القاهرة - بالرغم من الأداء المختلف لحكومة الجنزورى عن حكومة عصام شرف، التى تحاول تطبيق سياسات أكثر تقشفية للحفاظ على مستوى عجز الموازنة المستهدف للعام المالى الحالى عند 8.6% من الناتج الإجمالى، إلا أن العديد من المحللين بمؤسسات دولية أبدوا ارتيابهم من الوضع المالى فى مصر الأمر الذى يصعب على الحكومة المصرية الحصول على تمويل من الأسواق الدولية، حيث نقلت وكالة بلومبرج عن انتونى سيموند، المحلل بشركة ادارة أصول بريطانية، أن هناك نقصا فى الثقة بين الحكومة المصرية والأسواق الدولية، وهناك تشكك فى قدرة الحكومة على الحفاظ على مستويات العجز المستهدفة. وعبرت أسواق الديون الدولية عن حالة عدم الثقة التى تحدث عنها المحلل البريطانى، حيث ارتفعت تكاليف السندات الدولارية المصرية، المستحقة فى ابريل 2020، الخميس الماضى 18 نقطة أساس، إلى 8.42 %، وذلك عقب اعلان البنك المركزى عن تراجع احتياطيات النقد الأجنبى فى آخر شهر من 2011 إلى 18.1 مليار دولار، ليبلغ مجمل تراجع الاحتياطيات المصرية فى 2011 نسبة 50% مقارنة ب2010. واعتبرت رازا اغا، المحللة برويال بنك البريطانى وضع الاحتياطى «مؤشرا خطيرا، يزيد الضغوط على الحكومة المصرية للجلوس على مائدة التفاوض مع الشركاء الدوليين للحصول على المساندة»، تبعا لما نقلته عنها وكالة بلومبرج. ربما يكون صندوق النقد أبرز تلك الجهات الدولية التى يعول عليها المحللون الأجانب لمساندة الوضع المالى فى مصر، الا أن قرض الصندوق الذى سيجرى عليه التفاوض خلال الفترة القادمة، قد يعرقله غياب المساندة السياسية الكافية لحكومة الجنزورى، خاصة مع السمعة السيئة للشروط غير الاجتماعية للصندوق، لذا عبر الصندوق بشكل واضح فى تصريحات للشروق عن ضرورة أن يحظى برنامج الحكومة على دعم سياسى واضح لكى يتم تمرير القرض، وذلك فى الوقت الذى تعيش فيه البلاد حالة من عدم الوضوح السياسى، كما قال سيرجى ديرجاشيف، المدير بشركة المانية لإدارة الأصول، لبلومبرج، وكلما زادت تلك الحالة سيظل الاقتصاد يدور فى دائرة مفرغة تتآكل معها القدرات الاقتصادية والثقة كما أضاف الخبير. وبسبب حالة غياب ثقة الاسواق الدولية فى السوق المصرية، مع استمرار وجود عراقيل فى اتمام عملية التحول الديمقراطى خلال العام الماضى، باع الأجانب 7.5 مليار دولار من اذون الخزانة والسندات المصرية خلال التسعة أشهر الأولى من 2011، وتسبب تردى الوضع المالى فى تراجع العملة المحلية أمام الدولار بنسبة 3.9% على مدار العام الماضى. ويؤكد التراجع الأخير للاحتياطى التوقعات باستمرار ضعف الجنيه، كما قال سيمون ويليامز، كبير اقتصاديى الشرق الاوسط وشمال افريقيا ببنك اتش اس بى سى لبلومبرج. وفى مواجهة تحديات التمويل الدولى، تسعى حكومة الجنزورى لتوفير ايرادات للخزانة من الموارد المحلية، فبالرغم من تأجيلها لتطبيق الضرائب العقارية وعدم استجابتها لمطالب بعض رجال الأعمال بزيادة ضريبة الدخل على الفئات الأكثر ثراء أو على أرباح البورصة، الا أن وزارة المالية تسعى لطرح عدد من التيسيرات والآليات الجديدة لتحفيز المجتمع الضريبى على سداد المتأخرات الضريبية، والتى بلغت نحو 60 مليار جنيه. وتستطيع أن تُحصِل الحكومة نسبة مهمة من المتأخرات الضريبية اذا زادت من صلاحيات لجان فض المنازعات للتسريع بتسوية النزاعات الضريبية يقول أشرف عبدالغنى، رئيس جمعية خبراء الضرائب والاستثمار، مشيرا إلى أن وزير مالية الرئيس المخلوع يوسف بطرس غالى، كان قد أصدر فى الفترة الأخيرة قبل الثورة قرار رقم 363، لتيسير تسوية بعض المنازعات الضريبية. ونحن نحتاج إلى توسيع تطبيق هذا القرار ليشمل تيسير كل نقاط الخلاف المطروحة أمام المحاكم، وأن يتم تعيين عضو من هيئة قضايا الدولة فى لجان فض المنازعات لنضمن عدم اعتراض الهيئة على تسوية مصلحة الضرائب كما يوضح عبدالغنى. وبالنسبة للمتأخرات الضريبية واجبة السداد، يرى عبدالغنى ضرورة اصدار قرار بتقديم حوافز للسداد المبكر للضريبة، من خلال تخفيض غرامات التأخير على الممولين. ولا يتوقع عبدالغنى أن تنجح مصلحة الضرائب فى جمع الحصيلة الضريبية المتوقعة لعام 2011 2012، بقيمة 200 مليار جنيه، فى ظل استمرار التباطؤ الاقتصادى خلال الأشهر الماضية، مطالبا بإصدار مرسوم بتقسيط ضرائب عام 2012 على الشركات، مثل المرسوم الصادر فى العام الماضى لأننا لا نزال نعيش فى ظروف استثنائية.