تونس (رويترز) - منح المجلس التأسيسي في تونس يوم الاربعاء الثقة للحكومة الجديدة التي يقودها الاسلاميون في حين تسلط وفاة عاطل أشعل النار في نفسه الضوء على مدى ثقل المهمة الملقاة على عاتقها. وقال رئيس الوزراء علي العريض ان الحكومة التي أيدها 139 عضوا من أعضاء المجلس التأسيسي البالغ 217 عضوا ستتولى أمور البلاد فقط الى ان تجري انتخابات في وقت لاحق العام الحالي. وتعاني تونس من مصاعب اقتصادية واستقطاب حاد بين الاسلاميين وخصومهم وهي تمر بمرحلة انتقالية بدأت بالاطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي في انتفاضة شعبية قبل عامين. وفجر هذه الانتفاضة موت محمد بوعزيزي البائع المتجول الذي أشعل النار في نفسه يوم 17 ديسمبر كانون الاول 2010 بعد ان صادرت ضابطة شرطة عربة يد يبيع عليها الفاكهة في بلدة سيدي بوزيد. وعادل خذري (27 عاما) هو أحدث حالة ضمن عدد من التونسيين الذين حاولوا تكرار ما فعله بوعزيزي. وقال مصدر طبي انه توفى بالمستشفى بعد ان أشعل النار في نفسه بوسط تونس العاصمة يوم الثلاثاء. وفي تعليقه على الحادث اكتفى العريض يوم الاربعاء بالقول "الرسالة وصلتنا". وقال وهو يقدم برنامج حكومته في اليوم السابق انه يأتي في قمة أولوياتها مكافحة البطالة التي تبلغ نسبتها حاليا 17 في المئة ومحاربة ارتفاع الاسعار بالاضافة الى توفير الامن. ومازال يتعين حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي أذكت الانتفاضة في تونس وغالبا ما أثارت الاضطرابات. ولم يتمكن السياسيون الذين تكبلهم الخلافات من اعداد دستور جديد وتحديد مواعيد للانتخابات البرلمانية والرئاسية. وتفاقمت الأمور عندما اغتيل السياسي العلماني شكري بلعيد في وضح النهار في السادس من فبراير شباط فيما قالت السلطات انه هجوم شنه متشددون إسلاميون سلفيون. وانهارت الحكومة السابقة بعد حادث القتل الذي أثار احتجاجات حاشدة في شوارع تونس استمرت عدة ايام. وتضم الحكومة الجديدة بقيادة حركة النهضة الاسلامية ايضا حزبين علمانيين هما التكتل والمؤتمر وهما الحزبان اللذان شاركا في الحكومة الماضية. وستؤدي الحكومة الجديدة القسم امام رئيس الجمهورية في وقت لاحق يوم الأربعاء. ولكن النهضة وافقت في الحكومة الجديدة على منح كل وزارات السيادة الى مستقلين استجابة لمطالب المعارضة العلمانية في تونس. وينتظر ان يصوت المجلس التأسيسي يوم الأربعاء او الخميس على موعد للانتهاء من صياغة الدستور الجديد وعلى موعد للانتخابات المقبلة هذا العام. وسوف تنهي الانتخابات المقبلة الفترة الانتقالية وتتيح اختيار اول حكومة غير مؤقتة قد تحكم أربعة أو خمسة أعوام بعد ان قادت تونس منذ الثورة اربع حكومات. وتمثل الاحتجاجات والاضرابات المزمعة في تونس خلال الاسابيع القليلة القادمة اختبارا لقدرة الحكومة الجديدة على اصلاح الاوضاع المالية الهشة وربما تؤثر على جهودها للحصول على 1.78 مليار دولار من صندوق النقد الدولي. وعلى عكس مصر حيث تسببت الاضطرابات السياسية في تجميد معظم الاصلاحات الاقتصادية فان تونس تمضي قدما في زيادة الضرائب وخفض الدعم لتقليل العجز المتوقع في الميزانية الى ستة بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي. وفي الاسبوع الماضي رفعت السلطات اسعار الوقود للمرة الثانية في ستة اشهر حيث زادت اسعار البنزين بنسبة 6.8 في المئة. وزادت الضرائب على المشروبات الكحولية هذا الشهر . وفرضت الحكومة هذا الشهر ايضا ضريبة نسبتها واحد في المئة على الرواتب التي تزيد على 1700 دينار (1075 دولارا) شهريا للمساعدة في تمويل الدعم المتبقي على الوقود والطعام. وقوبلت هذه الخطوات بعاصمة من الانتقادات العامة. ودعت المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك الى احتجاجات يوم الجمعة على رفع اسعار الوقود والتضخم بصفة عامة وهو ما يمكن ان يجذب الالاف الى الشارع. ويزمع سائقو سيارات الاجرة الاضراب لمدة يوم واحد الاثنين القادم. ويزمع أصحاب محطات البنزين تنظيم اضراب يستمر ثلاثة ايام في ابريل نيسان قائلين ان ارتفاع اسعار الوقود سيشجع على تهريب البنزين من ليبيا. وقال سالم بن نسور وهو مدرس (35 عاما) في العاصمة تونس "بعد تفشي الفقر والبطالة بدأت الطبقة المتوسطة تعاني. لا يمكن أن نؤيد خصم واحد في المئة من الرواتب أو الزيادة المجنونة في اسعار الغذاء والان في اسعار الوقود." (اعداد رفقي فخري للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)