جوهانسبرج (رويترز) - بالمراثي والتراتيل أبن أبناء جنوب افريقيا المنتمون إلى مختلف الأعراق والعقائد يوم الأحد الزعيم الراحل نيلسون مانديلا الذي يعتبرونه رمزا للحرية والتسامح والأمل لبلدهم وللعالم. وتجمع المواطنون في الكنائس والمساجد والمعابد ومباني المجالس البلدية في أنحاء البلاد من نهر ليمبوبو إلى إقليم الكاب حيث نعى الملايين رجلا يعتبرونه "أبا الشعب" ومنارة عالمية للنزاهة والاستقامة والتصالح. وتوفي مانديلا أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا والذي قاد البلاد إلى الديمقراطية المتعددة الأعراق منهيا سياسة الفصل العنصري يوم الخميس عن 95 عاما بعد صراع مع المرض دام شهورا. ومنذ وفاته تموج البلاد بمشاعر جياشة وتتدفق الحشود على منزله في جوهانسبرج حيث كدست الزهور والرسائل والبالونات. وفي كنيسة رجينا موندي في سويتو وهي أكبر كنيسة كاثوليكية في جنوب إفريقيا تجمع المئات من الصغار والكبار للصلاة من أجل مانديلا ومستقبل البلاد. وقالت مديرة مكتب تدعى جلاديس سيملين "الناس يصلون داعين الله أن يكون هناك تغيير وأن نتوحد." واتشحت زوجة مانديلا السابقة ويني ماديكيزيلا مانديلا بالسواد وشاركت في قداس في ضاحية براينستون بشمال جوهانسيرج حيث أشاد الرئيس جاكوب زوما بالقيم التي تحلى بها اكثر رجال الدولة شعبية في البلاد. وقال زوما ناعيا مانديلا "كان يؤمن بالصفح وصفح حتى عمن زجوا به في السجن 27 عاما. "دافع عن الحرية. تصدى لمن يقمعون الاخرين. اراد ان ينعم الجميع بالحرية." ويوم الاحد هو بداية برنامج تأبين رسمي يتضمن قداسا في استاد جوهانسبرج يوم الثلاثاء وجنازة رسمية يوم الأحد المقبل في كونو مسقط رأس مانديلا بإقليم الكاب الشرقي والتي من المتوقع أن تكون واحدة من الجنازات التي تشهد أكبر تجمع لزعماء العالم في التاريخ الحديث. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية في جنوب افريقيا إن 59 رئيس دولة وحكومة قالوا حتى الآن إنهم سيحضرون إما مراسم التأبين أو الجنازة الرسمية. ويتوقع ايضا حضور عدد كبير من أعضاء الأسر الملكية والمشاهير. وسيكون الرئيس الأمريكي باراك أوباما والأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون من بين المشاركين في مراسم التأبين يوم الثلاثاء. وقال وزير شؤون الرئاسة كولينز تشابان "توجه زعماء عالميين الى جنوب افريقيا في مثل هذه المهلة القصيرة بعكس المكانة الخاصة للرئيس مانديلا في قلوب الناس بأنحاء المعمورة." وعلى الرغم من ان وفاة مانديلا كانت متوقعة منذ فترة طويلة وهو يفقد ببطء مقاومته لمرض في الرئة يرجع الى أيام احتجازه في سجن جزيرة روبن فقد دفعت أبناء جنوب افريقيا الى التأمل في أحوالهم قبل ستة أشهر من مواعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية. ويواجه حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم في جنوب افريقيا بزعامة الرئيس جاكوب زوما دعوات صاخبة لقيادة أفضل بعد سنوات من تعرض البلاد لاضطرابات عمالية عنيفة وتنامي الاحتجاجات ضد الفقر والجريمة والبطالة وفضائح الفساد التي تلوث حكم زوما. وما زالت جنوب افريقيا من بين المجتمعات الأكثر بعدا عن المساواة وتكافؤ الفرص في العالم وما زالت بعيدة عن المثل العليا لدولة يتشارك مواطنوها الرخاء والوئام الاجتماعي التي دعا اليها مانديلا حين فاز بأول انتخابات متعددة الأعراق في البلاد عام 1994. وحثت افتتاحيات الصحف مواطني جنوب افريقيا والعالم على التعلم من "رجل المصالحة العظيم" الذي ردم فجوة فصل عنصري قسم جنوب افريقيا على مدى قرون ووحد بين مواطنيها. وفي إطار تبجيل شعب جنوب افريقيا لمانديلا نشر رسام الكاريكاتير الأشهر في البلاد زابيرو رسما لوجه مانديلا تعلوه السكينة وعيناه مغمضتان وهو يختفي في الأفق كالشمس الغاربة فوق البحر وحشد يراقب في الهلع. وقال تشابان انه سيكشف النقاب عن تمثال جديد لمانديلا في "مباني الاتحاد" مقر الحكومة يوم 16 ديسمبر كانون الأول وهو "يوم المصالحة". وفي ظل نظام الفصل العنصري وقعت في ذلك اليوم معركة نهر الدم عام 1838 وهزم فيها أقل من 500 من الافريكان البيض ما يزيد على عشرة الاف من الزولو. وغير اسم ذلك اليوم إلى يوم المصالحة في عام 1994 في مسعى لمداواة جراح الهيمنة البيضاء على مدى ثلاثة قرون. من إد كروبلي وأوليفيا كومويندا متامبو