القاهرة - استبعدت مصادر مصرفية واقتصادية بمصر تطبيق الخطوة التي أعلن عنها قبل يومين مجلس الأعمال المصري الأميركي، بإسقاط ديون مصر الخارجية للولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي والبالغة 34.9 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي، مؤكدين صعوبة إسقاط الدين بالكامل لاعتبارات قانونية ومصرفية، والرفض من قبل الرأي العام الغربي ناتج عن الضغوط الاقتصادية الكبرى التي يواجهها الغرب منذ 2008، مطلع الأزمة المالية العالمية التي هزت اقتصادات العالم وما زالت تداعياتها مستمرة. ومن جانبه، قال أحمد سليم، الخبير المصرفي إن هذا المقترح قد يستبعد تطبيقه، من قبل دول الاتحاد الأوروبي وأميركا نظرا لعدة اعتبارات مالية واقتصادية، منها أن قوانين تلك الدول لا تسمح بإسقاط أصل الدين بل فوائده فقط، وهو الإجراء المتبع حتى في تسوية الديون المتعثرة للأفراد والشركات، وهو المعمول به حتى في مصر أثناء التعامل في ذلك الملف الذي هز القطاع المصرفي في فترة التسعينات من القرن الماضي. وأضاف سليم ذلك الإجراء قد يعترض عليه من قبل برلمانات تلك الدول التي تعاني من أزمات مالية، وتعلم أن مصر ليست عاجزة عن السداد، حيث ما زال معدل الدين لا يتجاوز 15 في المائة من الناتج المحلي، مما يعني سلامة دين مصر الخارجي وقدرتها على السداد»، مشيرا إلى أن الرأي العام الغربي والأميركي لن يوافق على تلك الخطوة. وكان محمد يونس، رئيس مجلس الأعمال المصري الأميركي، قد قال قبل يومين إن مسؤولي الإدارة الأميركية رجحوا موافقة الكونغرس على تنازل الولاياتالمتحدة عن ثلث ديون مصر البالغة 3 مليارات دولار خلال الأسابيع القليلة المقبلة، أي نحو مليار دولار. وأوضح يونس في ختام أعمال المنتدى الثاني لمجلس الأعمال المصري الأميركي في واشنطن، أن المسؤولين الأميركيين أكدوا أنه لم يتبق سوى خطوة واحدة في سلسلة من الإجراءات في الكونغرس حتى تتنازل أميركا عن هذه الديون. وأضاف أن هناك اتجاها إيجابيا أميركيا بشأن إسقاط الديون المصرية، مشيرا إلى وجود خطوات لتفعيل مبادرة الرئيس الأميركي باراك أوباما بإعفاء مصر من ثلث ديونها، وحث الاتحاد الأوروبي ونادي باريس على حذو نفس حذو أميركا بإسقاط جزء كبير من الديون المستحقة على مصر. في السياق ذاته، قال مصدر رفيع المستوى بالبنك المركزي، إن إسقاط الديون بالكامل أمر مستبعد، مرجحا تحويل تلك المبادرات إلى استثمار مباشر، على غرار ما قامت به إيطاليا مع مصر، حيث حولت مديونيتها على مصر إلى تمويل مشروعات، وهو قرار استثماري جيد يفيد عجز الموازنة، كما أنه لا يصطدم بالقواعد الغربية في التعامل مع أصحاب المديونيات. وأشار المصدر إلى أن مبادلة الديون بالاستثمار أقل تعقيدا في تنفيذها من إسقاط الديون، وتعوض عجز المالية المصرية عن القيام بمشاريع تنموية تراها ملحة ومهمة. وقال المصدر إن مصر ليست عاجزة عن سداد ديونها، كما أن قيمة الديون الحقيقية تساوي 50 في المائة من قيمتها الاسمية بسبب طوال مدة الديون التي تصل إلى عام 2050، مع وجود قسط لنادي باريس تقدر قيمته بنحو 700 مليون دولار يسدد كل ستة أشهر لا يشكل أي خطر على دولة بحجم مصر. وقد ظهرت فكرة مبادلة الديون بالاستثمار في عهد وزير المالية السابق سمير رضوان، حيث طالب الدول الأوروبية بمبادلة الديون المستحقة على مصر بمنح بالجنيه المصري توجه لصندوق يخصص لإقامة مشاريع تنموية تحتاج إليها مصر. من جانبه، رجح جمال محرم، رئيس غرفة التجارة الأميركية بالقاهرة، ربط التنازل عن الدين المصري في حال الموافقة عليه بشروط من الإدارة الأميركية، تتعلق بإصلاحات سياسية، مثل إتمام الانتخابات في مواعيدها المحددة، أو تسليم السلطة. كان الدكتور حازم الببلاوي، نائب رئيس الوزراء ووزير المالية، قد اعتبر هدف إقدام أميركا على هذه الخطوة هو تخفيف الضغوط التي يعاني منها الاقتصاد المصري حاليا، كما سيكون لذلك تأثير مباشر على تقليل فوائد الديون التي أدت إلى ارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة إلى نحو 134 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي، خاصة أن نحو 106 مليارات جنيه من هذا العجز مخصصة لخدمة الدين العام وسداد فوائده. وكان جزء كبير من مديونية مصر الخارجية قد تم إسقاطه إبان مشاركتها بقواتها المسلحة في تحرير الكويت من غزو الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في حرب الخليج الثانية مطلع التسعينات من القرن الماضي.