تداول 29 سفينة للحاويات والبضائع العامة بميناء دمياط    حماس: تسليح الاحتلال لمليشيات يؤكد إشرافه على هندسة الفوضى بغزة    روسيا تعلن وقوع انفجار على خط السكة الحديد في منطقة فورونيش الحدودية    مصطفى محمد يُساند الزمالك من مدرجات ستاد القاهرة أمام بيراميدز    الزمالك يصل إلى ستاد القاهرة لمواجهة بيراميدز في نهائي الكأس    السعودية: عدد الحجاج من الخارج أكثر من مليون ونصف يحملون 171 جنسية    التنوع الحضاري والتراثي للمنيا في مناقشات أسبوع المرأة بعاصمة الثقافة المصرية    " صوت الأمة " تنشر أهم التوصيات الصادرة عن المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية    وزير الخارجية الألماني يجدد مطالبته لإسرائيل بالسماح بدخول المساعدات إلى غزة    إيطاليا واليونان تبحثان تعزيز التعاون الدفاعي البحري في إطار الناتو    المتعافون من الإدمان يشاركون فى تزيين مراكز العزيمة استعدادًا لعيد الأضحى .. صور    نادي قطر يعلن انتهاء إعارة أحمد عبد القادر ويوجه الشكر لبيرسي تاو    حمادة هلال يوجه رسالة لجمهوره أثناء أدائه فريضة الحج    ماحقيقة إعلان توبته ؟.. أحمد سعد يرتل القرآن الكريم في المسجد النبوي.. شاهد    إعلام إسرائيلى: مقتل جندى إسرائيلى متأثرا بجروح خطيرة أصيب بها فى غزة قبل 8 أشهر    رفع درجة الاستعداد بمستشفيات سوهاج الجامعية خلال إجازة عيد الأضحى    طريقة عمل لحمة الرأس بخطوات سهلة ومضمونة    الرجل الثاني في الكنيسة الأرثوذكسية.. من هو الأنبا يوأنس سكرتير المجمع المقدس؟    "لو لينا عمر" أغنية لآمال ماهر بتوقيع الملحن محمدي في أول عمل يجمعهما    الدعاء من العصر حتى المغرب.. ننشر أعظم الأعمال في يوم عرفة    خلال اتصاله بنظيره الرواندي.. وزير الخارجية يشدد على أهمية تحقيق التهدئة في منطقة البحيرات العظمى    وزير قطاع الأعمال يلتقى وفدا من "Global SAE-A" الكورية لبحث فرص التعاون    «الجيل»: ما يدور عن «القائمة الوطنية بانتخابات الشيوخ تكهنات تثير لغط»    الزمالك يشترط الفوز بالكأس للموافقة على استمرار شيكابالا.. فيديو    أمين البحوث الإسلامية مهنِّئًا بحلول عيد الأضحى: فرصة لتعزيز المحبَّة والرحمة والتكافل    انسحاب الوفد العمالي المصري والعربي من مؤتمر جنيف رفضًا للتطبيع    في إجازة عيد الأضحى.. حدود السحب والإيداع القصوى من ماكينات ATM    محافظ الدقهلية أثناء استقبال المهنئين بعيد الأضحى: مصر قادرة على تخطي أي تحديات    تظهر على اليدين والقدمين- 4 أعراض لارتفاع حمض اليوريك احذرها    س وج.. كل ما تريد معرفته عن خدمات الجيل الخامس "5G"    تشيفو يقترب من قيادة إنتر ميلان بعد تعثر مفاوضات فابريغاس    «بعتنا ناخده».. رسالة نارية من أحمد بلال ل هاني شكري بعد «سب» جمهور الأهلي    "يجب أن يكون بطلًا دائمًا".. كوفي يوجه رسالة للزمالك قبل نهائي الكأس    المسرح النسوي بين النظرية والتطبيق في العدد الجديد لجريدة مسرحنا    تهنئة أول أيام عيد الأضحى برسائل دينية مؤثرة    شوبير يكشف موقف أحمد عبد القادر من الاستمرار في الأهلي بالموسم المقبل    يوم الرحمة.. كيف تستغل يوم عرفة أفضل استغلال؟    