الرياض - على الرغم من تأكيدات وزارة التجارة عن قرب إنهاء مشكلة الأسمنت في المنطقة الغربية مايزال المقاولون والمواطنون يعانون من شح هذه المادة الأساسية في الإنشاءات وفي وقت أعلن فيه مصنعا أسمنت الشرقية و أسمنت اليمامة في الرياض عن وجود فائض لديهما تعاني أسواق المنطقة الغربيةوعسير والباحة من شح كبير في العرض وهو ما أوصل سعر الكيس الواحد من 14 إلى 22 ريال وهو رقم مرشح للزيادة. وفي جدة بدأ المواطنون في تسجيل أسمائهم في قوائم انتظار طويلة على أمل الحصول على 20 كيساً للشخص الواحد. واتهم محللون اقتصاديون ومواطنون موزعي الأسمنت بافتعال هذه المشكلة بهدف رفع الأسعار أكثر.. وأن هذا الأمر قد يؤدي إلى شلل في المشاريع الحكومية خلال الأشهر الخمسة المقبلة، إن لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة وناجعة لحل الأزمة. ويؤكد المحلل الاقتصادي فضل أبو العينين أن الأزمة خليط بين الحقيقية والمفتعلة وهي ناتج لضعف رقابة وزارة التجارة على الأسواق وعجز المصانع عن تلبية حاجة الاستهلاك مطالبا وزارة التجارة بأداء دورها الحقيقي والتصدي لنظام توزيع المناطق الذي اتفقت عليه المصانع فينما بينها. ويقول أبو العينين ان حجم الإنتاج يقل في السعودية في الوقت الحالي عن الطلب إذا أضفنا إلي ذلك القرارات الملكية وتوجه الدولة لبناء 500 ألف وحدة سكنية للمواطنين مع توجه الدوله التنموية.. فهذه الأمور ستزيد الطلب على الأسمنت خلال الأشهر المقبلة وسيزيد من أعباء السوق وسيتناقص الأسمنت من السوق تدريجيا".. ويتابع "سبب الأزمة هو محدودية الإنتاج مقارنة بالطلب". ويتهم الكاتب الاقتصادي بعض التجار بمحاولة استغلال الوضع لتحقيق مكاسب كبيرة ويقول: "في الوقت الحالي بعض التجار يحاولون تخزين الأسمنت وتجفيفه من السوق وهو مايسمى تعطيش السوق والهدف الرئيسي هو رفع سعره إلى مستوى 22 و24 ريالا وهذا ماحصل في المنطقة الغربيةوعسير وأتوقع أن تصل الأزمة إلى مناطق أخرى.. عاجلا أم آجلا سنواجه المشكلة طالما مصانع الأسمنت وصلت لمرحلة عدم القدرة على سد الطلب المحلي". واتهم نظام توزيع المناطق بين المصانع بالتسبب بجزء كبير من المشكلة قائلا "قبل ثمانية أشهر كانت شركات الأسمنت تشتكي أن لديها تكدسا في الإنتاج وتطالب بفتح باب التصدير، ولكنها الآن تشتكي من عدم قدرتها على تلبية الطلب المحلي ولدينا أزمة في الغربيةوعسير فهل يمكن أن نوعز الشح في منطقتين مختلفتين إلى تصرفات التجار؟ ربما لها دور ولكن لو كان هناك فائض حقيقي في الأسواق لما وصلنا إلى هذه الحاله". وتابع "مدير فرع وزارة التجارة في عسير قال إن سبب الأزمة أن الطلب يزيد عن العرض وهذا اعتراف من وزارة التجارة ولهذا يجب أن تقوم الشركات التي لديها فائض بسد هذا النقص.. تعلمنا في السوق أن الأزمات لا تحصل من فراغ ولايطول الوقت كي يتحول الفائض إلى عجز حقيقي وهو أمر حدث أكثر من مرة في السابق". وطالب أبو العينين وزارة التجارة بتأدية دورها الرقابي بشكل أكثر حزما قائلا: "تقسيم السوق بين مصانع الاسمنت أمر يجب أن تلتفت له وزارة التجارة .. فلا يحق لمصنع ما أن يحتكر سوقا ومستهليكن وهو لا يستطيع تلبية طلباتهم الأمر الآخر نحن كلنا في