بين الحين والآخر ينتظر سكان ميدان الجيزة خاصة تعديلاً وزارياً لمعرفة اسم مدير الأمن الجديد، ليبث في نفوسهم بصيصًا من الأمل في أن يأتي مسئولا يعمل على تخليص ميدان الجيزة من الجرائم، والمشاجرات، والباعة الجائلين. ''ميدان الجيزة''.. هو أحد أكثر ميادين مدينة الجيزة المصرية شهرة، يقع في بداية شارعي الهرم وفيصل وشارع الجامعة وشارع مراد، وبسبب وجود محطة حافلات وموقف لسيارات ''السرفيس'' بالميدان، يواجه المارة وقائدي المركبات صعوبة هائلة في تجاوز هذا الميدان الحيوي، لكن الأمر لم يتوقف عند ذلك الحد بل امتد لمشكلة الباعة الجائلين تلك المشكلة التي تتفاقم يومًا تلو الآخر وسط غضب من المارة وقاطني المنطقة المحيطة به، وعن الغياب الأمني الواضح بالميدان فحدث ولا حرج.. فحوادث بالجملة ومشاجرات لاتحصى دون تحرك من اللواء عبد الموجود لطفي، مدير أمن الجيزة، وقيادات الأمن بالمديرية. دماء بالميدان ''مشهد معتاد''.. حملة أمنية لتطهير ميدان الجيزة من الباعة الجائلين وإزالة الفروشات والإشغالات التي تعوق حركة السير، تتطور لاشتباكات بالأسلحة النارية والبيضاء بين الباعة الجائلين وقوات الأمن، تبدأ عادة بمشادات كلامية بين الباعة ورجال الشرطة المشاركين فى الحملة، مما يدفع الباعة لإطلاق الرصاص من أسلحة خرطوش، وقيام رجال المباحث بمبادلتهم إطلاق الرصاص. وفي أحد الحملات زادت الأحداث اشتعالاً حيث تبادلت قوات الشرطة إطلاق الرصاص مع الباعة الجائليين لتسفر عن مقتل ''مصطفى. ع''، 20 عاما، بائع جائل، وإصابة ضابطين، و 4 مجندين. وفي واقعة معبرة عن الغياب الأمني بالميدان، أطلق عسائق ''توك توك'' أعيرة نارية تجاه أحد الركاب بأتوبيس عام بالميدان، واستمر في إطلاق الرصاص وسط صراخ وعويل من الركاب مستنجدين بالشرطة - الغائب الحاضر - ليصيب طالب بطريق الخطأ، وفي مشاجرة وصفت بالمعركة، أصيب 8 أشخاص بإصابات مؤثرة في مشاجرة بين سماك وعاطل بميدان الجيزة، واستخدمت الأسلحة النارية، وتبادل الطرفان إطلاق الرصاص وسط المارة. وشهد ميدان الجيزة منذ قرابة الشهر، حالة من الذعر والخوف، بسبب وابلًا من الرصاص، تم إطلاقه في مشاجرة بين عائلتين نشبت لفرض السيطرة على الميدان، حيث توجهت عائلة منهم واعتلى أفرادها كوبري الجيزة وأطلقوا الرصاص فى الهواء، الأمر الذى أحدث ذعرًا وخوفًا بين سكان المنطقة، وأدى إلى إغلاق الميدان، وحضر مدير الأمن والقيادات متأخرًا كما نرى بالأفلام المصرية. الباعة الجائلين.. داء يحتاج للدواء اختفت مشاهد الكر والفر التي كانت تتكرر ليل نهار بين شرطة المرافق والباعة الجائلين بميدان الجيزة؛ حيث ساهم غياب الأمن بعد ثورة يناير في تغيير ميزان القوى لصالح الباعة الذين أصبحوا أكثر سطوة وجرأة، فاحتلوا الشوارع والأرصفة والميادين ضاربين عرض الحائط بقواعد الأمن والنظام، وكأن الميدان أصبح ملكية خاصة لهم. ووصل الأمر إلى حد تأجير الأرصفة والشوارع والميادين من قبل كبار الباعة