الرياض - توقع خبراء اقتصاديون أن يقفز حجم قطاع المقاولات في السعودية، من 100 مليار دولار إلى 120 مليار دولار، برغم التحديات التي تواجهه، بناء على توقعات بزيادة في ارتفاع أسعار النفط بنسبة تتراوح بين 20 إلى 30%، في ظل المتغيرات الاقتصادية المتصاعدة والمحيطة بالاقتصاد العالمي المتأثرة بأحداث ساخنة بمنطقة الشرق الأوسط. وأوضح الخبراء أن ارتفاع أسعار النفط المتوقع، ينعكس إيجابا على ميزانية الدولة، ما يعني التوسع فيه أكثر مما هو عليه، ذلك لأن المردود الاقتصادي، يجعل الدولة، تزيد في إنفاقها في مشاريع البنى التحتية، سواء كان ذلك بسبب التوسع في الجامعات والطرق والمدن السكنية والصناعية والاقتصادية والموانئ وغيرها. وفي هذا السياق قال الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الله المغلوث : الدولة السعودية بحاجة إلى ضخ ملايين الدولارات، في كافة مجالات البنى التحتية في كافة أرجاء البلاد، وذلك من أجل رفاهية الشعب، من خلال تنشيط أعمال تخدمه في كافة المجالات التعليمية والسكنية والعملية. وقدر المغلوث حجم قطاع المقاولات في السعودية ب375 مليار ريال (100 مليار دولار) في السعودية، باعتباره القطاع الأهم من في ميزان الدولة، مبينا أن السعودية تمر بطفرة كبيرة، وبالتالي يعني أن مجال البنى التحتية والعمران في طريقها للتوسع. وهذا برأيه يتطلب مقاولين قادرين، على تنفيذ تلك المشاريع إلا أن بعض المقاولين يواجهون شح التمويل البنكي، وتأخير تصنيف المقاولين ومتطلباته، حيث يقدر إلى الآن أن هناك 2750 مصنفا فقط، مشيرا إلى أن هذا الرقم يعتبر ضئيلا، مقارنة بحجم السجلات المرخصة من قبل وزارة التجارة لقطاع المقاولين، والذي يفوق ال100 ألف سجل تجاري. وتابع أنه من ضمن المعوقات، نظام فديك أو العقد الموحد للإنشاء، الذي يحمي جميع الأطراف، ويعرف كل ذي حق حقه سواء الوزارات الحكومية والتي تعقد المشاريع والمشرفة، أو أصحاب المناقصات مع غيرهم من المقاولين. واعتبر المغلوث أن البيروقراطية أحد أهم التحديات، التي تواجه قطاع المقاولات، مبينا أن بعض الجهات الرسمية، تتبع هذا الأسلوب، ما يتسبب في تأخير عملية المناقصات وعمليات الخدمات للمستخلصات، مؤكدا أن هذا المنهج تترتب عليه عمليات تأخير لأجور الأيدي العاملة، ومن ثم تعثر عملية سير المشاريع. ونوه إلى أن هناك مطالبة ملحة، بضرورة أن تشرع وزارة التجارة بإنشاء هيئة للمقاولين تهتم بشؤونهم وترعى مصالحهم، وتطالب بحقوقهم من قبل الجهات الرسمية، وتسهل لهم الإجراءات الروتينية، التي تحجم منجزاتهم في بعض الدوائر الحكومية. ويعتقد المغلوث أن تأسيس هيئة للمقاولين، من شأنها أن تكون مرجعية للعاملين في هذا القطاع، من خلال تخصيص مركز معلومات عن المقاولين وعن حجم أنشطتهم، ويضم بيانات أخرى عن حجم الأيدي العاملة الوطنية والأجنبية، وكل ما يتعلق بالمقاول حتى يكون معين للإجابة، لكل استفسار للدخول في مناقصة والاندماجات مستقبلا. الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحمن باعشن، أكد أن عزوف البنوك التجارية عن