لندن (رويترز) - يواجه غرب أوروبا عاما ينطوي على تحديات جسام في 2011 حيث يتخذ اجراءات قاسية للتقشف في مواجهة اضطرابات وانقسامات مرجحة بشأن التعامل مع أزمة الديون بمنطقة اليورو. فيما يلي المخاطر الرئيسية التي تجدر متابعتها في المنطقة. - أزمة منطقة اليورو: في حين أن كل الدول الاوروبية تقريبا تقع تحت بعض الضغوط من السوق لكبح جماح العجز فان اقتصادات كل من البرتغال وايطاليا وايرلندا واليونان واسبانيا هي التي تحظى بأكبر قدر من التركيز. بالنسبة لايرلندا واليونان اللتين اضطرتا الى السعي للحصول على حزمة انقاذ من صندوق النقد الدولي والاتحاد الاوروبي فان السؤال الاساسي سيكون ما اذا كانت اجراءات التقشف الصارمة ستكون قابلة للاستمرار من الناحية السياسية. وبالنسبة للاخرين فان السؤال هو ما اذا كان خفض الانفاق والسيطرة على المشاكل المصرفية سيمكنهم من اقناع الاسواق بأن باستطاعتهم الاستمرار دون خطط انقاذ. وبالنسبة لدول اوروبا الغنية يظل الجدل قائما حول حجم الدعم المتوفر فعليا وما الشروط المرتبطة بذلك. وسواء كان السبب هو الاضطرابات او مشاكل سياسية أخرى فان من المرجح الا يؤدي التذبذب السياسي الى رفع تكاليف الاقتراض وحسب بل قد يمتد الى أسواق أوروبا او حتى الاسواق العالمية. ما تجدر متابعته: ما اذا كانت أسواق السندات ووكالات التصنيف الائتماني ستواصل الضغط على هذه الاقتصادات بمنطقة اليورو والتي سيكون لها اثار اجتماعية وسياسية واثار على السوق أوسع نطاقا. وحتى الان تميل ضغوط الاسواق للعودة الى الدول التي ينظر اليها على أنها عالجت الازمة مثل أيرلندا. وبدرت مؤشرات بالفعل على اتجاه المستثمرين الى بلجيكا. هل سيتجه التركيز الى دول أخرى؟ - هل سيبدأ التوافق السياسي بشأن التقشف في هذه الاقتصادات يتداعي؟ هل ستمضي دول أخرى من منطقة اليورو مثل بريطانيا قدما في خفض الانفاق او ستتجه مجددا الى اجراءات التحفيز تجنبا للانزلاق الى الكساد مرة أخرى؟ - تحديات أساسية: يتحدث صناع القرار في أوروبا بوضوح عن أن الاتحاد يواجه تساؤلات أساسية بشأن مستقبله تتجاوز المشاكل قصيرة المدى التي تعانيها اليونان او ايرلندا او غيرها. وقال رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو لزعماء الاتحاد الاوروبي خلال اجتماع عقد في ديسمبر كانون الاول ان المشاكل "منهجية" في حين قال صندوق النقد الدولي ان الاجراءات التي يتخذها الاتحاد الاوروبي في الوقت الحالي للتعامل مع أزمة كل دولة على حدة غير كافية. وخلال قمة استمرت يومين اتفق الزعماء على تغيير معاهدة الاتحاد الاوروبي لانشاء شبكة للامان المالي بدءا من عام 2013 غير أن مخاوف السوق حول ما اذا كان الاتحاد لديه ما يكفي من التمويل لمساعدة الدول التي تعاني من مشاكل لا تزال قائمة. وعلى المدى الطويل يقول بعض المحللين ان الاتحاد اما سيمضي نحو اتحاد مالي أوسع نطاقا او يجازف بالانقسام. ويؤيد بعض الزعماء ومن بينهم رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني فكرة اصدار سندات مشتركة من منطقة اليورو وهو ما تعارضه بشدة المستشارة الالمانية انجيلا ميركل. ما تجدر متابعته: - اذا احتاجت دول أخرى مثل البرتغال او اسبانيا الى الانقاذ العام القادم وما اذا كانت هناك أموال كافية او هل تحتاج منطقة اليورو الى انشاء صندوق اخر لمواجهة الازمة؟ هل يتزايد الضغط بما يدفع حائزي السندات الخاصة الى قبول خصم كبير من قيمتها السوقية عبر اعادة هيكلة الدين؟ - هل يتزايد الضغط من أجل سندات مشتركة من منطقة اليورو على الرغم من معارضة المانيا؟ - الاضطرابات الاجتماعية: شهدت كل دول اوروبا تقريبا زيادة في الاضرابات والاحتجاجات والاضطرابات خلال الازمة المالية ويبدو أنها ستتفاقم في 2011 . لكن حتى الان في الوقت الذي نجحت فيه المظاهرات في الحصول على تنازلات صغيرة من وقت الى اخر فانها لم تنجح الى حد كبير في التأثير على السياسة الاوسع نطاقا. وينظر الى اليونان التي شهدت اعمال شغب على نطاق واسع في عدة مناسبات ومن بينها مظاهرات في مايو ايار قتل خلالها ثلاثة أشخاص في بنك اشتعلت فيه النيران على أنها الاكثر عرضة للخطر. وشهدت بريطانيا أسوأ أعمال شغب منذ 20 عاما في ديسمبر كانون الاول بسبب اقتراح برفع مصروفات التعليم ومن المتوقع حدوث المزيد العام القادم مع اشتداد تخفيضات الانفاق. غير أنه حتى الان لم تغير الحكومة الائتلافية مسارها. على النقيض شهدت ايرلندا مظاهرات حاشدة دون أعمال عنف تقريبا على الرغم من اجرائها بعض أقسى التخفيضات