تنبيه بخصوص تنظيم صفوف الصلاة في مصلى العيد    رئيس إيران يهنئ الرئيس السيسى بعيد الأضحى ويؤكدان أهمية تجنب التصعيد بالمنطقة    نائب وزير المالية ورئيس مصلحة الجمارك فى جولة ميدانية بمطار القاهرة: حريصون على تسهيل الإجراءات الجمركية للعائدين من الخارج    «حلوان» و«حلوان الأهلية» تستعرضان برامجهما المتميزة في «نيجيريا»    تقديم الخدمة الطبية ل1864 مواطنًا ضمن قافلة علاجية بعزبة عبد الرحيم بكفر البطيخ    استعدادا ل عيد الأضحى.. رفع درجة الاستعداد داخل مستشفيات دمياط    زلزال بقوة 4.6 درجة على مقياس ريختر يضرب بحر إيجة    3 أبراج تهرب من الحب.. هل أنت منهم؟    كيف تؤدى صلاة العيد؟.. عدد ركعاتها وتكبيراتها وخطواتها بالتفصيل    الصحة: فحص 17.8 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف عن الأمراض المزمنة    أجمل صور يوم عرفة.. لحظات تتجاوز الزمان والمكان    كل ما تريد معرفته عن جبل عرفات ويوم عرفة    مفاجأة.. ماسك طلب تمديد مهمته في البيت الأبيض وترامب رفض    قبل عيد الأضحى.. حملات تموينية بأسوان تسفر عن ضبط 156 مخالفة    مصرع عامل في حادث انقلاب دراجة نارية بالمنيا    تكثيف الحملات التموينية المفاجئة على الأسواق والمخابز بأسوان    أسعار البقوليات اليوم الخميس 5-6 -2025 في أسواق ومحال محافظة الدقهلية    موقع الدوري الأمريكي يحذر إنتر ميامي من خماسي الأهلي قبل مونديال الأندية    «مسجد نمرة».. منبر عرفات الذي بني في مكان خطبة الوداع    مسجد نمرة يستعد ل"خطبة عرفة"    أرخص 10 سيارات مستوردة إلى مصر بدون جمارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجفاف يجبر الآلاف على هجرة الجزيرة السورية والعيش في ظروف بائسة
نشر في مصراوي يوم 16 - 12 - 2010

شهدت معظم مناطق سوريا وبلدان شرق أوسطية أخرى أواسط الشهر الجاري ديسمبر/ كانون الأول 2010 موجة أمطار وثلوج غزيرة لم تشهدها المنطقة منذ سنوات عديدة. غير أن هذه الموجة لم تغير بل ضاعفت من معاناة النازحين بسبب حالة الجفاف التي تعيشها بشكل حاد مناطق شمال شرق سوريا والتي تُعرف بالجزيرة السورية، إضافة إلى مناطق أخرى في دير الزور والرقة حيث حوض الفرات الذي كان في الأزمان الغابرة "عنبر" القمح الخاص بالإمبراطورية الرومانية.
حالة الجفاف هذه التي تعيشها المناطق المذكورة ومناطق أخرى في أسوء حالاتها منذ عام 1958، أدت إلى اختفاء ينابيع وجفاف حتى نهر الخابور وتدهور منسوب المياه الجوفية بشكل أجبر مئات الآلاف من السكان للهجرة إلى محيط العاصمة دمشق والمناطق الساحلية أو إلى الخارج بحثا عن الرزق ولقمة العيش. وزاد من حدة ظاهرة الهجرة قلة الدعم المقدم لسكان المناطق المتضررة ورفع أسعار الديزل/ المازوت الذي يستخدمه المزارعون كوقود لضخ المياه بمحركات كبيرة من أعماق تقدر بمئات الأمتار. وتقدر منظمات دولية بينها الصندوق الإنمائي للأمم المتحدة عدد المتضررين بقسوة من جفاف العقدين الماضيين بأكثر من مليون نسمة.
