بدات القمة الاوروبية المخصصة لدراسة موازنة الاتحاد الاوروبي للفترة 2014-2020 مساء الخميس مع تاخير حوالى ست ساعات، ما يؤشر الى توتر بين القادة الذين هدد عدد منهم برفض اي اتفاق بشان الموازنة يكون بعيد جدا عن مصالحهم. وبدات قمة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الاوروبي حوالى الساعة 20,45 (19,45 ت غ) بعد ساعات من لقاءات ومحاولات تصالحية بين القادة في محاولة لتقريب المواقف التي لا تزال متباعدة بين انصار التخفيضات القاسية في النفقات والمدافعين عن موازنة اكثر طموحا. ولدى افتتاح اعمال القمة، دعا رئيس المجلس الاوروبي هيرمان فان رومبوي قادة دول الاتحاد الاوروبي ال27 الى التحلي بروح "التسوية". وقال "اذا تحلينا جميعا بروح التسوية، فان اتفاقا حول الموازنة لا يزال ممكنا". واقر قائلا "لكننا لم نتوصل الى هذا بعد". وبحسب مصادر اوروبية عدة، لم يقدم فان رومبوي وثيقة جديدة بالارقام للقادة الاوروبيين بسبب خلافاتهم. ولدى وصوله الى بروكسل، شدد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون من لهجته عندما اكد انه لا يزال يتعين تخفيض ارقام الموازنة. وقال محذرا "اذا لم يحصل هذا الامر، فلن يكون هناك اتفاق". من جهته، حذر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من انه سيرفض تسوية اذا "تم تجاهل الزراعة وتجاهل النمو". وقال كاميرون لدى وصوله الى القمة الاوروبية في بروكسل "في تشرين الثاني/نوفمبر، كانت الارقام المطروحة مرتفعة جدا بالفعل. ينبغي ان تنخفض. واذا لم يحصل ذلك، فلن يتم التوصل الى اتفاق". والقمة هي اول ظهور اوروبي لرئيس الوزراء البريطاني منذ خطابه في 23 كانون الثاني/يناير حيث طلب من اوروبا تطبيق اصلاحات واعلن تنظيم استفتاء حول انتماء بريطانيا الى الاتحاد الاوروبي. وبحسب المعلومات التي حصلت عليها وكالة فرانس برس، فان اقتراح التسوية الذي اعده رئيس المجلس الاوروبي هيرمان فان رومبوي ينص على التزامات ائتمانية (محددة مسبقا) بقيمة 956,9 مليار يورو تتطابق مع السقف المسموح به، وما بين 900 الى 905 مليارات لاعتمادات الدفع، اي النفقات الفعلية. من جهتها، شككت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل الخميس في التوصل الى اتفاق اثناء القمة المخصصة للموازنة الاوروبية، معتبرة ان مواقف الدول الاعضاء لا تزال "متباعدة جدا". وقالت ميركل لدى وصولها الى بروكسل "لا يمكننا القول حاليا انه سيكون هناك اتفاق. المواقف من هنا وهناك لا تزال متباعدة جدا". الا انها وعدت بالقيام "بكل ما في وسعها" للتوصل الى اتفاق حول الموازنة الاوروبية المتعددة السنوات للفترة 2014-2020. واوضحت "في هذه الفترة من فقدان الامن الاقتصادي والبطالة المرتفعة، من المهم ان نتمكن من التخطيط والانفاق عبر التحلي بالحذر وانما ايضا ان يكون هناك تضامن بين المساهمين والمستفيدين". وكانت ميركل التقت الاربعاء الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في باريس حيث حاولا التوفيق بين موقفيهما قبل هذه القمة الحاسمة. وقال هولاند من جهته لدى وصوله الخميس الى بروكسل "جئت الى هنا سعيا لاتفاق. اذا كان هناك من لا يتحلى بالعقلانية، فساعمل على جعله يتحلى بها وانما الى حد ما". واضاف "اذا كان على اوروبا ان تتخلى، في سبيل البحث عن تسوية بالقوة، عن سياساتها المشتركة وان تتجاهل الزراعة وتتجاهل النمو، فلن اوافق". وقال ايضا ان "فرنسا مدركة دائما انه لا بد من التوفير، ولكن ينبغي ان لا نضعف الاقتصاد في الوقت نفسه". من جهة اخرى، اعرب رئيس الوزراء التشيكي بيتر نيكاس الخميس في بروكسل عن استعداده لاستخدام حق الفيتو ضد الموازنة الاوروبية، كما ذكرت وكالة الانباء التشيكية. وقال نيكاس "اتيت الى بروكسل لاجراء محادثات حول الموازنة التي تمتد لعدة سنوات مع تفويض قوي وصريح من الحكومة التشيكية. نعتبر ان هذا الاقتراح غير مقبول ونحن على استعداد لاستخدام الفيتو". واوضح للصحافيين لدى وصوله الى بروكسل "نريد موازنة اوروبية تتضمن خفضا اكبر للنفقات، واكثر حداثة، موازنة تنصف الجمهورية التشيكية". وكان رئيس الوزراء البلجيكي اليو دي روبو قال ان "المطروح على الطاولة مخيب للامل ويفتقر الى رؤية للسياسات الصناعية". الا ان رئيس الوزراء الايطالي ماريو مونتي هدد علنا برفض اتفاق سيء. وقد تهمش هذه المفاوضات المواضيع الاخرى، كالوضع في مالي والاستراتيجية للمساعدة في متابعة الثورات العربية واتفاقات التبادل الحر المقبلة الواجب التفاوض بشأنها خصوصا مع الولاياتالمتحدة. وليتسنى الوقت لمناقشة هذه المواضيع على الدول ال27 الاتفاق ليلا على الموازنة الاوروبية. وقال رئيس مجلس اوروبا هرمان فان رومبوي في رسالة الدعوة "هناك الحاح للتوصل الى اتفاق". من جهته صرح رئيس البنك المركزي الاوروبي ماريو دراغي الخميس في مؤتمر صحافي في فرانكفورت ان زيادة سعر صرف اليورو هي اشارة الى عودة الثقة الى منطقة اليورو. وقال ان هذا "التحسن يصب في اتجاه عودة الثقة الى اليورو". واضاف ان "اسعار الصرف تعكس اسس (اقتصاد ما) وفي الاجمال فان اسعار الصرف الاسمية والحقيقية هي عند معدلها على المدى البعيد او القريب". وهناك شبه يقين بالتوصل الى اتفاق. اذ علاوة على الوضع الكارثي لاوروبا فان الفشل سيؤدي الى الخسارة بدءا بالمانيا التي قد تخسر مليار يورو من التخفيضات حصلت عليها على قيمة مساهمتها في الفترة من 2007 الى 2013.