بني سويف    متسابقون من 13 دولة.. وزير الرياضة يطلق شارة بدء ماراثون دهب الرياضي للجري    محافظ المنوفية: 47 مليون جنيه جملة الاستثمارات بمركز بركة السبع    نائب وزير التخطيط يفتتح أعمال الدورة الثالثة للجنة تمويل التنمية في الدول الأعضاء بالإسكوا    سموتريتش: "حماس" تبحث عن اتفاق دفاعي مع أمريكا    وحدات سكنية وهمية.. ضبط سيدة استولت على أموال المواطنين ببني سويف    وزير الصحة: تقديم 10.6 آلاف جلسة دعم نفسي ل927 مصابا فلسطينيا منذ بداية أحداث غزة    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    نقيب المهندسين: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف طمس الهوية والذاكرة الفلسطينية في    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    برشلونة يستهدف التعاقد مع الجوهرة الإفريقية    صحف إيطاليا تبرز قتل ذئاب روما على يد ليفركوزن    "مضوني وسرقوا العربية".. تفاصيل اختطاف شاب في القاهرة    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    عبد المنصف: "نجاح خالد بيبو جزء منه بسبب مباراة ال6-1"    وزير التنمية المحلية يهنئ محافظ الإسماعيلية بعيد القيامة المجيد    رئيس اتحاد الكرة: عامر حسين «معذور»    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدد المرات.. اعرف التصرف الشرعي    الناس لا تجتمع على أحد.. أول تعليق من حسام موافي بعد واقعة تقبيل يد محمد أبو العينين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشتيمة عند المصريين.. زي ''اللبانة'' وضد ''السياسة'' وعشان ''الهزار''
نشر في مصراوي يوم 31 - 03 - 2014

بين تفاصيل الحياة اليومية، يطفو على السطح ما يغضب، تصريحات سياسية مستفزة، شخص يُقتل في لمجرد مروره بجانب اشتباكات ليس طرفًا فيها، ظروف دولة تتغير في ثوان معدودة، لن تهرب من منغصات الحياة ولو كنت في برج مشيد، كلما زادت الأعباء، زاد التوتر، وتطور التعامل معه، ففي البداية سكوت، ثم سباب بسيط، حتى السب بألفاظ خارجة طبقًا لأعراف المجتمع، لتصبح ''الشتيمة'' هي البطل. تنتشر كالنار في الهشيم، سواء من خلال مواقع التواصل الاجتماعي عن طريق ''هاشتاج'' يسب أحد مرشحي الرئاسة، أو الجماعات، أو يتنابز بها خصوم السياسة، في النهاية النتيجة واحدة مفادها أن كل الطرق تؤدي إلى الشتيمة.

''الموضوع متعلق بدفاعي عن نفسي في الأصل إني بعمل كدة عشان الناس يخافوا مني''، قال ''أحمد النجار''، بدأت الفكرة معه منذ المدرسة الثانوية ''لكن الموضوع كان جوة المدرسة فقط بعيدًا عن البيت أو الشارع''، عقب دخوله كلية الإعلام، ازدادت حدة السباب نفسها ''الأمر تحول من مجرد دفاع إلى أسلوب حياة ومجتمع الجامعة بيحفز دة''.

السياسة سيدة الموقف أحيانًا في استخدام ''النجار'' للسباب، بالإضافة للظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلد ''وكتير من المصريين بقوا بيستخدموا الشتيمة بشكل عادي عن الأول''، فإذا كانت النكت تستخدم قديمًا لإخراج الطاقة السلبية فقد حلت محلها السباب في الوقت الحالي ''حتى وقت الهزار بقوا بيهزروا بالشتيمة ولو مش بغرض الإهانة''.

''حسين الحاج''، الذي يعمل بمهنة الترجمة، يرى أن الشتيمة موجودة منذ فترة طويلة، حتى قبل اندماج الطبقات الاجتماعية بشكل أكبر ''كان كل طبقة ليها كلمات معينة بتشتم بيها تتلاءم مع مستواها''، والآن أصبحت الطبقات تحصل على نسبة أكبر من الألفاظ الخارجة من الطبقات الأخرى، ''ممكن تلاقي ولد ساكن في منطقة شعبية مثلًا بيشتم بالأجنبي أو العكس''، الانخراط من خلال الإنترنت ومواقع التواصل جعل الأمر أيسر كثيرًا.

الأسرة على حد قول ''الحاج'' لم تعد تمنع الخروج عن الحدود، فالأب قد يتلفظ بالسباب أمام الأطفال، وحتى إن منعهم عن قوله فسيثبت في ذهنهم للأبد ''العيلة مبقتش ليها دور مؤسسي قوي زي الأول حتى في الطبقات المحافظة زي الطبقة الوسطى''.

المهنة لم تغيره كثيرًا، الضغط النفسي الذي يلاقيه منذ عشرين عامًا لم يتراجع، يتفاقم يومًا بعد الآخر، بين السائقين الذين يستضعفونه، والزبائن الذين يعاملونه كمواطن درجة ثانية، وحتى من ينظمون الحال بموقف ميكروباصات المطبعة ويحصلون على ''كارتة'' جراء كل دور، السباب المتداول جزء من حياته يتلفظ به، كلمات مثل ''زي الزفت''، ''نهار أسود''، لكن لم تتطور الألفاظ عن ذلك بالنسبة ل''محمد عبد العزيز''.

يحارب ''البذاءة'' بالهدوء قدر المستطاع ''الاحترام بييجي بالتدريب أنا بحاول أتفادى استخدام الشتيمة زي اللبانة''، أما ردود أفعاله مع الذين يتجاوزون فتكون بطيئة ''بفكر قبل ما أرد عشان كدة اللي في الموقف بيحترموني لأني مبغلطش في حد منهم''، تلك السياسة هي ما يطبق الرجل الأربعيني في منزله، حتى وإن خرج الأمر أحيانًا عن السيطرة ''أنا عارف إن الناس في الشارع مش هيستحملوني لو شتمت، إنما البيت هيستحملوني لو اتعصبت''، لا يعتقد أن هناك ارتباطًا بين كونه سائق وبين استخدام الألفاظ المهينة ''اة بيبقى فيه ضغط وقلة أدب في الشارع لكن دة لا يمنع إن الناس ممكن تسيطر على لسانها''.

ما يحدده المجتمع لا يعنيها بشيء، ففي النهاية الألفاظ الخاطئة أو المقبولة نسبية، طبقًا لما تراه ''سمر علي''، ''الشتيمة تعبير زي أي تعبير آخر تصنيفها من المجتمع اللي بيحلل ويحرم ويعيب على مزاجه مش أزمتي''، ما كان من قبل لفظًا عاديًا، يتحول فيما بعد إلى لفظ لا يجوز نطقه ''وعندك بعض ألفاظ مفهاش مشكلة في مناطق معينة زي إسكندرية بس في القاهرة متصحش''.

مع الوالدة تحاول طالبة كلية التجارة، توضيح وجهة نظرها ''لما بشتم وأنا قاعدة مع والدتي بتقولي عيب''، تشرح الابنة لها أن الموقف أكبر من السباب نفسه، ''بقولها إن عقولنا لازم تستوعب إن اللفظ مفهوش أزمة وإن الموقف اللي بيخليني أشتم بيبقى أصعب كتير''.

قال الدكتور ''يسري عبد المحسن''، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، إن السباب كَثُرت بسبب ظروف البلد السيئة، السياسية أولها، أما الذين لم يكونوا يلجئوا للشتيمة كرد فعل عادي، فقد فعلوا ذلك بسبب المجتمع ''الشتيمة بالعدوى، لما الإنسان بيشوف إن دة طبيعي بيحس إنه هيكون منبوذ لو مبقاش زيهم''، عدوانية المجتمع أصبحت تدفع للشتيمة ''والعدوانية بقت بتتصدر للناس من خلال الإعلام بالأساس''، مشاهد الموت والقتل في الأخبار، الأفلام التي تبتعد عن الحدود الأخلاقية اللفظية، كلها أشياء أصبح معها اللفظ الخارج أمرًا مقبولًا في الوسائل الرسمية.

انتشار السباب ليس طارئًا على الشخصية المصرية، على حد قول ''عبد المحسن''، ''هو أصبح بيحس إنه لو مشتمش مش هيأخد حقه خاصة مع ضياع حقوق كتير ليه قبل كدة''، يفعل ذلك بمعزل عن النشأة أو المستوى الاجتماعي أو التعليمي ''بيبقى مقتنع إن الشتيمة مبتقللش من قدره''.

''السياسة هي السبب''، قال الدكتور ''محمد هاشم بحري''، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، يعتقد أن التوتر الذي سببته للمصريين منذ ثلاث سنوات كانت نتيجته الطبيعية تطور طرق التعامل معه ''العدوان الخارجي المتمثل في الشتيمة بينتج عن التوتر والغضب ودول أكتر حاجتين بيتعرض ليهم المواطن حاليًا''، ليست السياسة فقط؛ بل يُضاف لها ''أكل العيش''. وستستمر الحالة كذلك إلى أن تتغير البلد للأهدأ ''قبل الثورة والزحمة مكناش وصلنا للمرحلة دي ولسة مع الانتخابات الجاية الوضع هيبقى أصعب''.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.