حياة في ظروف بائسة
عائلة أبو ظافر نعمان إحدى آلاف العائلات التي هاجرت من مدينة الرقة إلى جوار مدينة اللاذقية الساحلية حيث يعمل مع بعض أفراد العائلة في قطاف الحمضيات وجني الزيتون والزراعة بشكل موسمي. "لم يبق أمامي خيار آخر سوى ترك بلدي بعد موجة القحط التي قضت على حقولي الزراعية وهددت أغنامي بالموت"، يقول أبو ظافر الذي يسكن مع عائلته في خيمة في أحد بساتين البرتقال دون حمام وخدمات صحية ضرورية بسبب قلة الدخل وعدم القدرة على استئجار سكن.
أما التدفئة فعبارة عن وعاء معدني يتم فيه إشعال النار كي يتسنى لأفراد العائلة الالتفاف حوله من أجل بعض الدفء. ولا تخفي أم ظافر والأولاد حزنهم على فراق أقربائهم وأصدقائهم الذين ما يزالون في الرقة. وعلى مقربة من عائلة أبو ظافر تقيم عائلة أم واصف القادمة من مدينة الحسكة في ظروف مشابهة. "أعمل مع عائلتي في تربية بعض الأبقار والعناية ببستان الحمضيات كي نكسب بالكاد ما يسد رمقنا"، أما إذا أصاب أحدنا المرض فلا نستطيع الذهاب إلى الطبيب لعدم توفر المبلغ اللازم لفحص الطبيب وشراء الأدوية"، تقول أم واصف التي تسكن وعائلتها في غرفة دون نوافذ وأبواب محكمة.
خسائر كبيرة للدخل الوطني
حالة عائلتي أبو ظافر وأم واصف تروي واقع عشرات الآلاف من الأسر السورية التي تركت بيوتها في شمال شرق سوريا أو الجزيرة السورية هربا من الجفاف قاصدة محافظات أخرى أقل معاناة من قلة الأمطار والمياه. وقد وصل اتساع الهجرة إلى حد تشكيل تجمعات سكانية محرومة من الخدمات الصحية والتعليمية والخدمات الأساسية الأخرى، وتضم هذه التجمعات الآلاف من الخِيَّم والبيوت المؤقتة في بعض المناطق. وهو الأمر الذي يشكل ضغوطا على هذه الخدمات في مناطق أخرى، لاسيما في المناطق المزدحمة أصلا بمحافظات دمشق واللاذقية وطرطوس.
يضاف إلى ذلك أن هذه الهجرة حرمت سوريا من ثروات زراعية في مجال إنتاج الحبوب وتربية المواشي. "خسرنا جزءا كبيرا من ثروتنا الحيوانية بسبب هجرة المربين من مناطق البادية السورية إلى لبنان والأردن للعيش في ظروف أفضل"، يقول الدكتور أدهم جلب الأستاذ بكلية الهندسة الزراعية بجامعة تشرين السورية. ويقول الدكتور كامل خليل رئيس قسم البيئة في جامعة حلب بأن موجة الجفاف قلصت مساحة الأراضي الزراعية بشكل خطير، لاسيما وأن " 60 بالمائة من زراعاتنا بعلية". وتقدر مصادر غير رسمية التراجع الذي أصاب إنتاج الحبوب خلال السنوات الأربع الماضية بنحو مليون طن يشكل القمح الجزء الأكبر منها. وفي السياق ذاته يضيف الدكتور حسن علاء الدين، رئيس قسم الحراج والبيئة في جامعة تشرين السورية" أيضاً هناك أشجار تشتهر بها محافظة اللاذقية مهددة بمواجهة الحال الذي وصلت إيه زراعة القمح في سوريا، أي أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه فالثروة الخضراء في خطر".
