اشتد ضغط المعارضة الذي امتد الى داخل الائتلاف الحاكم في فرنسا بين الاشتراكيين والخضر الخميس، لدفع الرئيس فرنسوا هولاند الذي يواجه ازمة سياسية، الى تغيير الحكومة الامر الذي يبدو مع ذلك مستبعدا. وبعد اعلان ملاحقة وزير المالية السابق جيروم كاهوزاك تحدث الرئيس الفرنسي الذي يقوم بزيارة دولة من يومين للمغرب، عن "صدمة كبيرة" مؤكدا ان السلطات "بحاجة الى مواصلة اضفاء المزيد من الاخلاق على الحياة السياسية". واضاف هولاند "سأمضي الى النهاية في هذه المسائل لاني لا اخشى التطبيق الحازم لهذه القوانين حين تكون موجودة واصدار نصوص جديدة حين يكون ذلك ضروريا"، مؤكدا انه يتعين "وضع حد" للقضايا التي تهين فرنسا منذ سنوات. وهناك قضية اخرى يمكن ان تطال شظاياها الرئيس الفرنسي حيث كشفت صحيفة لوموند ان جان جاك اوجييه (59 سنة) المفتش المالي السابق الذي كان امين مال حملة هولاند في الانتخابات الرئاسية في 2012، يملك اسهما في شركتي اوف شور في جزر كايمان، الجنة الضريبية. وقال الرئيس الفرنسي بهذا الصدد "لا اعرف شيئا عن هذه الانشطة. واذا كانت لا تتطابق مع القانون الضريبي فاني اطلب من الادارة ان تتولاها وان تسمح بالتثبت فيها اذا كان ذلك ضروريا". من جانبه دافع اوجييه عن نفسه قائلا انه تصرف "بشكل شرعي" وان هولاند ليست له "ادنى مسؤولية" في استثماراته وانشطته. وزادت هذه المعلومات التي كشفتها لوموند وتندرج في اطار تحقيق طويل حول خدمات الاوف شور في العالم، في تفاقم اجواء متوترة تسببت فيها قضية كذب جيروم كاهوزاك حول حسابه المصرفي السري في سويسرا ثم في سنغافورة. واعتبرت المعارضة اليمينية واليمين المتطرف واليسار الراديكالي الاجراءات التي اعلنها فرنسوا هولاند الاربعاء حول احترام الاخلاقيات والنزاهة السياسية غير كافية. وقال جان لوك مينلشون زعيم حزب اليسار ساخرا "انها كمادات على ساق من خشب". وعلى غرار الجبهة الوطنية (يمين متطرف) دعا رئيس حزب الاتحاد من اجل حركة شعبية اليميني المعارض الرئيس الى "تغيير حكومته باكملها"، مضيفا ان "المخرج الوحيد هو تعديل حكومي واسع النطاق بما في ذلك رئيس الوزراء كي يتمكن فرنسوا هولاند من اعادة شيء من الهدوء الى بلادنا وتغيير سياسته". لكن رئيس الوزراء جان مارك ايرولت رد شائعات التعديل الوزاري مؤكدا "العمل اولا على ما لدينا قبل الدخول في تخمينات". كما طلب من كاهوزاك "التخلي عن مخصصاته" كوزير سابق. وطلبت سيسيل دوفلوه (وزيرة السكن) وهي واحدة من وزيري حركة الخضر في الحكومة، الاربعاء في مجلس الوزراء "ردا سياسيا قويا، في الجوهر والشكل" على فضيحة كاهوزاك، على ما افاد مقربون منها لكنها استبعدت الاستقالة. وفي معسكر الاشتراكيين اقرت آن هيدالغو المرشحة لمنصب عمدة باريس بضرورة طرح مسألة تعديل الحكومة لكن "ربما ليس الان". واعتبر قسم كبير من وسائل الاعلام الفرنسية ان الوضع اصبح "لا يطاق" بالنسبة لفرنسوا هولاند، كما اوردت صحيفة لو باريزيان الشعبية. بينما ذكرت بعض الصحف تصريحات وزراء طلبوا عدم ذكر اسمائهم وتحدثوا عن تعديل وزاري محتمل. ورأت صحف اوروبية ان "التسونامي السياسي" زاد في اضعاف الرئيس الذي تراجعت شعبيته الى ادنى مستوى في استطلاعات الرأي بسبب سوء ادارة الازمة الاقتصادية. وافاد استطلاع اجراه معهد تي.ان.اس سوفريس قبل اندلاع قضية كاهوزاك، ان شعبية فرنسوا هولاند تدنت خلال اذار/مارس الى 27%، اي ادنى مستوى منذ 1981 لرئيس بعد 11 شهرا من توليه الحكم، لا سيما بسبب ارتفاع عدد العاطلين علن العمل. واعتبر احد المقربين من هولاند، وزير المالية برنار كازنوف، ان فضيحة كاهوزاك تكشف "مخالفة شخصية خطيرة جدا" لكنها ليست قضية دولة، غير انها ما زالت تثير ردودا داخل الحكومة. وما انفك بيار موسكوفيسي وزير الاقتصاد المتهم بانه حمى جيروم كاهوزاك الذي كان تحت اشرافه، ينفي منذ الثلاثاء "بشدة" مزاعم بانه تسامح معه او غطى عليه. وفي دلالة على هذه الاجواء المشحونة صرح وزير الداخلية مانويل فالس لقناة بي.اف.ام/تي.في، انه لو كان رئيس وزراء لكان "بلا شك" اقال وزيرا لم يبد الاحترام له. وكان يرد على سؤال حول ملاحظات ادلى بها الوزير المكلف الصناعة ارنو موتبورغ الذي اخذ على رئيس الوزراء جان مارك ايرولت انه يدير "فرنسا كما يدار مجلس بلدي".