دستورنا الجديد 5-2 السلطة التنفيذية تعد السلطة التنفيذية في الدولة المعاصرة هي السلطة الفاعلة والمنوط بها العمل المباشر مع المواطنين ووضع واستخدام الوسائل لتحقيق السياسات العامة في مختلف مجالات حياتهم وهي السلطة التي تتخذ القرارات وتطبق القوانين وتنفذ المشروعات وتحاسب على إنجازاتها أو إخفاقاتها من الشعب وممثليه في البرلمان وتنظم أعمالها القوانين وأحكام القضاء وقد خصها الدستور في الباب الخامس بالفصل الثاني منه بخمسة وأربعين مادة الفرع الأول يخص رئيس الجمهورية في أربع وعشرين مادة ، والفصل الثاني للحكومة في إحدى وعشرين مادة. يبدأ الفرع الأول بالمادة (139) التي تنص على أن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورئيس السلطة التنفيذية يرعى مصالح الشعب ويحافظ على استقلال ووحدة أراضي الوطن ويلتزم بأحكام الدستور في مباشرته لسلطاته ثم حددت المادة (140) مدة رئاسة الرئيس المنتخب لأربع سنوات لا يجوز إعادة انتخابه إلا لمدة واحدة أخرى وحظرت عليه شغل أي منصب حزبي طوال مدة رئاسته واختصت المادتان التاليتان بتحديد الشروط التي يجب توافرها في من يرشح نفسه للرئاسة بأن يكون مصرياً من أبوين مصريين وألا يكون قد حمل هو أو أي من والديه أو زوجه جنسية دولة أخرى وألا تقل سنُّه عن أربعين سنة ميلادية وأن يحصل على تزكية عشرين عضواً فأكثر من أعضاء البرلمان أو تأييد خمسة وعشرين ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في خمس عشرة محافظة بحد أدنى ألف مؤيد في المحافظة الواحدة وأن يكون متمتعاً بحقوقه السياسية وأدى الخدمة العسكرية أو أعفى منها قانوناً وأحالت إلى القانون شروط الترشيح الأخرى ثم نصت المادة (143) على أن يكون انتخابه بالاقتراع العام المباشر وبأغلبية الأصوات مطلقاً وحددت المادة التالية اليمين القانونية التي يؤديها الرئيس أمام مجلس النواب أو أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا في حالة عدم وجود المجلس. وأحالت المادة (145) تحديد مرتب رئيس الجمهورية للقانون وحظرت عليه تقاضي أي مبالغ أو مكافآت أخرى ومنعت أي تعديل في مرتبه طوال فترة رئاسته وحظرت عليه ممارسة أي مهنة حرة أو عمل تجاري بالذات أو الواسطة وأوجبت عليه تقديم إقرار ذمة مالية عند تولي المنصب وآخر عند تركه وحظرت عليه أن يمنح نفسه أي أو سمة أو نياشين أو أنواط أو يحتفظ بأي هدية نقدية أو عينية نالها بسبب المنصب بل تؤول ملكيتها للدولة وحددت المواد التالية سلطات رئيس الجمهورية: 1- تكليف رئيس مجلس الوزراء بتشكيل الوزارة وعرض برنامجه على مجلس النواب ، فإذا لم يحصل على ثقة المجلس يكلف الرئيس شخصية أخرى من الحزب الحاصل على أكثرية في مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً فإن لم يحصل على ثقة المجلس يعد المجلس منحلاً. 2- إعفاء الحكومة من أداء عملها بشرط موافقة أغلبية مجلس النواب. 3- يفوض بعض اختصاصات لرئيس الوزراء ونوابه أو الوزراء وللمحافظين ولا يجوز لأي منهم أن يفوض غيره. 4- وضع السياسة العامة بالاشتراك مع مجلس الوزراء والإشراف على تنفيذها. 5- تمثيل الدولة في علاقاتها الخارجية وإبرام المعاهدات والتصديق عليها عند موافقة البرلمان. وأوجبت المادة (151) ضرورة استفتاء الشعب على معاهدات الصلح والتحالف وحقوق السيادة وعدم التصديق على هذا النوع من المعاهدات إلا بعد موافقة الشعب في الاستفتاء. 6- هو القائد الأعلى للقوات المسلحة لكنه لا يعلن الحرب ولا يرسل القوات المسلحة في مهمة قتالية خارج البلاد إلا بعد أخذ رأي مجلس الدفاع الوطني وموافقة مجلس النواب بأغلبية الثلثين وفي حالة عدم قيام المجلس تجب موافقة كل من مجلس الوزراء ومجلس الدفاع الوطني (مادة 152). 