دعا رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو السبت الى مواصلة التقشف الصارم الذي فرضته حكومته، وحض اليونانيين على دعم الجهود لاخراج البلاد من الازمة، على رغم تظاهر الاف الاشخاص في شوارع سالونيكي (شمال) للمطالبة بوقف هذه السياسة التقشفية. وتجمع المتظاهرون الذين بلغ عددهم 20 الفا بحسب الشرطة، تلبية لدعوة ابرز النقابات والاحزاب اليسارية في وسط ثاني اكبر مدن اليونان رافعين لافتات كتبت عليها شعارات "الراسمالية هي التي يجب ان تدفع كلفة الازمة" و"امموا المصارف". واقفلت شوارع وسط المدينة امام حركة السير للسماح لخمسة مواكب بالسير في اتجاه الحديقة التي تستضيف المعرض الدولي في سالونيكي حيث يلقي باباندريو خطابه. لكن رئيس الوزراء دعا في خطابه الى "مواصلة" بذل "الجهود" و"التضحيات" التي "نجحت" برايه في "انقاذ البلاد من الافلاس". واضاف باباندريو "اخوض هذه المعركة من دون التفكير في كلفتها السياسية، انها معركة لاستمرار اليونان. اما ان نخوضها كلنا معا واما ان نغرق". وقال باباندريو ايضا ان من بين الاجراءات التي سيتم اعتمادها "اطارا جديدا لتنظيم تموين المستشفيات واعادة النظام الى هذا القطاع الذي يعتبر السبب في تبذير المال العام والفساد". وباباندريو الذي اضطر الى مواجهة ازمة موازنة غير مسبوقة بعد وصوله الى السلطة قبل نحو عام، فرض خطة تقشف صارمة ومثيرة للجدل مصحوبة باقتطاعات في رواتب الموظفين وزيادة في الرسوم واصلاح انظمة التقاعد للجميع، اضافة الى اعادة تنظيم والغاء بعض المؤسسات الحكومية. وخطة التقشف هذه التي املاها الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل قرض بقيمة 110 مليارات يورو على مدى ثلاثة اعوام لتفادي افلاس الدولة، تهدف خصوصا الى الحد من العجز العام الذي قفز الى 14% من اجمالي الناتج الداخلي في 2009. وتعهد رئيس الوزراء اليوناني ايضا "افساح المجال امام المنافسة (...) واعادة هيكلة الهيئة العامة للسكك الحديد المثقلة بالديون، فضلا عن هيئات عامة اخرى وتحرير سوق الطاقة"، في اشارة الى الغاء الاحتكار الذي مارسته الشركة العامة للكهرباء. كما وعد بحماية "العاطلين عن العمل ومجموعات اخرى في المجتمع بدعم قيمته 3,5 مليارات يورو مصدره برامج (اقتصادية) اوروبية"، اضافة الى "تبسيط الاجراءات بالنسبة للشركات في سبيل تحفيز الاستثمارات، والتنمية الخضراء والابحاث". وحظيت جهود باباندريو التقشفية بترحيب صندوق النقد الدولي الذي اعلن الجمعة الافراج عن دفعة ثانية من المساعدات المخصصة لليونان. لكن بالنسبة الى كثير من اليونانيين المتظاهرين في شوارع البلاد، فان تبعات خطة النهوض الاقتصادي التي اعتمدتها الحكومة تتسبب بمشاكل كبيرة في حياتهم اليومية. وقال مانوليس سباثيس (24 عاما) الذي تخرج للتو في الاقتصاد واتى من اثينا للتظاهر "يريدون ان يدفع الشعب، لكن الصناعيين والمصرفيين هم الذين اخذوا الاموال". من جهته، قال سبيروس باباسبيرو رئيس اتحاد الموظفين لوكالة فرانس برس "النقابات غير موافقة على السياسة الاقتصادية والاجتماعية للحكومة"، مضيفا "لا يتم انقاذ البلد من الافلاس اذا كان الشعب نفسه مفلسا". واعلنت ماريا ستيلو استاذة الاقتصاد المتقاعدة عن اسفها لرؤية راتبها التقاعدي ينخفض 30% منذ اصلاح انظمة التقاعد. ووقع اشتباك قرابة الساعة 20,00 (17,00 ت غ)، بعيد وصول رئيس الوزراء اليوناني الى مركز المعارض لالقاء كلمة ضمن فعاليات معرض سالونيكي الدولي، بين قوات الامن ومجموعة شبان قاموا بدفع عدد من عناصر الشرطة، فرد هؤلاء باطلاق الغاز المسيل للدموع، بحسب مراسل فرانس برس. واعلان مزيد من التدابير التقشفية ينبىء بتصاعد عدد اليونانيين المعترضين على هذه السياسة. وفي هذا الاطار، اعلن سائقو الشاحنات السبت نيتهم تنفيذ اضراب مفتوح اعتبارا من الاثنين. وفي اليوم نفسه، من المقرر ان تنطلق في اثينا عملية تدقيق في حسابات البلاد، يتولاها البنك المركزي الاوروبي والاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي، لتحديد ما اذا كانت الدفعة الثالثة من قرض التسعة مليارات يورو سيتم دفعها في كانون الاول/ديسمبر المقبل.