طرق طويلة مليئة بالمحلات وعربات الخضروات والفاكهة، أناس جلسوا في محلاتهم أو على الأرض يبيعون أشياء متنوعة من "ثوم" و"بصل" و"بطاطس"و"تفاح" و"فواكه" أخرى، لكن المختلف هذه المرة أن الطرقات كانت خالية من البشر إلا قليلاً. "الثوم" و"البصل" و"البطاطس".. كانت أكثر الخضروات انتشاراً في سوق الجيزة الشعبي، والأكوام المكدسة من "الثوم" هي ما جلبت بعض الزبائن بسبب موسم تخزينه؛ فيأتي المشترون للحصول على أكبر كمية منه، وبسبب ذلك قام العديد من البائعين بتغيير نشاطهم ليصبح "الثوم" هو الخضر الوحيد الموجود عندهم مع وجود ماكينات لفرمه للزبون حسب الطلب. وقف "ياسر" يقلب بيديه في "الليمون" الذي يبيعه مخبراً الزبائن بسعره؛ فيرى البعض أن الليمون "دبلان" وسعره مرتفع؛ فيقول "ياسر" أن "الليمون سعره 5 جنيه، ويعتبر رخيص بالنسبة لقبل كده لأن سعره كان من سنتين بيوصل 10 جنيه الكيلو، بس هو "دبلان" عشان الزرعة مبقتش حلوة زي الأول، والناس كمان مبقاش معاها فلوس تشتري إلا على قدها". أما العربة التي تملكها "أم أشرف" وأبنائها لبيع الخضر؛ فحال البيع عليها ليس مختلفاً عن أحوال باقي التجار والبائعين في سوق الجيزة. "البيع بقى قليل أوي في السوق، وحالنا واقف".. قالتها "أم أشرف" التي تعمل في تجارة الخضر في السوق منذ حوالي 50 عاماً أو من أيام "جمال عبد الناصر"، على حد تعبيرها. يرى بعض البائعون أن نسبة ارتفاع الأسعار كانت كبيرة بينما يرى آخرون أنها طفيفة؛ إذ قالت "أم أشرف": "الأسعار مغليتش أوي إلا حاجات بسيطة، يعني البطاطس كانت ب2.5 بقت ب3 جنيه، الثوم هو اللي سعره غلي شوية وبقى ب5 جنيه الكيلو، والبصل القديم برضو بقى ب5 جنيه الكيلو، والجديد ب3.5 جنيه ونص". الإقبال الضعيف على السوق لم يكن سببه الأساسي ارتفاع الأسعار؛ إذ أن "الناس مبقاش معاها فلوس تشتري، كل حاجة غليت عليهم حتى ولو بنسبة بسيطة بس مفيش مقابل، يعني بياخدوا نفس المرتب وبيشتروا حاجات أغلى كل شوية"، على حد قول "أم أشرف". سعر السولار أثر بشكل ما على ارتفاع أسعار الخضر ولو بنسبة طفيفة، وإن كانت هذه النسبة غير ظاهرة للمواطنين بشكل كبير إلا أن البائعين هم من يعانون منها تبعا لكلام كثير منهم؛ فقالت "أم أشرف": "عندنا عربية بتاعتنا بنجيب عليها الخضار من كذا مكان، حالها واقف بقاله فترة بسبب سعر السولار، وعشان تمشي اضطرينا نشتري سولار بالغالي بضعف تمنه ولو معملناش كده مش هنشتغل". أولاد "أم أشرف" لم يبدُ عليهم الارتياح أيضا لحال السوق خاصة أنهم يعملون معها في نفس المهنة، فبينما جلست ابنتها "أم أحمد" لجانبها وهي تقوم ب"تقشير الثوم" لتجهيزه للفرم، وقالت: "احنا كان الناس بتجيلنا ياخدوا بالخمسين والستين كيلو "توم"، دلوقتي لو واحد خد 10 كيلو يبقى كده أخد كتير؛ لأن الأسعار غليت على الناس وعلينا فلازم نغلي شوية عشان نعرف نعيش". "رجب" - أحد بائعي البطاطس والبصل في سوق الجيزة - لم يختلف رأيه كثيراً عن الآخرين؛ فقد اعتقد أن "السبب في غلو الحاجة مع السولار كمان هو موسم التصدير، هما في الوقت ده بيصدروا برة، فبيغلى علينا احنا السعر وبنضطر نغلي"، موضحاً أن مكسبه لا يعتبر كبير لأن "أنا بشتري البطاطس الكيلو ب230 قرش وببيعه 2.5 جنيه، يعني أنا تقريبا مش كسبان فيه". موسم التصدير لا يرفع سعر الخضر فقط بل "دول بياخدوا أنضف حاجة يبيعوها بره، البطاطس اللي بتتباع هنا دي هي الي بتطلع بعد فرز البطاطس المتصدرة فبنخدها نبيعها بالغالي، دي كانت قبل كدة الأربعة كيلو ب5 جنيه دلوقتي بقت بالعافية ب2.5 جنيه". أما "عاطف" فقد جلس بجانب محله الذي يبيع فيه الفاكهة فقط، مشيرا إلى أن "الفاكهة غليت برضو بس مش زي الخضار، لكن اللي زاد هو سعر النقل، كنت بجيب النقلة بتاعة العربية ب40 جنيه دلوقتي النقلة بقت ب80 جنيه".