مساعدات محدودة
من أجل تخفيف حالات البؤس التي تعيشها المناطق المتضررة من الجفاف تحاول مؤسسات حكومية بدعم من جهات دولية ومنظمات مدنية توفير بعض المساعدات العاجلة. "بلغت قيمة المعونات المقدمة من برنامج الأغذية العالمي، بالإضافة إلى المعونات التي تم تقديمها من الحكومة السورية من خلال المؤسسات والجهات التابعة والمعنية مثل وزارة الزراعة وهيئة تخطيط الدولة وهيئة البادية حتى الآن نحو 30.5 مليون دولار أي ما يعادل مليار و400 مليون ليرة " على حد تعبير جلال حمود، مدير الجفاف في وزارة الزراعة السورية في حديث خاص "بدويتشه فيله". ويضيف حمود بأنه يتم تقديم سلة غذائية لكل فرد على مراحل مؤلفة من حوالي 13 كيلو غرام أرز أو برغل، و 5 كيلو غرام من البقول، و 2 لتر من الزيوت و 5 كيلو غرام من الطحين و 250 غراما من الملح". ولتفادي هجرة الأسر المتبقية في المناطق المصابة بالجفاف تقوم وزارة الزراعة حسب حمود بتأمين "مستلزمات زراعة القمح البعلي والمروي من خلال توفير البذور بشكل مجاني وبناء القنوات لجر المياه من مناطق توفرها"، غير أن المشكلة تتمثل في اتساع رقعة المناطق المتضررة التي تشمل أيضا مناطق في مختلف المحافظات ويقطنها ملايين الناس. ومما يتطلبه ذلك توفر إمكانات للمساعدة يصعب على سوريا توفيرها بمفردها في الوقت المناسب. وردا على سؤال حول إمكانية توفير مزيد من المساعدات الدولية يجيب حمود بأن هذه المساعدات تصطدم بالمواقف السياسية للدول المانحة تجاه سوريا. وهنا يضيف حمود: "سبق وجاءت بعثتين من الأمم المتحدة لتقييم آثار الجفاف على المناطق الشمالية والشرقية وقدرت قيمة المعونات لعام 2009 ب 26 مليون دولار، غير إن الدول المانحة لم تعطي أكثر من ستة ملايين".
مطلوب حلول دائمة
غير أن المساعدات المقدمة حتى الآن لا تغير من حجم المأساة التي تواجهها العائلات المتضررة بشكل جوهري. فهي في كل الأحوال ليست كافية لإبقاء الذي لم يهاجروا بعد في مناطقهم أو لإعادة من هجرها إليها حسب حميد مرعي أحد المتضررين من الجفاف من مدينة الحسكة، ويقول مرعي بأن المطلوب إيجاد حلول مستدامة عن طريق توفير المياه للمناطق المتضررة واستخدام شبكات ري حديثة لتوفير استهلاك هذه المياه. وتطالب المتضررة سماهير الخطيب، من متضرري الجفاف في مدينة دير الزور بتقديم تسهيلات للمزارعين من خلال إعفائهم من القروض التي لا يمكنهم سدادها وتقديم أخرى بشروط ميسرة، أما الذين فقدوا عملهم فالمطلوب تقديم إعانات اجتماعية شهرية لهم كي لا يهجروا قراهم ومدنهم. فهذه الهجرة حسب رأيها سلاح ذو حدين، فهي من جهة تفرغ مناطق بكاملها من سكانها، ومن جهة أخرى فهي تؤدي إلى مزيد من الازدحام في المناطق التي يقصدها المهاجرون. وهو أمر يؤدي بدوره إلى حساسيات ومشاكل اجتماعية لاتنتهي دائما بالطرق السلمية.
عفراء محمد – حلب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.