لغيرهم، فضلا عن سرقة الكهرباء من أعمدة الإنارة في الشوارع، والأخطر من كل ذلك أن أغلب الباعة يمتلكون أسلحة بيضاء ونارية؛ تحسبًا لمواجهة كل من يحاول منازعتهم؛ حيث شهدت الشهور الأخيرة وقوع قتلى ومصابين جراء مشاجرات الباعة الجائلين بالأسلحة، وهو ما يجعل القضاء على هذه الظاهرة من أهم الخطوات نحو تحقيق واستعادة الأمن. وتتعدد الحملات الأمنية لميدان الجيزة واحدة تلو الأخرى والمحصلة ''صفر''، فبمجرد انتهاء الحملة وانسحاب الشرطة، يعود الميدان لحالته المعهودة حيث الباعة الجائلين والتكدس المروري... وشارك اللواء عبد الموجود لطفي، مدير أمن الجيزة، في عدة حملات إزالة إشغالات والباعة الجائلين بميدان الجيزة حينما كان حكمدارًا للجيزة قبل حوالي العامين، والآن هو المسؤول الأول عن أمن المواطن الجيزاوي عامة، ووضع حلول أمنية جيدة لمشكلة ميدان الجيزة والباعة الجائلين. ومن جانبه، أكد العميد توفيق زهران، مساعد إدارة مرور الجيزة،في تصريحات سابقة، أن الأسواق العشوائية التي يقودها الباعة الجائلين تمثل تحديا كبيرا أمام تحقيق الأمن؛ حيث شهدت ظاهرة الباعة الجائلين تحولا كبيرا بعد الثورة؛ بسبب ضعف قبضة جهاز الشرطة عليهم مما ساهم فى زيادة أعدادهم والتى تجاوزت أضعاف ما كانت عليه قبل الثورة؛ مما تسبب -وبشكل مباشر- فى اختناق الشوارع والميادين والأرصفة إلى الحد الذى اختفت فيه بعض الشوارع. وقال محمد شحاتة، أستاذ القانون الجنائى بجامعة الإسكندرية، إن إشغال الشوارع والميادين جريمة يعاقب عليها القانون، تبدأ بالغرامة وتنتهى بالحبس إلى عشر سنوات إذا كانت هذا الأشغال مصحوبة بأعمال إجرامية، ويضاف إلى ذلك جرائم حيازة الأسلحة والتى أصبحت منتشرة بشكل كبير جدا بين هؤلاء الباعة، لافتا إلى أن ظاهرة الباعة الجائلين بعد الثورة أصبحت إمبراطورية جديدة تمارس فيها البلطجة على الشوارع والأرصفة والميادين بشكل علني. الباعة.. المهم الزبائن يقول فيصل أحمد، أحد بائعى النظارات بميدان الجيزة، إنه يتمنى أن يكون في مأمن، سواء سيستمرون في نفس الأماكن أو سيتم نقلهم إلى مناطق أخرى وفق ما أبلغتهم المحافظة، موضحًا أنه إلى الآن لم تتخذ أى إجراءات، ولم يصل لهم سوى أرقام الأكشاك التى سيكونون فيها، ولم يخبرهم أحد بموعد النقل أو حتى تحديد موعد للانتقال ومشاهدة الأجواء الجديدة للمكان. أما محمود مصطفى،أحد بائعى الأحذية بالميدان، فيرى أن انتقالهم لسوق مجمع أفضل لهم بكثير من وقفة الشارع تلك، التى يكونون فيها تحت رحمة ''البلدية''، مشيرًا إلى أن الأسواق المجمعة ستكون مرخصة، ولن يقلقهم أحد، وسيكون المكان معروفا للجميع، متمنيا أن تشهد السوق المجمعة إقبالاً من الزبائن. ''ثكنة عشوائية''.. هذا هو أكثر الأوصاف التى يمكن أن تُطلقها على ميدان الجيزة، الذي بالكاد تجد لقدمك فيه موطئاً؛ بعد أن تفرق الميدان الفسيح بين الباعة الجائلين وسائقي الميكروباصات، الذين لا يأبهون بأي قواعد، ولا يلتفتون لإشارة مرور.