قدمت الحكومة الفرنسية الاربعاء موازنة العام 2011 التقشفية والتي تطغى عليها اقتطاعات ضخمة في الانفاق الحكومي والغاء التقديمات الضريبية، وذلك في اطار الجهود الفرنسية غير المسبوقة للحد من العجز العام. وتسعى الحكومة الى خفض العجز العام (الدولة والتقديمات الاجتماعية والهيئات المحلية) الذي سيبلغ هذه السنة مستوى قياسيا مقداره 7,7 في المئة من اجمالي الناتج المحلي الى ستة في المئة العام المقبل. ويتوقع العام 2011 ان تكون النفقات 286 مليار يورو والعائدات 271 مليارا. وقال وزير الموازنة فرنسوا باروان "سنقوم بخفض تاريخي". والهدف على المدى المتوسط هو تقليص العجز الى ثلاثة في المئة من اجمالي الناتج الداخلي العام 2013، وهو الحد المسموح به وفق المعاهدات الاوروبية، وذلك في اطار الالتزامات التي ارتضتها باريس وشركاؤها في بروكسل لاستعادة صدقية منطقة اليورو لدى الاسواق اثر ازمة الديون في اليونان. لكن الدين العام سيواصل ارتفاعه من 82,9 في المئة من اجمالي الناتج الداخلي هذا العام الى سقف قياسي يناهز 87,4 في المئة العام 2012 قبل ان يعاود التراجع. وسيظل هذا الدين متجاوزا سقف الستين في المئة من اجمالي الناتج الداخلي الذي حددته بروكسل. والنتيجة ان عبء الدين العام سيطاول خصوصا العام المقبل القطاع التربوي، الذي يستهلك القسم الاكبر من انفاق الدولة. ولتحقيق اهدافها، تراهن الحكومة الفرنسية اولا على النهوض الاقتصادي. وفي هذا السياق، فانها تراهن على نمو بنسبة 1,5 في المئة هذه السنة، الامر الذي يبدو في متناول اليد بعد مفاجآت الربيع السارة. ويتوقع ان يبلغ النمو العام 2011 اثنين في المئة، لكن عددا من الخبراء الاقتصاديين يتحدثون عن افراط في التفاؤل. ويبدو ان الحكومة هيأت الراي العام في شكل تدريجي لهذه التدابير التقشفية، علما ان رئيس الوزراء فرنسوا فيون هو الوحيد الذي تحدث عنها علنا. وعلى صعيد الانفاق، ستترجم هذه الاجراءات بتجميد للنفقات على مستوى الدولة ومواصلة سياسة عدم استبدال موظف يحال على التقاعد في مؤسسة عامة لعامين. والامر نفسه ينطبق على الهيئات المحلية التي لن تتلقى تحويلات مالية من الدولة. واكد فرنسوا بوروان ان "جميع افرقاء الانفاق العام سيكونون معنيين". وعلى صعيد العائدات، تتوقع الحكومة ان تجني 9,4 مليارات يورو عبر سلسلة من الاجراءات بينها تخفيضات ضريبية تهدف الى مساعدة بعض القطاعات او بعض الفئات الاجتماعية. وهذه التدابير التي تطاول خصوصا التامين والعقارات والاتصالات (مثل زيادة الضريبة على القيمة المضافة في اشتراكات الانترنت) سيتحملها المكلفون بنسبة اربعين في المئة والمؤسسات بنسبة ستين في المئة، وفق الحكومة. لكن رئيسة الحزب الاشتراكي مارتين اوبري رفضت ما اعتبرته "خطة قاسية جدا" ستستهدف "اولا الطبقات الوسطى وليس الاثرياء الفعليين". وتحدثت اوبري في ظل "استمرار الازمة" عن الحاجة الى "موازنة تخفض العجز لكنها لا تحول دون اعادة اطلاق النمو"، واضافت "بدل ذلك، امامنا موازنة تزيد الضرائب وتقلص نفقات كانت رغم ذلك ضرورية للحفاظ على النمو". وسينتهز اليسار فرصة مناقشة الموازنة في البرلمان لشن حملة على سياسة "الدرع الضريبية" التي ينتهجها نيكولا ساركوزي والتي باتت بالنسبة الى اليسار مرادفا لنهج "غير عادل". ورغم ان هذه السياسة كلفت الدولة الفرنسية 679 مليون يورو العام 2009 وانعكست ايجابا على المكلفين الميسورين دون سواهم، يبدو ان الحكومة متمسكة بها. وفي هذا السياق، قال باروان ان "غالبية ضئيلة فقط من الفرنسيين تريد الغاءها"، مؤكدا انه "يؤيد الاستقرار الضريبي".