عمان (رويترز) - يسعى الملك عبد الله عاهل الاردن لاسترضاء القبائل الاردنية القوية بتعيين ضابط جيش محافظ سابق كبير رئيسا للوزراء ولكنه سيحتاج الى اجتذاب قاعدة اوسع للحفاظ على الاستقرار وتفادي اضطرابات اقليمية. وقام الملك عبد الله في مواجهة احتجاجات واسعة ناطقة استلهمت من الانتفاضتين التونسية والمصرية بعزل حكومته وتعيين معروف بخيت رئيسا للوزراء يوم الثلاثاء مما ادى الى اثارة المعارضة الاسلامية الرئيسية والتي قالت ان بخيت اشرف على انتخابات 2007 التي شابها تزوير. وقال محللون ان هذا القرار يعكس اولوية تقليدية للعائلة الهاشمية الحاكمة باسترضاء اردني "الضفة الشرقية" وهم السكان الاصليون للبلاد والذين يهيمنون على المؤسسة السياسية على مصالح المجتمعات الفلسطينية. واستقرار الاردن مهم لاسرائيل التي لها معاهدة سلام وتعاون امني وثيق مع جارتها الواقعة في شرقها. والملك عبد الله الذي تلقى تعليمه في بريطانيا شريك سياسي وعسكري رئيسي للغرب. ويشكل الفلسطينيون والاردنيون المنحدرون من اصل فلسطيني اغلبية السكان البالغ عددهم سبعة ملايين نسمة. وشعر سكان الضفة الشرقية الذين يحظون بمستوى اعلى بوجه عام من الوظائف والدعم الحكومي بتهديد لمصالحهم من انكماش اقتصادي حاد ومن تحرر اقتصادي شجعه رئيس الوزراء السابق سمير الرفاعي . واستمرت الاحتجاجات عبر الاردن رغم حزمة عاجلة من المساعدات الحكومية بلغت قيمتها 500 مليون دولار وركزت على زيادة رواتب موظفي الحكومة والغاء قرار بتجميد التوظيف في الحكومة. ودعا المحتجون الى عزل الرفاعي على الرغم من عدم توجيه انتقاد مباشر للقصر. وقال محمد المصري وهو محلل سياسي في مركز الاردن للدراسات الاستراتيجية ان الملك بتعيينه بخيت يسعى الى تهدئة ناخبين ذوي نفوذ يحددون مصالحهم داخل البيروقراطية الحكومية التقليدية وتشعر بانها مهددة بسبب سياسات السوق الحرة المفرطة. ولكنه قال ان الايام المقبلة ستثبت مااذا كانت هذه الاستراتيجية قادرة على احتواء مطالب المجتمع المدني والسياسي لاصلاحات سياسية اكبر. وعلى عكس المظاهرات الضخمة في تونس ومصر حيث خرج مئات الالاف من المحتجين الى الشوارع مطالبين بالاطاحة برئيسي الدولتين لم تستهدف التجمعات الحاشدة في الاردن الملك عبد الله حتى الان. وعادة ما ينزع حكام الاردن فتيل التوتر في اوقات الازمات بعزل الحكومة. وقد قام الملك حسين والد الملك عبد الله بتغيير رئيس الوزراء 45 مرة خلال فترة حكمه التي امتدت لسبعة واربعين عاما رغم افتراض ان هذه الخطوة ستنجح دائما قد يكون امرا محفوفا بالمخاطر. وقال مصطفى حمارنة وهو محلل سياسي ورئيس مجلس ادارة مجلة السجل ان الملكية محصنة في الوقت الحالي ولكن هذا ليس شرطا دائما. واضاف انه لا يعتقد ان بخيت من نوع الساسة الذين يجرون اصلاحا سياسيا من نوع التغيير الذي تحتاجه البلاد بشدة. ومثل عزل الرفاعي احدث مواجهة بين الملك عبد الله ومؤسسة تعارض منذ فترة طويلة اجراء تغييرات في مجتمع ذي تركيب قبلي خشية ان ذلك قد يعطي الاردنيين من اصل فلسطيني تأثيرا اكبر ويحد من امكانية حصول سكان الضفة الشرقية على الاموال الحكومية. وسلطت برقية دبلوماسية امريكية مسربة نشرها موقع ويكيليكس هذا الاسبوع حجم هذا الانفاق قائلا ان 83 في المئة من ميزانية الاردن التي بلغ حجمها 7.71 مليار دولار العام الماضي خصصت "لجهاز حكومي متخم ونظام محسوبية عسكرية." واثار تبني الرفاعي لمشروعات خاصة مخاوف من انه سيضعف الدور الاقتصادي للدولة وهو ما تم الاعراب عنه في الاحتجاجات في المعاقل الريفية بالضفة الشرقية مثل مدينتي الكرك ومعن. ويتركز الاسلاميون الاردنيون وهم اكبر جماعة سياسية في البلاد بشكل اساسي في عمان والمناطق الحضرية المحيطة بها ويتواري دورهم في الاحتجاجات خارج العاصمة. ويقول حزب جبهة العمل الاسلامي الذي رفض تعيين بخيت بوصفه خطوة غير كافية انه سيواصل احتجاجات اسبوعية اجتذبت بضعة الاف من المتظاهرين في عمان بعد صلاة الجمعة قائلا ان الاحتجاجات لها اهداف اوسع. وقال الشيخ حمزة منصور زعيم حزب جبهة العمل الاسلامي ان القضية لا تتعلق بشخص الرفاعي وانما تتعلق بتغيير الطريقة التي تشكل بها الحكومات والانتقال الى الحكومات المنتخبة التي تكون نيابية بشكل حقيقي." وعمل بخيت وهو ضابط مخابرات عسكرية سابق رئيسا للوزراء من عام 2005 حتى عام 2007 واشرف على انتخابات برلمانية نظر اليها على نطاق واسع على انه شابها تزوير. ويقول محللون انه معروف بتحفظاته على القطاع الخاص ومن المرجح ان يطمئن موظفي القطاع العام بانه سيتم الحفاظ على مصالحهم. ويقول مساعدو بخيت ان مجلس الوزراء سيضم شخصيات من القطاع الخاص. ولكن سياسة اقتصادية دفعت اليها ملاءمات سياسية لن تؤدي الا الى اضعاف قدرة البلاد على مكافحة ركود. وخصص ما لايقل عن 1.4 مليار دولار للدعم من الشعير لمربي المواشي الى الكهرباء والماء في المناطق الريفية. ويأمل اردنيون كثيرون نظموا احتجاجات في الاسابيع الاخيرة ان يحافظ بخيت على عدم المساس بهذا الدعم. وعلى الرغم من ان السلطات تمكنت من خفض عجز قياسي في الميزانية بلغ ملياري دولار في 2009 الى نحو الثلث في العام الماضي فان الغاء اجراءات التقشف التي طبقت في اعقاب الاحتجاجات ستضغط على مالية الدولة التي ظلت طويلا مكتفية ذاتيا من خلال المساعدات والتحويلات. وقال سامي الزبيدي وهو كاتب عمود بارز ورئيس تحرير موقع امان سبوت على الانترنت ان القضية في الاردن ليست بشأن تغيير النظام ولكنها تتعلق بتغيير سلوك النظام. واضاف ان الناس مازالوا يثقون في ان الملك عبد الله مازال لديه الكثير ليعطيه للشعب. واضاف ان التركيب القبلي للاردن لا يسمح بنظام بديل غير هذا النظام. وقال ان العرش مازال يحظى بثقة الاردنيين .