انطلقت الاحتفالات الرسمية بالذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر بعد 132 سنة من الاستعمار الفرنسي. وستستمر الاحتفالات سنة كاملة بدأت الاربعاء بحفل راقص ضخم والعاب نارية واستمرت الخميس بنشاطات رسمية للرئيس بوتفليقة. واستعرض بوتفليقة (75 سنة) الذي شارك في تحرير بلاده تشكيلة من الحرس الجمهوري أدت له التحية الشرفية "ثم وضع اكليلا من الزهور أمام النصب التذكاري لمقام الشهيد. واسترجعت الجزائر سيادتها بعد 132 سنة من الاستعمار الفرنسي انتهى بحرب تحرير دامت سبع سنوات (1954-1962) وراح ضحيتها 1,5 مليون قتيل بحسب الجزائر. ثم انتقل بوتفليقة الى وزارة الدفاع الوطني للاشراف على حفل تقليد الرتب لضباط سامين في الجيش باعتباره القائد الاعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع. وتم بالمناسبة ترقية 31 عقيدا الى رتبة عميد و10 عمداء الى رتبة لواء. وكان بوتفليقة اشرف سهرة الأربعاء على انطلاق الاحتفالات الشعبية بحضوره اطلاق العاب نارية من بوارج بحرية رست قرب ميناء ومنتجع سيدي فرج وعرض فني راقص أنجزه الفنان الكوريغرافي اللبناني عبد الحليم كركلا. ويصور العرض الذي حمل عنوان "أبطال القدر.. عيد المجد" مختلف مراحل المقاومة الجزائرية ضد الاستعمار بداية من الغزو البحري من ميناء سيدي فرج الذي احتضن انطلاق الاحتفالات في 5 تموز/يوليو 1830. وشارك في هذه الملحمة التاريخية التي دامت ساعة ونصف 500 فنان ادوا مختلف الوان التراث الفني من رقص وغناء لمختلف مناطق الجزائر. وتميز العرض بمقاطع من خطابات الرؤساء الذين تعاقبوا على الجزائر منذ الاستقلال. وشهدت كل ولايات لجزائر ال 48 احتفالات رسمية وشعبية، من خلال تنظيم حفلات ساهرة شارك فيها فنانون جزائريون وعرب مثل كاظم الساهر ونجوى كرم. وادى كاظم الساهر في وهران (400 كلم غرب الجزائر) رائعة وردة الجزائرية التي غيبها الموت "عيد الكرامة" والتي غنتها في الذكرى العشرين للاستقلال في 1982. ولم تكن المناسبة مفرحة بالنسبة لكافة الجزائريين، بما ان العاطلين عن العمل حاولوا الاحتفال بطريقتهم من خلال تنظيم تجمع في ساحة اول مايو في وسط العاصمة الجزائرية "للتذكير بان جزء من الجزائريين لم يحصل على مزايا الاستقلال". وانتهى تجمع الباحثين عن العمل الذين انضمت اليهم عائلات المفقودين خلال الحرب الاهلية بين السلطة والاسلاميين المسلحين وكذلك بعض الموظفين الذين فقدوا مناصب عملهم للمطالبة باعادة الادماج، بتوقيف ثلاثة اشخاص على الاقل بحسب الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان. وكانت لجنة الدفاع عن حقوق العاطلين عن العمل الذين يمثلون 20% من الشباب دعت عبر مواقع التواصل الاجتماعي الى تنظيم تجمعات ومسيرات في كل الجزائر "للاحتفال بطريقتهم بالعيد الخمسين للاستقلال". ودعت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان الى "إطلاق سراح الموقوفين فورا" منددة بمنع "مواطنين جزائريين من التجمع للتعبير بطريقة سلمية عن انشغالاتهم المشروعة". كما نددت الرابطة "بسياسة التخويف الممارسة ضد المواطنين الذين يسعون لإيجاد مجالات للتعبير عن رأيهم، ودعت السلطات إلى احترام قوانين الجمهورية، وخاصة المادة 33 من الدستور التي تكفل للمواطنين حق التعبير عن رأيهم بالطرق السلمية بصفة فردية أو جماعية". وابرزت السلطة عبر وسائل الاعلام الحكومية "انجازات 50 سنة من الاستقلال" وركزت على فترة حكم بوتفليقة الذي وصل الى السلطة في 1999 لكنه شارك في السلطة منذ 1962 كاصغر وزير لم يتعد عمره 25 سنة. لكن الصحف المستقلة انتقدت بقاء الاقتصاد الجزائري مرهونا بمداخيل النفط والغاز التي تمثل 98% من مصادر العملة الصعبة، بينما لا يمثل القطاع الصناعي سوى 5% من الناتج الداخلي الخام. واعتبر الخبير الاقتصادي الدولي عبد الرحمان مبتول ان "البون شاسع بين الامكانات التي تمتلكها الجزائر، وهي ضخمة، ومستوى التطور الذي وصلت اليه". وقال في تصريح لوكالة فرنس "بعد 50 سنة من الاستقلال لا يمكن ان ننكر ان سوناطراك (شركة النفط العمومية) هي الجزائر والجزائر هي سوناطراك. واوضح انه بعد 16 سنة سينفد النفط وبعد 25 سنة لن يكون هناك غاز، وسيصبح 50 مليون جزائري حينذاك بلا مصادر للدخل.