بأحد الشوارع في وسط البلد بالقاهرة، يقف ''جمال السيد'' مستندًا إلي أحد جدران المحلات، في يمينه يمسك رفق دربه الذي صنعه بيده ''الأراجوز''، وفي داخل لسانه يضع ''صفارة'' ليجذب صوتها المارة، وعلي شفتيه يرسم ابتسامة يلقيها علي المارة من حوله. ''جمال الأراجوز'' .. هكذا عُرف الرجل الأربعيني وسط أقرانه من الباعة المتجولين في المنطقة، أو من بعض المارة اللذين اعتادوا المرور من أمامه، بعد 14 عامًا قضاها الرجل في نفس المكان بصحبة صديقه الأراجوز، الذي يعرضه للبيع بثلاث جنيهات. أب يحمل طفله الصغير، الذي مد يده متعلقًا بالأراجوز الذي يحمله ''جمال''، ليفرح الصغير باللعبة، وبالعبارات التي يحملها ''جمال'' للمارة بصوت الأراجوز بفضل الصافرة في فمه ''يا بطة ياقطة''، ويفرح البائع أيضًا ببضع جنيهات، يأتي ''جمال'' يوميًا من منطقة عمله بالهرم بعد انتهاء وظيفته في أحد المطابع، حاملًا علي ظهره جوال كبير به أراجوزاته الصغيرة. ''أنا بفضل طول الليل سهران علي عمايلهم'' ليال يقضيها الرجل وسط منزله علي صناعة الأراجوز بنفسه، ليبدأ حياكته ببواقي الأقمشة المتبقية من المصانع، مع بواقى الكرتون والورق الملون الذي يأتي به من منطقة باب البحر بسعر زهيد، حتي يحيك الأقمشة ويقص الكرتون، وصفارة بلاستيكيه في وسطه، ليخرج الأراجوز إلي النور. نصف ساعة يقضيها الرجل في صناعة الواحد من أراجوزاته، يلاقيه التعب في معظم الأيام بعد يوم عمله، ''ساعات بنام وأنا بشتغل عليه'' تاركًا مسدس الشمع الخاص بعمله في الكهرباء، ''بس هنعمل ايه أكل العيش مر'' كلمات يذكرها الرجل العائل لأربع فتيات وزوجته. ''مرتبي مش مكفيني ولا مكفي عيالي'' سبب ذكره ''جمال'' لعمله ببيع أراجوزاته بعد الانتهاء من عمله الحكومي، فمرتبة الذي لا يتجاوز الحد الأدني الذي قررته الحكومة لم يفلح في سد رمقه، ''دروس البنات بتاخد كتير'' ذكرها صاحب السعادة كسبب يؤرقه. ''الحمد لله ماشي الحال'' كانت عنوان ل''جمال'' في اليوم العالمي للسعادة، 20 مارس، يتمني الرجل القادم من محافظة أسيوط أن تحل علي أيامه نفس الابتسامة التي يراها علي أوجه المارة أمامه، ''دي أكتر حاجة بتبسيطني إني أشوف الناس فرحانة بسببي''. ''الناس نفسها ما بتضحكش زي زمان، الغالبية مضغوطة وتعبانة'' هكذا يصف ''جمال'' حال أغلب المارة أمامه، يختلف حال المارة أمامه كما تختلف ظروفهم، يقول ''جمال'' :''ساعات زبون يضحك في وشي وخلاص، ومرة حد أداني 30 جنيه بس عشان اتبسط من طريقة عرضي''.