تواجه اوكرانيا التي حرمت من جزء من اراضيها احتمال حدوث انكماش كبير بعد زيادة اسعار مشترياتها من الغاز الروسي بنسبة ثمانين بالمئة. وخلال 72 ساعة، رفعت موسكو سعر كل الف متر مكعب من الغاز تبيعه الى اوكرانيا من 268 الى 485 دولارا، وهو واحد من اعلى الاسعار في اوروبا، في اجراء انتقامي بعد اسقاط نظام الرئيس الموالي لموسكو فيكتور يانوكوفيتش. وكانت روسيا الحقت شبه جزيرة القرم الاوكرانية الشهر الماضي باراضيها بعد استفتاء لم تعترف به كييف ولا الغربيون الذين يعتبرون العملية اجراءات ضم. ثم لجأت موسكو الى سلاح الغاز من دون ان يكون ذلك مفاجأة. ودان رئيس الوزراء الاوكراني بالنيابة ارسيني ياتسينيوك القرار الذي وصفه "بالسياسي" ويهدف الى "تقويض الاسس الاقتصادية والاجتماعية للبلاد". ورأى البنك الدولي الجمعة ان اوكرانيا التي تهزها ازمة سياسية داخلية ونزاعا مع روسيا ستشهد انكماشا في 2014 مع تراجع اجمالي الناتج الداخلي 3 بالمئة، مقابل 0 بالمئة في 2013. وقالت الخبيرة الاقتصادية في البنك الدولي لاليتا مورتي في مؤتمر صحافي عقدته في كييف ان "هذا السيناريو يأخذ في الاعتبار" الزيادات الكبيرة في سعر الغاز (+80 بالمئة) التي اعلنتها موسكو هذا الاسبوع. وسيرتفع العجز الى 4,8 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي (4,5 بالمئة في 2013) والدين الى 86,1 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي. اما التضخم فسيصل الى 15 بالمئة. واعلنت السلطات عن زيادة نسبتها خمسين بالمئة في سعر الغاز في الاول من ايار/مايو تليها زيادة اخرى بنسبة 40 بالمئة اعتبارا من تموز/يوليو للتدفئة في المدن التي يفترض ان تتوقف الآن مع بداية الربيع. وسيكون على كييف البحث عن وسائل. وتحدث ياتسينيوك عن امكانية اجراء مفاوضات مع الشركاء الاوروبيين ليتخلوا لاوكرانيا عن جزء من الغاز الذين يحصلون عليه باسعار اقل من تلك التي سيكون على كييف دفعها. لكن ترتيبا كهذا يمكن ان يثير استياء موسكو ومخاوف من "حرب غاز" على مستوى القارة بينما ما زالت اوروبا تعتمد الى حد كبير على الامدادات الروسية التي يمر جزء كبير منها عبر الاراضي الاوكرانية. وقال وزير الطاقة الاوكراني يوري برودان ان البلاد "يجب ان تعتمد الى حد كبير في 2014 على الفحم المنتج محليا بدلا من الغاز". وقالت وكالة الطاقة الدولية ان الفحم يغطي حاليا 30 بالمئة من احتياجات الطاقة للبلاد، مقابل 40 بالمئة للغاز. وايا كان الحل، سيكون على اوكرانيا تنظيم قطاعها للغاز الذي قال كيمياو فان المسؤول في البنك الدولي انه "كان المصدر الرئيسي للفساد في اوكرانيا في السنوات العشرين الاخيرة" اي منذ تفكك الاتحاد السوفياتي واستقلال البلاد في 1991. واضاف الخبير الاقتصادي ان "القليل من شركات الغاز في العالم تعاني من عجز والشركة الاوكرانية واحدة منها". وتعهدت السلطات الجديدة التي تقود بلدا يعاني من ازمة مالية خانقة، اجراء اصلاحات بنيوية لانتزاع اتفاق تمهيدي الاسبوع الماضي من صندوق النقد الدولي من اجل مساعدة يمكن ان تصل الى 18 مليا دولار على مدى سنتين. وقال فان ان هذه الاصلاحات "لن تكون شعبية (...) وستصطدم بمصالح كبيرة". من جهة اخرى، يعقد وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي اجتماعا الجمعة في اثينا لبحث الازمة الاوكرانية. وقبيل اجتماع وزراء الخارجية الاوروبيين الذي سيستمر يومين ولن يتبنى اي قرار رسمي، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ان سحب القوات الروسية من الحدود الاوكرانية "لم يكن الا رمزيا". واضاف ان "الوضع يبقى خطيرا جدا، متوترا جدا (...) لم نلاحظ تراجعا حقيقيا للتصعيد من جانب روسيا. وبالتالي، فانه يتعين على اوروبا ان لا تتهاون". من جهته، قال نظيره الهولندي فرانك تيمرمانس "ينبغي الا نترك انفسنا نخاف من روسيا وان نبقي على استراتيجيتنا". واوضح انه "يجب ان نبحث في افضل طريقة لمساعدة اوكرانيا". وفي الوقت نفسه، تجري وزيرة الخارجية المولدافية ناتاليا غيرمان محادثات مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف على هامش اجتماع لوزراء خارجية مجموعة الدول المستقلة في موسكو. وتخشى مولدافيا التي تستعد لتوقيع اتفاق شراكة مع الاوروبيين تكرار سيناريو سيطرة روسيا على القرم في منطقة ترانسدينستريا الانفصالية الموالية لموسكو. واخيرا حذرت وزارة الخارجية الروسية الجمعة رومانيا العضو في الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي من مواقفها "المعادية لروسيا" التي "لا تخدم مصلحة احد". واعلنت سلسلة مطاعم ماكدونالدز للوجبات السريعة الجمعة تعليق انشطة ثلاثة من مطاعمها في القرم "موقتا"، متحدثة عن "اسباب عملانية".