ما بين متحمسون ل ''نعم'' وغيرهم من أصحاب ''لا'' في التصويت على استفتاء مشروع الدستور بالمرحلة الثانية، كان هناك متحمسون من نوع آخر؛ أولئك الذين وقفوا على مسافة واحدة بين هذا وذاك، فلا ''نعم'' تمثلهم ولم تكن ''لا'' هي الحل، لكن الاستفتاء بملته بالنسبة لهم ''باطل''، والمقاطعة هي الحل الذى أرضوا به ضمائرهم. وخارج صناديق الاستفتاء؛ كانت الجدران طريق البعض لإبداء الرأي بشكل حر ومباشر؛ حيث حملت إحدى جدران منطقة الدقى رسمة ''جرافيتي'' أشبه بورقة التصويت لكن مضاف إليها ما لم تتسع له تلك الورقة التي مصيرها الصندوق، أما ما كان مصيره الجدران، فجاء في صورة دائرة بنية اللون تقع ما بين دائرة ''موافق'' الزرقاء و''غير موافق'' الحمراء، وكُتب عليها ''مات الكلام''. ''نهى خلف'' - طالبة بكلية الإعلام واحدة ممن آمنوا بعدم التصويت بموافق أو غير موافق، فنزول الاستفتاء بالنسبة لها '' إعطاء شرعية لمن لا يستحق''، وتقول إنها قررت أن تثبت على الحق الذى تعتقد أنه هو عدم خيانة المبدأ والضمير، وتؤكد: ''الدستور الذى لا يمثل كل الشعب لا يجوز استفتاء الشعب عليه''، مشيرةً إلى أن '' هناك فئة واحدة سيطرت على الجمعية التأسيسية، وهذه الفئة ليست هى كل الشعب''. أما ''آية مجدى'' مترجمة بإحدى الشركات فمقاطعتها للاستفتاء لها دوافع ومبررات أخرى، فقد اعتبرت أن السبب الأساسي هو كونها أصبحت ''محبطة من كل شيء بيحصل في البلد، ومش حاسة إن الاستفتاء له قيمة أو أهمية أو هو اللى هيصلح البلد''، أما فيما يتعلق بمسودة الدستور فتقول أنها ترفض أن تصوت على أكثر من 200 بند دفعة واحدة من بينهم بنود جيدة وبنود غير صالحة . كما تؤكد ''آية'' أن رفضها للدستور أيضا ينبع من عدم اقتناعها بالطريقة التى تم تعيين أعضاء التأسيسية بها، بالإضافة إلى أن ميعاد الاستفتاء الذى تم تحديده فور الانتهاء من مسودة الدستور جعل فرصة قراءة الناس للدستور والتمعن فيه غير كافية لأخذ موقف محدد، وهذا بحد ذاته يضعف من شرعية الدستور. على جانب آخر، هناك من ربط بين الاستفتاء على الدستور وحقوق الشهداء، ك ''سامح سمير'' محامى إذ اتخذ موقفاً صارماً في مقاطعة الدستور غير قابل للنقاش، إذ يرى أن عملية الاستفتاء هي ''خيانة لدم الشهيد''، لأن ''حقوق الشهداء لن تأتى بالاستفتاء على دستور باطل تجاهل مطالب المجتمع المصري ككل'' على حد قوله.