السعودية وكل المناطق جزء من البلد ويجب أن يكون المبدأ التنافس فيما بينها وليس عبر الاحتكار.. واقتسام السوق هو نوع من الاحتكار.. ولابد أن توجه بقية المصانع الفائض لديها لسد العجز في مناطق أخرى". وتابع "هناك خلل حقيقي في تنظيم هذه المصانع ويجب أن تعالج وزاره التجاره هذا الخلل فالتجار لن يصلوا لمرحلة تعطيش السوق طالما المصانع قادرة على إنتاج كميات كبيرة تفيض عن الحاجة.. ولا يمكن للتاجر تعطيش السوق إلا إذا كان هناك خلل حقيقي في عمل المصانع والتاجر يقوم باستغلال الخلل لمصلحته من خلال تخزين الأسمنت لرفع سعره او بيعه في أسواق أخرى تعاني من الشح ويعرض البضاعة بأسعار مرتفعة". وأضاف "هذا جزء من المشكلة وليس كل المشكلة فلو كان هناك فائض في الإنتاج لما كانت هناك قضية.. والدليل أن لا أحد يستطيع أن يخزن الحديد لأن العرض دائما أكثر من الطلب". وشدد أبو العينين على أن المشكلة ليست في الأسمنت فقط بل في كثير من المنتجات الضرورية لأن وزارة التجارة لاتقوم بدوها الرقابي على الوجة الأكمل.. وأضاف: "المشكلة ليست أزمة اسمنت فقط بل هي سلسلة أزمات في الشعير والقمح والمياه وغيرها وهذا كله بسبب عدم التخطيط الاستراتيجي من قبل وزارة التجارة.. لهذا يجب أن تكون وزارة التجارة أكثر كفائة وتفاعلا مع المستثمرين وخاصة المستثمرين الصناعيين وتسهل لهم عملهم، وأيضا وزارة المالية عليها المساعدة بتوفير القروض للمصانع التي تحتاج ذلك.. حتى نصل لمرحلة يكون لدينا فائض إنتاجي مستمر لايمكن أن يتغير خلال ثلاث سنوات قادمة وهنا لايمكن لأي تاجر أن يتسبب في تعطيش السوق وإحداث أزمة من لا أزمة.. فضعف الرقابة من وزارة التجارة وضعف الوازع الديني يقود لمثل هذه الأزمات". ويؤكد مقاولون أن الأزمة الحالية في سوق الأسمنت "مصطنعة" وغير واقعية لوجود فائض كبير في الرياض والمنطقة الشرقية يمكن أن يسد عجز المنطقة الغربية. ويقول رئيس لجنة المقاولين في الغرفة التجارية والصناعية بالرياض فهد الحمادي إن المقاولين في العاصمة الرياض لم يبدوا أي ضجر من عمليات عدم توفر كميات الأسمنت التي يقومون بطلبها، ويضيف "ما يحدث حالياً في أسواق جدةوالمدينةالمنورة ومكة وغيرها، من نقص الكميات المعروضة من الأسمنت هي أزمة مصطنعة وليست نتيجة ارتفاع مفاجئ في حجم الطلب كما يشاع". وأوضح الحمادي أن مصانع الأسمنت المحلية من خلال كميات الإنتاج التي تقوم بإنتاجها سنوياً وفقاً لطاقاتها التشغيلية الكاملة فإنها تستطيع تلبية طلبات السوق المحلية بكل سهولة، مؤكداً على أن المقاولين لم يقوموا برفع حجم الطلب كما يروج لذلك بعض موزعي الأسمنت. وهو مايؤكده مدير مؤسسة الخياط للمقاولات علي الخياط الذي يرى أن مؤسسته لا يواجهون أية مشاكل مع الأسمنت.. ويضيف للعربية.