دعت لجنة تابعة للامم المتحدة الاثنين الى محاكمة قادة كوريا الشمالية امام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية من بينها القتل الجماعي والتجويع والاستبعاد. وتحدث التقرير الشديد اللهجة عن ارتكاب سلطات بيونغ يانغ عمليات "قتل واستبعاد وتعذيب وسجن واغتصاب واجهاضات قسرية وغيرها من اعمال العنف الجنسي". واضاف التقرير الذي اصدرته "لجنة التحقيق حول كوريا الشمالية" انه "في الكثير من الحالات، فقد توصلت اللجنة الى ان انتهاكات حقوق الانسان تشكل جريمة ضد الانسانية. فهي ليست تجاوزات من قبل الدولة، بل انها عناصر اساسية من النظام السياسي الذي ابتعد كثيرا عن المبادئ الذي يزعم انه يقوم على اساسها". واضافت اللجنة التي أنشأها مجلس حقوق الانسان الدولي في اذار/مارس 2013 ان "جسامة وحجم وطبيعة هذه الانتهاكات تكشف ان هذه الدولة لا مثيل لها في العالم المعاصر". وقال رئيس اللجنة مايكل كيربي ان الجهل بالامور ليس عذرا لعدم التحرك. وصرح للصحافيين "في نهاية الحرب العالمية الثانية قال العديد من الناس +لو اننا كنا نعلم+". واضاف "المجتمع الدولي يعلم الان" مؤكدا ان "معاناة ودموع الشعب الكوري الشمالي تستدعي التحرك". وقال كيربي ان الحديث الى الاشخاص الذين فروا، ومن بينهم سجين سابق كان من بين مهماته حرق اشخاص قتلهم الجوع ونثر رمادهم كسماد للتربة - جعل المقارنة مع الحرب العالمية الثانية واضحة بشكل مؤلم. واضاف "استطيع ان ارى العديد من اوجه الشبه بين قصة كوريا الشمالية وقصة قوى المحور في الحرب العالمية الثانية". ورفضت بيونغ يانغ التعاون مع اللجنة وزعمت ان ادلتها "ملفقة" من قبل قوى "معادية". وبسبب منع اللجنة من دخول كوريا الشمالية، فقد قامت بجمع الادلة في جلسات استماع في كوريا الجنوبيةواليابان مع كوريين شماليين يعيشون في المنفى. وانتقد الفريق في تقرير له حول الدولة النووية الاستبدادية، بشدة حرمان النظام لشعبه من الحريات الاساسية مثل حرية الفكر والتعبير والديانة، وخطف المواطنين من كوريا الجنوبيةواليابان. وقال التقرير ان "حكومة كوريا الشمالية ومؤسساتها ومسؤوليها ارتكبوا ولا يزالون انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان". ووجه كيربي رسالة الى زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ اون -- ثالث حاكم من السلالة الشيوعية التي اسسها جده في العام 1948-- في 20 كانون الثاني/يناير ابلغه فيها ان "اي مسؤول يرتكب أو يامر بارتكاب او يساعد في ارتكاب جرائم ضد الانسانية" مسؤول ويجب محاسبته. ولم يتهم كيربي زعيم كوريا الشمالية مباشرة، الا انه قال ان "كل شيء ياتي من خلال الزعيم الاعلى" وان اعداد مرتكبي هذه الجرائم يصل الى المئات. ورحبت الولاياتالمتحدة بنتائج التقرير وقالت انه "يوثق بوضوح ودون اي شك الحقيقة القاسية" بشان الانتهاكات التي ترتكبها كوريا الشمالية. الا ان الصين، حليف بيونغ يانغ القوي، عارضت اتخاذ مثل هذه الخطوة وقالت انها "لن تساعد على حل وضع حقوق الانسان"، مؤكدة ان الحل الوحيد يكمن في "الحوار البناء". واكد كيربي الحاجة الى مساعدة الصين من اجل التوصل الى اختراق، معربا عن امله في ان ترى بكين ان جارتها الاستبدادية تعتبر "خطرا على نفسها وعلى المنطقة". وقال التقرير ان من بين الخيارات التي يجب دراستها قيام مجلس الامن الدولي باحالة كوريا الشمالية الى المحكمة الجنائية الدولية او انشاء محكمة خاصة لذلك البلد. وتخضع كوريا الشمالية لعقوبات دولية بسبب برنامجها للاسلحة النووية الا ان نشطاء قالوا ان محاسبتها على انتهاكات حقوق الانسان تاخر كثيرا. وقال كينيث روث من منظمة هيومن رايتس ووتش ان "التركيز الذي انحصر في التهديد النووي في كوريا الشمالية، جعل مجلس الامن يتغاضى عن جرائم قادة كوريا الشمالية الذين اشرفوا على نظام قمعي يشتمل على اقامة معسكرات اعتقال، وارتكاب اعدامات علنية، واختفاءات، وعمليات تجويع جماعية". ودان تقرير اللجنة القاء اجيال كاملة من العائلة نفسها في معسكرات الاعتقال بموجب قانون الذنب بسبب القرابة، واستند في ذلك الى شهادات من حراس وسجناء وجيران سابقين. ويقدر عدد المعتقلين السياسيين في كوريا الشمالية بما بين 80 و120 الفا. ويبلغ عدد سكان البلاد 24 مليونا. ويعتقد ان مئات الالاف لقوا حتفهم في المعسكرات خلال نصف القرن الماضي، بحسب التقرير الذي قال ان هؤلاء "تم القضاء عليهم تدريجا من خلال التجويع المتعمد، والاشغال الشاقة، والاعدامات والتعذيب". وتحدث كوريون شماليون يعيشون في المنفى عن الفظائع التي شاهدوها. وقالت كيم هيو سوك (51 عاما) انه تم اقتيادها الى معسكر اعتقال عندما كان عمرها 10 سنوات لان جدها انشق عن النظام. وصرحت للصحافيين "خلال ال28 عاما التي عشتها في المعسكر توفيت جدتي وامي واشقائي وشقيقاتي واطفالي". وقال التقرير ان الكوريين الشماليين يعيشون حياتهم العادية تحت "المراقبة، والاكراه والخوف والعقاب لمنع التعبير عن اي انشقاق". ورفض عدد كبير من الاشخاص الادلاء بشهاداتهم حتى بشكل سري خشية ان ينتقم النظام من اقاربهم الذين لا يزالون في كوريا الشمالية. وتشير التقديرات الى ان 200 الف شخص خطفتهم كوريا الشمالية من دول اخرى، او انهم اختفوا بعد توجههم الى ذلك البلد طوعا. ومعظم هؤلاء من الكوريين الجنوبيين الذين علقوا في كوريا الشمالية بعد انتهاء حرب الكوريتين في 1953، ومن الكوريين الذين جاؤوا من اليابان بعد 1959. كما تم خطف منشقين كوريين شماليين من عدد من الدول بينها الصين. وقال التقرير ان "هذه الاختفاءات الدولية فريدة من حيث كثافتها وحجمها وطبيعتها".