7- تعيين الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين وإعفاؤهم من مناصبهم ، وقبول واعتماد الممثلين السياسيين للدول الأخرى. 8- إعلان حالة الطوارئ بعد أخذ رأي مجلس الوزراء ، ويجب العرض على مجلس النواب خلال سبعة أيام وتجب موافقة المجلس بالأغلبية ويكون إعلانها لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر ويمكن مدها بنفس القواعد لمدة واحدة أخرى مماثلة بعد موافقة ثلثي أعضاء المجلس ولا يجوز حل مجلس النواب أثناء سريان حالة الطوارئ (مادة 154). 9- العفو عن العقوبة أو تخفيفها بعد أخذ رأي مجلس الوزراء. 10- دعوة مجلس النواب لاجتماع طارئ في غير دور الانعقاد إذا حدث ما يوجب ذلك. 11- دعوة الناخبين للاستفتاء فيما يتصل بمصالح البلاد العليا. 12- يقدم رئيس الجمهورية استقالته للبرلمان فإن كان غير موجود يقدمها للمحكمة الدستورية العليا. ثم حددت المادة (159) كيفية توجيه اتهام للرئيس بمخالفته أحكام الدستور أو بالخيانة العظمى أو أي جناية أخرى ونلاحظ هنا إضافة مخالفة أحكام الدستور وأي جناية أخرى إلى تهمة الخيانة العظمى التي اقتصرت عليها الدساتير السابقة ويوجه الاتهام بناء على طلب موقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس وبعد تحقيق يجريه النائب العام فيوقف الرئيس عن عمله حتى صدور حكم في الدعوى التي تباشرها محكمة خاصة يرأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى وعضوية أقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية وأقدم نواب رئيس مجلس الدولة وأقدم رئيسين بمحاكم الاستئناف ويباشر الادعاء النائب العام وأحكامها نهائية غير قابلة للطعن ، فإذا حكمت بإدانة الرئيس أعفى من منصبه مع عدم الإخلال بالعقوبات الأخرى كما نصت المادة 160 على أن يحل رئيس الوزراء محل رئيس الجمهورية إذا قام مانع مؤقت يمنعه عن مباشرة سلطاته أما عند حدوث مانع دائم فيعلن مجلس النواب خلو المنصب بأغلبية الثلثين وتبدأ إجراءات انتخاب رئيس جديد على أن يباشر رئيس مجلس النواب مهام الرئاسة مؤقتاً حتى ينتخب الرئيس الجديد في مدة لا تتجاوز تسعين يوما من خلو المنصب وليس للرئيس المؤقت حق الترشح أو تعديل الدستور أو حل مجلس النواب أو إقالة الحكومة ، ونصت المادة 161 على حق مجلس النواب في سحب الثقة من رئيس الجمهورية وإجراء انتخابات مبكرة بناء على طلب من أغلبية الأعضاء وبموافقة ثلثي الأعضاء على الأقل على سحب الثقة ويطرح قرار المجلس على الشعب في استفتاء عام ولا ينفذ إلا إذا كانت نتيجة الاستفتاء بالموافقة فإذا كانت النتيجة بالرفض يحل مجلس النواب. ويبدأ الفرع الثاني من فصل السلطة التنفيذية الخاص بالحكومة بالمادة 163 التي تنص على أن الحكومة هي الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة تتكون من رئيس الوزراء ونوابه والوزراء وحددت المادة التالية الشروط الواجب توافرها فيمن يعين رئيسا للوزراء وهي نفس شروط المرشح لرئاسة الجمهورية عدا شرط السن الذي نزل إلى خمسة وثلاثين عاماً فأكثر بدلا من أربعين عاما ميلادية بالنسبة لرئيس الجمهورية ، وحظرت الجمع بين عضوية الحكومة وعضوية مجلس النواب وحددت المادة (165) نص اليمين التي يقسمها رئيس الحكومة والوزراء أمام رئيس الجمهورية قبل مباشرة أعمال مناصبهم. وأحالت المادة التالية إلى القانون تحديد مرتب رئيس الحكومة وأعضائها وحظرت حصولهم على أي رواتب أو مكافآت أخرى كما حظرت عليهم ممارسة أي مهنة حرة بالذات أو بالواسطة أو ممارسة أي نشاط مالي أو تجاري وأوجبت عليهم تقديم إقرار ذمة مالية عند توليهم وآخر عند