ندد الرئيس السوري بشار الأسد يوم الأحد بالمجزرة الوحشية التي قتل فيها اكثر من 100 شخص في مدينة الحولة قائلا انه حتى الوحوش لا يمكن ان تقترف مثلها ووعد بأن تنتهي الأزمة المستمرة منذ 15 شهرا في البلاد اذا توحد السوريون بعضهم مع بعض. وكرر الأسد تعهداته السابقة بمواصلة الحملة على المعارضين الذين يصفهم بأنهم إرهابيون ينفذون مؤامرة خارجية بينما عرض إجراء حوار مع المعارضين الذين تفادوا الصراع المسلح او الدعم الخارجي. وتتعارض تصريحاته مع تصريحات مسؤول عمليات حفظ السلام في الاممالمتحدة ايرفيه لادسو التي قال فيها إن كثيرا من ضحايا الحولة قتلوا نتيجة قصف للجيش وقتل الآخرون وكثير منهم نساء وأطفال على أيدي ميليشيات موالية للأسد على الارجح. وأدلى الأسد بهذه التصريحات في خطاب أمام البرلمان بعد يوم من تصريح المبعوث الدولي كوفي عنان بأن شبح الحرب الأهلية الشاملة يتعاظم في سوريا وأن العالم يريد افعالا لا اقوالا من الرئيس السوري. وفي كلمته التي استمرت ساعة لم يقدم الرئيس السوري ردا محددا على دعوة عنان إلى اتخاذ خطوات جريئة لإنهاء الصراع واتهمته السعودية باستغلال خطة عنان لكسب الوقت لحملته العسكرية على المعارضين. وقتل الآلاف في الحملة على الاحتجاجات التي بدأت في مارس آذار العام الماضي واكتست بطابع عسكري متزايد الامر الذي زعزع استقرار لبنان وأثار مخاوف من اضطرابات بالمنطقة. وقال الأسد الذي بدا مسترخيا خلال حديثه امام نواب البرلمان "ان الازمة ليست ازمة داخلية بل هي حرب خارجية بأدوات داخلية وكل مواطن معني بالدفاع عن وطنه واذا تشابكت أيدينا اليوم فانا اؤكد ان انتهاء هذا الوضع قريب." وقال جراح العيون السابق (46 عاما) "انه عندما يدخل الطبيب الجراح إلى غرفة العمليات ويفتح الجرح وينزف الجرح ويقطع ويستأصل ويبتر..ماذا نقول له تبت يداك هي ملوثة بالدماء أم نقول له سلمت يداك لأنك أنقذت المريض." وفي الشهر الماضي قتل 108 اشخاص في الحولة معظمهم نساء وأطفال في مذبخة أثارت غضبا دوليا وتحذيرات من أن العنف المستمر برغم اتفاق وقف اطلاق النار الذي أبرم بوساطة عنان في 12 ابريل نيسان يمكن أن يزعزع الشرق الأوسط كله. واتهمت القوى الغربية القوات المسلحة السورية وميليشياالشبيحة الموالية للأسد بالمسؤولية عن مذبحة الحولة التي وقعت في 25 مايو ايار وهو اتهام نفته دمشق. وقال الأسد "ما حصل في الحولة...ووصفناه بالمجازر البشعة والشنيعة او الوحشية الحقيقة حتى الوحوش لا تقوم بما رأيناه وخاصة في مجزرة الحولة." وأضاف ان سوريا تتعرض لحرب خارجية وأن الإرهاب يتصاعد على الرغم من الخطوات السياسية التي اتخذت بما في ذلك انتخابات البرلمان التي اجريت الشهر الماضي. وقال الأسد "لا نواجه مشكلة سياسية لآننا لو كنا نواجه مشكلة سياسية فلابد من وجود طرف يطرح برنامجا سياسيا أو اقتصاديا...ما نواجهه هو مشروع فتنة وتدمير للوطن وأداة هذه الفتنة هي الارهاب." وتابع "عندما نقول ان القضية قضية ارهاب فنحن لم نعد في الاطار الداخلي السياسي بل نحن نواجه الان حربا حقيقية من الخارج." وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون التي عقدت محادثات مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف يوم السبت انها ابلغت لافروف بالحاجة إلى "التركيز على احراز تقدم من اجل انتقال سياسي." وأضافت في مؤتمر صحفي في ستوكهولم "رحيل الأسد ليس من الضروري ان يكون شرطا مسبقا ولكن يجب ان يكون نتيجة." واستخدمت روسيا حق الاعتراض "النقض" مرتين ضد مشروعي قرارين كان من شأنهما أن يفضيا إلى اتخاذ اجراء من الاممالمتحدة ضد الأسد وأيدت تأكيده أن اللوم يقع على متشددين في اعمال العنف التي تشهدها سوريا. وقال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل الذي دعا إلى جهود دولية لتسليح المعارضة السورية ان الأسد يستخدم خطة عنان للسلام لكسب الوقت لسحق المعارضة. وأضاف في مؤتمر صحفي مشترك مع الامين العام للامم المتحدة بان جي مون على هامش الاجتماع الثاني للمجلس الاستشاري لمركز الاممالمتحدة لمكافحة الارهاب الذي يعقد في جدة إن النظام السوري يقبل المبادرات ولا ينفذها وانه لا يعتقد ان الامر يختلف هذه المرة. واتهم الامير سعود دمشق ايضا باثارة التوتر الطائفي الذي امتد في الاونة الاخيرة إلى لبنان حيث استمر الوجود العسكري السوري قرابة ثلاثة عقود قبل أن تسحب قواتها في عام 2005 تحت ضغط دولي. وقتل 15 شخصا في اشتباكات السبت في مدينة طرابلس اللبنانية في اسوا اعمال عنف تهز لبنان منذ بدء الانتفاضة في سوريا. وقال الوزير السعودي ان ما حدث في طرابلس هو بلا شك امتداد لما يحدث في سوريا وان من الملاحظ منذ فترة ان النظام في سوريا يحاول ان يحول الصراع إلى صراع طائفي. وفي سوريا نفسها قال المرصد السوري لحقوق الانسان ومقره بريطانيا ان تسعة مدنيين قتلوا يوم الأحد. وقال المرصد ان ذلك جاء في اعقاب مقتل 33 مدنيا و61 جنديا امس السبت في واحد من اكثر الايام دموية لقوات الامن منذ تفجر الاضطرابات. وأوضح المرصد ان نصف الجنود وافراد قوات الامن قتلوا في هجمات على عربات مدرعة للجيش في بلدة اريحة الشمالية بمحافظة إدلب وفي اشتباكات قرب بلدة الرستن بوسط البلاد. وقال الأسد ان السلطات ستواصل حملتها على المعارضة المسلحة لكنها ما زالت مستعدة للحوار مع المعارضين السياسيين. وقال "علينا اذن ان نكافح الارهاب لكي يشفي الوطن. لا مبرر للارهاب تحت اي ذريعة او عنوان ولا تساهل بالتالي ولا مهادنة معه ولا مع من يدعمه ولا تسامح الا مع من تخلي عنه وسنستمر بالحزم في مواجهته بالتوازي مع فتح الباب لكل من يريد العودة عنه في حال لم تلوث يداه بالدماء." ولم تفلح كلمة الأسد في كسب ود المتشككين. فهون عبد الباسط سيدا عضو المجلس الوطني السوري المعارض من شأن الكلمة بوصفها كلام إنشائي. وقال لرويترز إن الأسد يريد أن يظل رأسا لنظام قمعي بأي ثمن ولا يريد أن يعترف بأن زمنه ولى والشعب لا يريده. وقال عنان المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في اجتماع للجامعة في قطر يوم السبت إن على الأسد أن يتخذ خطوات "جريئة ومرئية" على الفور لتغيير موقفه العسكري وتنفيذ تعهداته بوقف كل اشكال العنف. وانتقد عنان الأسد لعدم التزامه بخطة للسلام لإنهاء الصراع وقال إن قواته ترتكب اعمالا وحشية وتمارس الاعتقال التعسفي وانتهاكات اخرى. وتقول الأممالمتحدة إن القوات السورية قتلت اكثر من تسعة آلاف شخص في حملة على الاحتجاجات المناهضة للأسد. وتنحي سوريا باللائمة في أعمال العنف على إسلاميين متشددين مدعومين من الخارج تقول إنهم قتلوا اكثر من 2600 من الجنود وافراد قوات الأمن. (إعداد حسن عمار للنشرة العربية-تحرير عمر خليل ) من مريم قرعوني وخالد يعقوب عويس