غادر الرئيس الاميركي باراك اوباما منطقة اسيا المحيط الهادىء في نهاية هذا الاسبوع بعد جولة تركت رسالة واضحة مفادها ان الولاياتالمتحدة تريد ان تصنع مستقبل المنطقة. واعلن اوباما اثناء رحلته التي استغرقت تسعة ايام "لا شك ان الولاياتالمتحدة تتمتع في منطقة اسيا-المحيط الهادىء بكل مكانتها". وفي جزيرة هاواي مسقط راسه حيث بدا رحلته الاسبوع الماضي، تراس اوباما قمة الدول ال21 في المنتدى الاقتصادي لاسيا-المحيط الهادىء حيث نجح في اطلاق مشروع "الشراكة عبر المحيط الهادىء" التي ستصبح اكبر منطقة للتبادل الحر في العالم. ثم انتقل الرئيس الاميركي الى استراليا حيث اعلن تعزيز التواجد العسكري الاميركي مع نشر 2500 من عناصر المارينز تدريجيا في شمال البلاد. واختتمت الجولة بزيارة اندونيسيا للمشاركة في قمة اسيا الشرقية مكرسا بذلك انضمام الولاياتالمتحدة الى هذه الكتلة التي تضم 18 بلدا بينها الصين. واعلن الرئيس انذاك انه سيرسل وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون الى بورما الدولة التي تخضع للنفوذ الصيني منذ ابعادها عن الاممالمتحدة لانتهاكاتها المتكررة في مجال حقوق الانسان. واتاحت الجولة "اعادة التوجيه الحاسم والاستراتيجي للسياسة الاميركية، اعادة توازن"، كما راى توم ديلتون مستشار الامن القومي لدى اوباما. لكن هذا التعزيز الكبير للوجود الاميركي في منطقة اسيا-المحيط الهادىء التي تعتبر احيانا المربع الخاص ببكين، اثار غضب الصين. وهكذا طغت الخصومة الصينية الاميركية على قمة اسيا الشرقية. وخلال الاجتماع، التقى اوباما طيلة ساعة رئيس الوزراء الصيني وين جيباو. والقوتان الاقتصاديتان الكبريان في العالم مترابطتان، وقد وجدتا ارضية مشتركة حيال بعض الملفات مثل كوريا الشمالية او ايران. لكن علاقاتهما تبقى متوترة ولا سيما بشان سعر صرف اليوان الذي تعتبره واشنطن دون قيمته الفعلية، وحول الخلافات الحدودية في بحر الصين الجنوبي. وتامل الولاياتالمتحدة ان يكون هذا الموضوع محل محادثات متعددة الاطراف وهو ما ترفضه بكين رفضا قاطعا. واكد اوباما ان الولاياتالمتحدة "لا تخشى" الصين ولا تسعى الى وقف توسعها. وترد بكين التي تنفي اي ميل للتسلط، محذرة واشنطن من "التدخل" في شؤونها. ومما لا شك فيه ان الصين ستنظر الى الاستراتيجية الاميركية وكأنها محاولة ظاهرة لمقاومة التطلعات الصينية، بحسب ما راى شي ينهونغ استاذ العلاقات الدولية في جامعة رنمين في بكين. وقال في مقابلة مع وكالة فرانس برس ان "الحكومة الصينية رحبت بدخول الولاياتالمتحدة الى قمة اسيا الشرقية". وقال "لكن المؤسف هو ان هذه الارادة الجيدة لم يقابلها رد ايجابي". اما ديفيد شتاينبرغ (جورج تاون يونيفرستي) فتطرق من جهته الى "الحذر" الذي تبديه بكين مما تثيره كل حركة اميركية. وراى "انهم ينظرون الى كل ما نقوم به في بورما بحذر. ينظرون الى كل ما نقوم به في بحر الصين الجنوبي بحذر، وربما ايضا في استراليا". وتسعى واشنطن الى وضع "هيكلة" اقتصادية وامنية في اسيا قد تتمكن من حل الخلافات وتشجيع العلاقات الاقتصادية القائمة على قواعد تقبلها الولاياتالمتحدة، كما قال. وتامل اميركا ان يتمكن هذا النوذج في نهاية المطاف من دفع الصين الى اعادة تحديد مصالحها القومية الخاصة مثل سياستها النقدية على سبيل المثال. وهكذا تنطلق الشراكة عبر المحيط الهادىء. فالمشروع قد "يلزم الصين على التخلي عن محاولات ايجاد نموذجها الخاص للتكامل في اسيا"، كما راى ارنست باور من "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية".