لا تزال قوات الامن الكينية تحاصر صباح الاحد مركز "وست غايت" التجاري في نيروبي حيث يتحصن كومندوس اسلاميين محتجزا عددا غير محدود من الرهائن غداة هجوم دام اوقع 43 قتيلا على الاقل واصابة اكثر من 200 آخرين. وسمع اطلاق نار غزير فجر الاحد داخل المركز التجاري الذي طوقته قوات الامن التي وصلت اليها تعزيزات كبيرة واصبحت تمنع عبور الصحافيين. والاشتباك متواصل منذ 24 ساعة بعد الهجوم الدامي الذي شنته ظهر السبت مجموعة من عشرة اسلاميين مسلحين ومقنعين على المركز التجاري الفخم. وقتل 43 شخصا على الاقل بينهم فرنسيتان وكنديان، وجرح اكثر من 200 اخرين وفق اخر حصيلة من الصليب الاحمر الكيني، وبين الجرحى اميركيون وبريطانيون وعديدون اخرون من البلدان الغربية وهم مستهدفين بشكل خاص من المهاجمين. وكانت حصيلة سابقة اعلنتها الرئاسة الكينية افادت عن سقوط 39 قتيلا و150 جريحا. وهذا اعنف اعتداء يستهدف نيروبي منذ الاعتداء الانتحاري الذي نفذه تنظيم القاعدة في اب/اغسطس 1998 ضد السفارة الاميركية واوقع 200 قتيل. وتبنت حركة الشباب الاسلامية الصومالية الموالية للقاعدة هذه المجزرة وقالت انها انتقام من تدخل القوات الكينية في الصومال. وصرح ضابط كيني لفرانس برس صباح الاحد "نواصل جهودنا (...) اننا نبذل كل ما في وسعنا لوضع حد" لهذا الحادث. وانتشر عدد كبير من الجنود الكينيين بخوذاتهم وستراتهم الواقية من الرصاص وبعضهم يحمل قاذفات من حول وست غايت. ونقل جنديان مصابان في سيارة اسعاف كما شاهد مراسل فرانس برس. واعلنت وزارة الداخلية ان طوابق المركز العليا قد أمنت وعزل المهاجمون في الطابق الارضي وتحت الارض وبحوزتهم عدد غير محدد من الرهائن الذين وضعت عليهم عبوات مفخخة. وقال ضابط في الجيش في محيط المركز ان "العمل متواصل لكننا لا نريد تسريع الامور". واقتحم المهاجمون الاسلاميون ظهر السبت مركز "وست غايت مول" المكتظ وزرعوا الموت والرعب بين العائلات التي كانت تتبضع والناس الجالسين في مقاهي المجمع المكون من اربعة طوابق. وعادة ما يشهد هذا المركز ازدحاما شديدا في نهاية الاسبوع ويعتبر هدفا محتملا للمجموعات التي تدور في فلك تنظيم القاعدة، كمتمردي حركة الشباب الاسلامية. واطلق المسلحون النار من رشاش والقنابل اليدوية على الالاف الزبائن والعاملين في المركز الذي يعتبر من افضل اماكن الفسحة التي يتردد عليها الاجانب والطبقات الميسورة في العاصمة الكينية. وتواصل الاشتباك حتى مساء السبت بينما كان الزبائن المرعوبين يخروج مصدومين تباعا من المركز في مجموعات صغيرة مع تقدم قوات الامن بحذر وسط المحلات التجارية. ويشمل هذا المركز التجاري الذي فتح في 2007 وتملك المصالح الاسرائيلية جزءا منه، مطاعم ومقاهي ومصارف وسوبرماركت وعدة قاعات سينما تجلب الاف الاشخاص يوميا. واعلنت حركة الشباب الصومالية في تغريدة على موقع تويتر ان "المجاهدين دخلوا اليوم عند الظهر تقريبا وست غيت وقتلوا اكثر من 100 كافر كيني والمعركة ما زالت مستمرة". واضافت "وحدهم الكفار قتلوا، جميع المسلمين الموجودين في المكان" تم تحييدهم و"مرافقتهم خارج المركز من جانب مجاهدينا قبل بدء الهجوم". وبررت الحركة الهجوم بانه رد على تدخل الجيش الكيني منذ عامين في جنوب الصومال ضد مقاتليها مذكرة بانها "حذرت كينيا اكثر من مرة". واعلن الرئيس الكيني اوهورو كينياتا في كلمة متلفزة مخاطبا مواطنيه ان كينيا "تغلبت في الماضي على هجمات ارهابية وستنتصر عليها مجددا"، موضحا انه "فقد شخصيا افرادا من عائلته" في الهجوم على المركز التجاري. واضاف الرئيس الكيني ان "قواتنا الامنية تقوم بشل حركة المهاجمين وتأمين المركز التجاري". وتابع كينياتا "انهم يريدون بث الرعب والاحباط في بلادنا، لكننا لن ندعهم يرهبوننا. ان الارهاب نظرية الجبناء". مؤكدا ان "حكومتنا ستقدم اليكم الدعم الضروري في الايام المقبلة". وندد البيت الابيض بالهجوم "الدنيء"، ووعد بمساعدة كينيا في مكافحتها للارهاب. وقالت المتحدثة باسم مجلس الامن القومي الاميركي كايتلين هايدن في بيان ان "منفذي هذا العمل الدنيء ينبغي ان يحالوا امام القضاء وقد قدمنا دعمنا الكامل الى حكومة كينيا لتحقيق هذا الامر". وكانت الخارجية الاميركية اعلنت في وقت سابق اصابة عدد من الاميركيين في هجوم نيروبي، موضحة ان السفارة الاميركية في كينيا "على اتصال بالسلطات المحلية وقد عرضت مساعدتها". وفي بيان تناولت فيه هذا "الهجوم الارهابي المستمر"، اعلنت الرئاسة الفرنسية ان "فرنسيتين قتلتا في هذا العمل الدنيء الذي اسفر عن كثير من الضحايا". واضاف البيان ان الرئيس فرنسوا هولاند "يدين باكبر قدر من الشدة هذا الاعتداء الجبان ويشاطر (افراد) عائلتي مواطنتينا الامهم ويعبر عن تضامنه الكامل مع السلطات الكينية". من جانبه قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ان بلاده تدين هذا الهجوم "الوحشي"، لافتا الى ان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اجرى اتصالا هاتفيا بالرئيس الكيني وعرض عليه مساعدة بريطانيا اذا اقتضت الضرورة. وكثيرا ما هدد متمردو حركة الشباب الصومالية في السنوات الاخيرة بشن هجمات على الاراضي الكينية ردا على الدعم العسكري لنيروبي الى الحكومة الصومالية. وقد دخل الجيش الكيني الصومال في 2011 وما زال منتشرا في جنوبها في اطار القوة الافريقية التي تدعم الحكومة الصومالية وكبد الاسلاميين عدة هزائم.