تقديم التمويل والتسهيلات اللازمين، ورهنه بشرط تعجيزية، أدى لشح في العمليات المطلوبة لتمويل المشروعات المختلفة، ما سبب تعثرا كبيرا في تنفيذ بعض مشاريع الشركات العاملة في هذا المجال. ولفت باعشن إلى أن بعض المقاولين يتعرضون إلى مضايقات، تتمثل في تأخير بعض المستخلصات عند صرف الرواتب والذي يترتب عليه توقف الأيدي العاملة عن العمل، ما يتسبب بشكل مباشر في توقف أعمالهم ويعطل شركاتهم ومشاريعهم، فضلا عن تعثرهم عند شراء المعدات ومواد البناء والتي تتطلب تمويلا مريحا من البنوك، في ظل عدم وجود ميزانيات وتنظيم هيكلي للشركات. وأكد أن عدم وجود مرجعية للمقاولين، خلقت نوعا من الفجوة في عمليات التخاطب معها من لجان المقاولين في مجالس الغرف السعودية، لتشخيص مشكلات الشركات ومن ثم المساهمة في معالجتها، مبينا أنه ليس هناك قائمة واضحة تميز القائمة السوداء والتي تعني المتعثرين والفاشلين، عن القائمة البيضاء، ناهيك عن عدم وجود مركز معلومات متخصص، يمكن من لدى الجهات الرسمية والبنوك، يمكن الرجوع إليها لمعرفة قوة ومتانة وضع الشركات، ما أزم مشكلات المقاولين بشكل واضح. من جانبه، أوضح المستشار الاقتصادي محمد الحمادي، أن هناك مشكلات تتعلق بآلية الحصول على التأشيرات من مكتب العمل، بسبب قرار نطاقات الذي يسعى للسعودة، والذي يعرقل عمل المقاولين حيث سبب لهم تحديا جديدا، ذلك أن هذا القطاع لا يوجد فيه سعوديون يمتهنون فيه، ما يعني قرار الوزارة عطل هذا القطاع أكثر من أن يساهم في إنعاشه. ويعتقد أن هناك ضرورة ملحة بأن تتجه الدولة لزيادة دعمها لهذا القطاع، والعمل على زيادة وتوسيع مواعين تدريب وتأهيل الشباب السعودي مع زيادة الدعم لهذا القطاع، مع أهمية انفتاح البنوك على المقاولين والشركات التي تعمل في هذا المجال مع ضرورة تبادل الثقة في هذه الأطراف لتجاوز كافة التحديات المذكورة آنفا. وأكد الحمادي أن شح التمويل عطل تنفيذ المشاريع، في حين أن السيولة المخصصة للمشروع أقل من الإنتاجية المؤمل تحصيلها من مخرجات المشروع، الأمر الذي ينذر بحالة كارثية لجدواه الاقتصادية، مشددا على ضرورة تفعيل دور التمويل. ونوه إلى أنه تم الاتفاق على إعداد استراتيجية لتمويل القطاع على مرحلتين، تشملان مسألة تقليل المخاطر، وبحث سبل التمويل، في الوقت الذي تم فيه تأجيل النظر في موضوع التأمين إلى ما بعد إقرار العقد، مشيرا إلى أن هناك مقاولين لديهم مشاريع أكبر من أحجامهم، الأمر الذي ولد حاجة ماسة لتضافر الجهود، داعيا وزارة العمل إلى أن تلعب دورا مكملا لأدوارها المشهودة، وذلك من خلال معالجة وضع (نطاقات) بصورة منطقية. ويعتقد الحمادي أن قطاع المقاولات في السعودية لا يتحمل ضغطا أكثر مما هو عليه، داعيا وزارة العمل، بضرورة معالجة وضع نسبة السعودة في هذا القطاع، مقترحا أن تستبدل محاولات السعودية ما فوق ال5%، بالعمل على تدريب وتأهيل الشباب السعودي الراغب في العمل في هذا المجال، مبينا أنه يمكن للقطاع الخاص والقطاع العام أن يتعاونا لخلق نوع من التحفيز، نحو التدريب والتأهيل بشكل يرضي كافة الأطراف.