نت "لا نواجه صعوبة في الحصول على مانريد من كميات الأسمنت في الرياض.. وما يحدث في الأسواق الأخرى أمر لانفهمه". ومن ناحيته، أوضح أحد تجار مواد البناء في جدة يدعى راشد البلال أنه "حان الوقت لتتحرك وزارة التجارة لكبح جماح السوق السوداء التي يرى أن العمالة الوافدة هي السبب فيها"، مشيراً إلى أن المصانع كان لها دور في حدوث الأزمة، بسبب تقليص الإنتاج في مثل هذه الأوقات التي وصفها ب(الحرجة) نظراً للطلب المتنامي على الأسمنت في المملكة. وطالب بأن تشمل رقابة وزارة التجارة مصانع الأسمنت في السعودية، مع ضرورة تحديد نقاط توزيع للأسمنت تكون مراقبة من الوزارة. وفي محاولة جادة لسد حاجة السوق من الأسمنت في المنقطة الغربية وجَّه محافظ جدة الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز فرع وزارة التجارة والصناعة إلى محاسبة المتسببين في ارتفاع أسعار الإسمنت وأمر بتوفير هذه المادة الأساسية. كما وجَّه أمير منطقة المدينةالمنورة الأمير عبد العزيز بن ماجد بن عبد العزيز الجهات المختصة بتعميد مصنع أسمنت ينبع لتأمين مالا يقل عن 30 شاحنة من الأسمنت يومياً للمدينة المنورة، يتم توزيعها على ناقلات أصحاب مؤسسات بيع الأسمنت المرخصة بالمدينة. وفي بيشة أجبرت الدوريات الأمنية أحد موزعي الإسمنت على بيعه للمواطنين, عقب رفضه لذلك بحجة أن حمولة الشاحنة ليست للبيع, مبيناً أنها متجهة إلى مستودعاته. وأصدرت وزارة التجارة والصناعة قراراً بالتشهير بمؤسسة النهدي لتجارة مواد البناء في جدة، حيث ألزمت مالكها بدفع قيمة الإعلان الذي نشر اليوم في صحيفة محلية تصدر في منطقته، وذلك لرفعها سعر الأسمنت إلى 18 ريالاً للكيس. وكانت المؤسسة عمدت إلى رفع سعر كيس الأسمنت بمقدار أربعة ريالات عن السعر السائد في السوق، فيما تضمن الإعلان الذي نشر اليوم اسم مالك المؤسسة التي غالت في أسعار الأسمنت، ورقم سجله التجاري، واسم منشأته، ونوع المخالفة. وظهرت بوادر انفراج أزمة الأسمنت في المنطقة الغربية في المملكة العربية السعودية بعد اتفاق شركة أسمنت ينبع مع شركة "أرامكو" على إعادة كميات الوقود التي تحتاج إليها الشركة للإنتاج بطاقتها المعتادة. ويأتي ذلك بعد أن أدى نقص الوقود في شركة أسمنت ينبع إلى تقلص إنتاج الشركة، الأمر الذي تسبب في شح المعروض، وارتفاع الأسعار في أسواق المنطقة الغربية. ومن المتوقع في ضوء هذا الاتفاق أن تعود الشركة للإنتاج بطاقتها السابقة، ما يؤدي إلى تزويد السوق بكميات الأسمنت كما هو معتاد، وانعكاس ذلك على الأسعار لتعود إلى وضعها السابق. وفي المقابل أكدت (أرامكو) في بيان لها أن كميات الوقود المتعاقد عليها مع شركة أسمنت ينبع متوافرة، وأن الناقلين المتعاقدين مع شركة أسمنت ينبع لم يقوموا بنقل الكميات المتعاقد عليها كاملة خلال الفترة الماضية لأسباب تعود لشركة أسمنت ينبع والناقلين. وأعلنت شركة أسمنت ينبع في 12 من الشهر الجاري عن توقفات متقطعة منذ 23 مارس 2011 في خطوط الإنتاج رقم 1 و2 و3 التي تبلغ طاقتها الإنتاجية أربعة آلاف طن يومياً والتي تمثل نسبة 32% من إجمالي الطاقة الإنتاجية للشركة، مشيرة إلى أن ذلك تم نظراً لعدم توافر الوقود. وأوضحت الشركة أنه تم التوقف التام صباح الثلاثاء 12 أبريل العام الجاري، مضيفة ''علماً بأن الشركة تبيع كامل إنتاجها من الخط الرابع البالغ إنتاجه 8500 طن يومياً والوقود المتاح يكفي لتشغيل الخط الرابع فقط''. يشار إلى أنه يبلغ حجم إنتاج المصانع المحلية من الأسمنت خلال العام الحالي 50 مليون طن، مقابل حجم طلب من المتوقع أن يبلغ 48 مليون طن، في حين كان حجم الاستهلاك في العام الماضي نحو 42 مليون طن.