في أوروبا وينظر الى هذا على نطاق واسع على أنه مؤشر مثلما حدث في الكثير من الاقتصادات الصاعدة في اوروبا تقبل المجتمع اجراءات التقشف الى حد كبير. وجرت في فرنسا مظاهرات حاشدة ضد اصلاحات معاشات التقاعد المقترحة وربما تشهد المزيد في الفترة السابقة لانتخابات عام 2012 . ومضت الحكومة قدما في بعض التغييرات لنظام معاشات التقاعد على الرغم من الاحتجاجات. واشتبك ممارسو أعمال شغب مع الشرطة في الشوارع بعد أن نجا رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني من اقتراع بسحب الثقة في حين أعلنت اسبانيا "حالة التأهب" حتى تجبر المراقبين الجويين الذين نظموا اضرابا على العودة الى العمل. ما تجدر متابعته: - هل تتحول الاحتجاجات الى حركة أوروبية أوسع نطاقا مناهضة لاجراءات التقشف ام ستظل متشرذمة ومقتصرة على جماعات معينة ذات مصلحة؟ في بريطانيا هل سيصبح الطلبة جزءا أساسيا من قضية احتجاجية اوسع نطاقا ام سيختفون سياسيا بعد أن تم الانتهاء من الاقتراع على رفع مصروفات الدراسة؟ - من المرجح أن تولي النقابات العمالية تركيزا لاسقاط حكومات يمين الوسط كتلك الموجودة في بريطانيا وفرنسا او ايطاليا اكبر من الذي ستوليه لحكومات يسار الوسط الموجودة في اليونان والبرتغال او اسبانيا. - الانتخابات والتوترات الحكومية: سيختبر تطبيق اجراءات التقشف القاسية اكثر الحكومات صمودا وتتعامل حكومات أوروبية كثيرة مع مشاكل سياسية داخلية متزايدة الى جانب انتخابات تلوح في الافق ستؤثر على صناعة القرار. ويبدو أن حرارة المشهد السياسي في فرنسا سترتفع قبل انتخابات الرئاسة عام 2012 التي سيواجه فيها الرئيس نيكولا ساركوزي منافسا اشتراكيا ربما يكون الرئيس الحالي لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس كان. كل هذا علاوة على تزايد خطر الاضطرابات سيثني ساركوزي فيما يبدو عن اجراء المزيد من الاصلاحات. وربما يناضل رئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس رودريجيث ثاباتيرو حتى يستمر لحين اجراء الانتخابات المقررة في عام 2012 اذا فقد دعم أحزاب الاقلية الرئيسية مثل حزب الباسك القومي. ونجا رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني من أحدث اقتراع بحجب الثقة في ديسمبر كانون الاول لكن الكثير من المحللين يعتقدون أنه سيواجه جمهور الناخبين العام القادم بعد أن فقد دعم حلفاء رئيسيين. وستراقب المستشارة الالمانية انجيلا ميركل عن كثب الانتخابات المحلية وهي حريصة على الا تفقد المزيد من السلطة. وينظر الى حكومة الاقلية الاشتراكية بالبرتغال على أنها مقيدة بحاجتها الى الاحتفاظ بالاحزاب الاخرى في صفها. على النقيض فان الاشتراكيين باليونان يتمتعون بوضع جيد في الحكم رغم الاحتجاجات. ومن المرجح نسبيا أن يستمر الائتلاف بين الديمقراطيين الاحرار والمحافظين وهو الاول منذ عقود ففي ظل التراجع الشديد في شعبية الديمقراطيين الاحرار فانهم سيخسرون الكثير اذا تسببوا في اجراء انتخابات. ما تجدر متابعته: - تواجه ايرلندا لا محالة فيما يبدو تغييرا حكوميا حين تجري الانتخابات أوائل العام القادم. لكن هل سيلتزم حزب فين جيل المعارض بخطط التقشف الحالية؟ - اي مؤشرات على توترات في الائتلاف الحكومي في بريطانيا او غيرها قد تثير قلقا في الاسواق. - مخاطر خارجية: في الوقت الذي ستشغل فيه المشاكل السياسية لاوروبا كثيرين في الاسواق فان المستثمرين الاوروبيين يواجهون ايضا مجموعة من المخاطر السياسية الخارجية خلال 2011 . وفي حين أن خطر أن تؤثر أزمة الديون في اوروبا الصاعدة على دول اوروبا الاكثر ثراء يبدو أقل مما كان عليه قبل عام مضى فان محللين يحذرون من التوترات الجيوسياسية المتصاعدة بين الصين والولاياتالمتحدة بشأن العملة وقضايا أخرى مما قد يؤثر على الاقتصاد العالمي. من المرجح أن يكون للصراع في الشرق الاوسط بشأن برنامج ايران النووي او في شبه الجزيرة الكورية أثر جانبي على الاسواق الاوروبية في حين تواجه الشركات الاوروبية في الخارج منافسة متزايدة من منافسين من اقتصادات صاعدة. ما تجدر متابعته: - هل هناك اي اشتباكات عسكرية في الشرق الاوسط او كوريا محدودة في طبيعتها ام مستمرة؟ ربما تستطيع الاسواق تجاهل الاعمال المحدودة لكن أي أثر طويل المدى على امدادات النفط أو النمو الاسيوي سيكون اكثر خطورة. - هل ستنجر أوروبا الى مواجهة أوسع نطاقا بشأن العملة بين الولاياتالمتحدة والاقتصادات الصاعدة؟ حتى الآن تأخذ أوروبا صف جانب واحد ويميل اليورو الى الاستفادة من ضعف الدولار.