تركهم الحكومة وحددت المادة 167 اختصاصات الحكومة مركزة على تسعة اختصاصات نوجزها فيما يلي: مشاركة رئيس الجمهورية في وضع السياسة العامة للدولة والإشراف على تنفيذها – المحافظة على أمن الوطن وحماية حقوق المواطنين ومصالح الدولة – توجيه أعمال الوزارات والتنسيق بينها – إعداد مشروعات القوانين والقرارات – إصدار القرارات الإدارية وفقاً للقانون ومتابعة تنفيذها – إعداد مشروع الخطة العامة للدولة – إعداد مشروع الموازنة العامة للدولة – عقد القروض ومنحها وتنفيذها القوانين ، وكلفت المادة التالية كل وزير بوضع سياسة وزارته ومتابعة تنفيذها في إطار السياسة العامة للدولة وأوجبت وجود وكيل أول لكل وزارة لتحقيق الاستقرار المؤسسي كما أجازت المادة 169 لكل وزير أن يلقي بيانا أمام مجلس النواب أو إحدى لجانه عن موضوع يدخل في اختصاص وزارته ومنحت المادة 170 رئيس الوزراء حق إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين وله أن يفوض غيره في إصدارها عدا اللوائح التي أناطت القانون إصدارها بجهات محددة ومنحته المواد التالية حق إصدار القرارات لإنشاء المرافق العامة ولوائح الضبط وأخضعته ووزراءه للقواعد العامة للتحقيق والمحاكمة في حالة ارتكابهم جرائم أثناء ممارسة وظائفهم أو بسببها وجعلت تقديم استقالة رئيس الوزراء موجهة لرئيس الجمهورية واستقالة الوزراء لرئيس مجلس الوزراء. وناقشت المواد من 175 إلى 183 الإدارة المحلية ابتداء من تقسيم الدولة إلى وحدات إدارية مروراً بكفالة دعم اللامركزية إداريا وماليا واقتصاديا وتوفير ما تحتاجه الوحدات المحلية من معاونة علمية وفنية وإدارية ومالية ، وأوجبت استقلال المحليات بموازنة مالية خاصة يدخل في مواردها ما تخصصه لها الدولة والضرائب والرسوم ذات الطابع المحلي وأحال إلى القانون تنظيم شروط وطريقة تعيين المحافظين أو انتخابهم وكذلك رؤساء الوحدات المحلية الأخرى وتحديد اختصاصاتهم. ونصت المادة 180 على انتخاب كل وحدة محلية بالاقتراع السري العام لمدة أربع سنوات واشترطت ألا تقل سن المرشح عن 21 سنة ميلادية ونصت على أن يكون ربع مقاعدها للشباب دون سن 35 سنة وأن تتضمن نسبة من المسيحيين والمعاقين على أن يكون ربع المقاعد للمرأة وتمثيل العمال والفلاحين بها 50% على الأقل وجعلت اختصاصاتها متابعة تنفيذ خطط التنمية ومراقبة أوجه النشاط المحلي المختلفة ، وممارسة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية وأعطتها حق الاقتراح وتوجيه الأسئلة وطلبات الإحاطة والاستجوابات حتى سحب الثقة من رؤساء الوحدات المحلية وأحالت إلى القانون تحديد اختصاصاتها الأخرى وجعلت المادة قرارات المجالس المحلية نهائية في حدود اختصاصاتها وأعطت المادة 182 للمجالس المحلية حق وضع ميزانياتها وحسابها الختامي وحظرت المادة 183 حل المجالس المحلية بإجراء إداري وأحالت للقانون طريقة حل كل منها وإعادة انتخابه. ونلاحظ بوضوح حرص لجنة وضع الدستور على إيراد تفصيلات لم ترد مثلها على الإطلاق في دستور سابق لقطع الطريق على أي محاولة لتفسير أحكام المواد التي تتسم بالعمومية بما يناسب هوى فئة أو حزب ، كما نلاحظ تحجيم سلطة رئيس الجمهورية التي كانت شبه مطلقة وجعلت معظم قراراته مرتبطة بموافقة مؤسسات الدولة المشاركة مثل مجلس النواب ورئيس الوزراء ومجلس الدفاع الوطني واستفتاء الشعب ، لكي تقطع الطريق أمام صناعة دكتاتور جديد ، ومع تقديري لمن يرون أن هناك مبالغة في إيراد التفصيلات ؛ وفي الحد من سلطة الرئيس فإن ما عانته مصر خلال الأعوام الأربعين الماضية يجعلني أميل إلى تأييد الدستور في هذه الأمور وأرى أنها ضرورية لبناء حياة ديمقراطية سليمة.