القاهرة - انتهت هيئة التعمير والتنمية الزراعية المصرية مؤخراً من حصر تعديات مافيا الاستيلاء على الأراضي في طريق الإسكندرية الصحراوي، وجاء تقرير الهيئة ليحمل العديد من المفاجآت، منها قيام بعض المستثمرين بالاستيلاء على آلاف الأفدنة بوضع اليد. وتضمنت القائمة السوداء الأولى لحيتان الصحراوي بعد الثورة 35 مستثمراً قاموا ببناء منتجعات ومساكن على الأراضي التي تم تخصيصها لهم كمشروعات زراعية بالمخالفة لقواعد حظر البناء ودون الرجوع إلى وزارة الزراعة المصرية المنوطة بإصدار التراخيص. واكتشفت الهيئة لجوء بعض المستثمرين إلى إنشاء شركات وهمية للحصول على مساحات كبيرة من الأراضي بدلاً من المساحة التي تنص عليها لوائح تقنين أراضي وضع اليد بنحو 100 فدان للفرد أو الشركة، والغريب أن بعض المستثمرين يستخدمون حيلاً شيطانية كشفها جهاز استخدامات أراضي الدولة من خلال تحويل الأراضي الزراعية إلى منتجعات ومشاريع استثمارية، فهناك بعض رجال الأعمال يتحايلون على القانون للاستيلاء على أراضي الدولة ويقومون ببيع مساحة ألف متر بعقد بيع على أنها مزرعة لأنها تضم فيلا وحمام سباحة، وحديقة ويقولون إن بيع الأرض قانوني، ثم يطالبون بعد ذلك بتقنين وضع اليد. ويستقبل مكتب النائب العام مئات البلاغات الخاصة بالاستيلاء على أراضي الدولة يومياً، خاصة ضد رجال النظام السابق الذين مازال بعضهم يسيطر على آلاف الأفدنة دون وجه حق. حيتان الأراضي في مصر كثيرون، ولعل حصانتهم في العهد البائد أضحت مجرد ذكريات، ورغم ذلك لم تطالهم التحقيقات الجارية حول استغلال النفوذ أو التربح من المال العام والاستيلاء على أراضي الدولة، وهي الجرائم التي يحاكم بها أغلب رجال النظام السابق. على رأس القائمة يأتي رجل الأعمال إبراهيم كامل، مدرب جمال مبارك والداعم الأول لمشروع التوريث، والذي تحدى وبكل قوة إقامة المشروع النووي المصري على أرض الضبعة، وكامل كان عضواً بالهيئة العليا للحزب الوطني وعضو لجنة السياسات التي كان يترأسها جمال مبارك، وهو صاحب شركة أكاتو أروماتيك جروب، رئيس البنك المصري البريطاني، وصاحب شركات عقارية وصناعية وسياحية للبناء والتمويل، ويملك شركة اسيروكوب العالمية للطيران، وهو صاحب أول شركة مصرية لصناعة طائرات الركاب، إلى جانب أنه يشغل منصب رئيس المجلس المصري الأمريكي لرجال الأعمال، وهو أيضا نائب رئيس بنك هونج كونج المصري منذ عام 1983. وتمكن كامل من الحصول على قرارات تخصيص لأراضي شاسعة بمنطقة الساحل الشمالي وأنشأ عليها قرية غزالة السياحية وقفز ثمن متر الأرض بها إلى آلاف الجنيهات ومنحته الدولة 64 كيلو مترا مربعا لإنشاء مطار العلمين رغم معرفة الحكومة جيدا أن مساحة المطار لا تتجاوز 10 كيلو مترات فقط، ولكنه قام ببيع المساحة المتبقية كقرى سياحية بأسعار خيالية وحُسب ثمن هذه المساحة الكبيرة بمليوني جنيه من خلال قرض حصل عليه من بنك مصر. أما مجدي راسخ فقد حصل على مساحة 2200 فدان، أي ما يقارب من 9.2 مليون متر مربع في مدينة الشيخ زايد بسعر 30 جنيها للمتر، رغم أن سعر المتر كان يتجاوز 750 جنيها في ذلك الوقت، وسدد راسخ 2 مليون جنيه كمقدم ثمن شراء الأرض التي عرض فيها مستثمر خليجي نحو 10 مليارات جنيه لشرائها في بداية عام 2007. كما استولى راسخ على مساحة 5220 فدانا على الطريق الصحراوي، كما قام وبمشاركة 4 رجال أعمال آخرين بإنشاء شركة الصالحية للاستثمار والتنمية التي اشترت أراضي في الصالحية الجديدة بأسعار أقل من قيمتها الحقيقية وباعتها بعد ذلك بملايين الجنيهات. هذا إلى جانب قائمة عديدة بأسماء رجال أعمال يجري التحقيق معهم، وآخرون لم تقترب منهم النيابة العامة حتى الآن. وقال عضو مجلس الشعب ورئيس جمعية مكافحة الفساد، المهندس حمدي الفخراني، إن الفترة الماضية شهدت انتهاك أراضي الدولة بشكل بشع، حيث استولى رجال أعمال عصر مبارك على مئات الآلاف من الأفدنة بأسعار زهيدة جدا، وقاموا بتحويلها إلى استثمار عقاري وتربحوا منها مئات المليارات التي كلفت الدولة أكثر من 200 مليار جنيه خلال سنوات قليلة. وطالب الفخراني مجلس الشعب بفتح هذه الملفات التي قضت على ثروة مصر الزراعية والعقارية بعدما نهب بعض رجال الأعمال أراضي الدولة دون وجه حق وبطرق ملتوية، مؤكداً أنه قد حان الوقت لمحاسبة رجال الأعمال الذين تسببوا فيما تشهده البلاد من كوارث اقتصادية. وأكد الفخراني أنه وحتى الآن، ورغم صدور العديد من الأحكام القضائية بإعادة أراضي وشركات الدولة، لكن الحكومة لم تنفذ هذه الأحكام، وحمل الحكومة مسؤولية هذا التباطؤ الذي يؤدي إلى مزيد من إهدار أموال الدولة.