اثارت خطة التقشف الايرلندية الصارمة التي اشادت بها بروكسل معتبرة انها "قاعدة متينة" لمنح الجزيرة مساعدة دولية، احتجاجات شديدة في البلاد حيث رأت النقابات انها جائرة بينما يتخوف خبراء الاقتصاد من انعكاساتها على الانتعاش الاقتصادي الذي ما زال هشا. وفي وسط دبلن كان الايرلنديون تحت وقع الصدمة غداة اعلان الحكومة خطة التقشف هذه التي جاءت اقسى بكثير مما كانوا يتوقعونه. ويقول رجل في الاربعين ستؤدي هذه الخطة الى خفض راتبه الادنى بنسبة 12% "انه حكم بالموت. انني اعيش على الادوية. والان سيكون علي الاختيار بين شراء ادويتي او شراء طعامي". وكانت الحكومة الايرلندية اعلنت الاربعاء خطة تقشف على اربع سنوات ترمي الى توفير 15 مليار يورو من الان وحتى 2014 تمهيدا لمنحها مساعدة من الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي. وتقضي هذه الخطة بخفض اعانات البطالة والاعانات العائلية وكذلك رواتب تقاعد الموظفين والحد الادنى للاجور مع الغاء نحو 25 الف وظيفة عامة. وقال اماديو التافاج تارديو المتحدث باسم المفوض الاوروبي للشؤون الاقتصادية اولي رين انه "مجهود ضخم"، مضيفا "لكنه عنصر محوري" من اجل الاستفادة من خطة الانقاذ التي وضعها الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي، بحسب تصريحاته عبر الاذاعة العامة الايرلندية ار تي اي. وتحظى المساعدة التي يتم التفاوض بشأنها في دبلن بفرص جيدة للانتهاء من بلورتها الاحد على ما اعلنت مصادر دبلوماسية لوكالة فرانس برس الخميس. واثار حجم الاقتطاعات المعلنة الاربعاء حفيظة الرئيسة ماري مكاليز التي تشغل منصبا شرفيا وقالت في بيان "مع احترامي الكامل لطبيعة دوري، علي ان اعترف بالارتباك والاستياء المبررين لدى الشعب القلق على مستقبله". وقال رئيس الوزراء بريان كوين في اثناء النقاشات في البرلمان "وضعنا تقييما واقعيا لما هو ممكن وضروري وقابل للتنفيذ". لكن النقابات لا تشاطر هذا الراي. فقد حذر جاك اوكنور رئيس نقابة "سيبتو"، اكبر نقابة في البلاد، من ان "هذه الخطة هي خارطة طريق نحو العصر الحجري واعلان حرب على اصحاب الرواتب المنخفضة". واعتبر ديفيد بيغ الامين العام ل"ايريش كونغرس اوف تريد يونيونز" وهي اكبر كونفدرالية نقابية في البلاد، ان "اول المستهدفين هم الاكثر ضعفا". والغضب الشعبي، الذي بلغ ذروته بعد "الاذلال" الذي شعر به الايرلنديون مع طلب المساعدة الخارجية، لا بد وان يترجم في صناديق الاقتراع خلال الانتخابات التشريعية الجزئية التي ستجرى الخميس في مقاطعة دونيغل (شمال غرب) كما تشير استطلاعات الرأي التي توقعت خسارة الحزب الحاكم "فيانا فيل" (وسط) لتفقد الغالبية الحكومية بذلك نائبين قبل عرض ميزانية عام 2011 التقشفية على البرلمان في السابع من كانون الاول/ديسمبر المقبل. ويدعو رئيس الوزراء الى وعي وطني للتصويت على التقشف مذكرا بانه مطلب بروكسل الا ان المعارضة تبدي ترددا. وتثير الاقتطاعات الضخمة القلق على الانتعاش الاقتصادي الهش. ويقول كونستانتين غوردجيف الاستاذ في جامعة ترينيتي كوليدج في دبلن لفرانس برس ان "الاجراءات الضريبية سيكون لها تاثير كبير على الطلب وسيستمر الاستهلاك في حالة كساد". وابدت شركة تعاملات البورصة الايرلندية "ديفي ريسيرتش" دهشتها لكون الخطة "لا تتضمن اي احتياطي لضخ راس مال جديد محتمل في الجهاز المصرفي قد يتطلبه الامر". وجرى بالفعل تعويم البنوك الايرلندية الغارقة في الديون بمنحها نحو 50 مليار يورو الا ان حجم الديون غير معروف بعد وقد يصل الى مئات المليارات. لكن الاسواق ما زالت تبدو غير مقتنعة بخطة دبلن، حيث بلغت مؤشرات قروض الدولة الايرلندية على عشر سنوات الخميس مستوى قياسيا جديدا. غير ان المستشارة الالمانية انغيلا ميركل صرحت انها "اكثر ثقة" مما كانت في الربيع في استقرار منطقة اليورو.