وقف بي في نهر الطريق السريع عند جامعة القاهرة وقال لي: اتفضل!!.. وأشار إلي دريكسيون السيارة.. وسألته: أتفضل فين؟!.. قال: تسوق.. هو مش حضرتك عايز تتعلم السواقة؟!! وأنظر حولي إلي السيارات من أمامي. ومن خلفي. وأنا في قمة الرعب.. وكيف أسوق هذا الشيء.. وأنا الذي أركب مرعوباً. وأنزل مرعوباً.. من هول ما أري حولي.. وقد وصف أحد الأجانب كان يزور بلادنا بأن من يتعلم قيادة السيارات في شوارعنا وعلي هذا النحو "العفاريتي".. من يدخل من يمينك. ومن يكسر علي شمالك.. ومن يأتي من أمامك.. ومن يفاجئك بأنه يلعب في قفاك من سيارة أخري وقفت بجوارك في إشارة مرور. وأراد أن يسلي وقته!!! من يتعلم "السواقة" هنا علي حد تعبير الخواجة يمكن أن يعمل في أي سيرك عالمي. وأن يقود مركبة فضاء بمنتهي السهولة.. السائق سألني بهدوء: هو مش حضرتك عايز تتعلم السواقة؟!! قلت: نعم.. أمال جاي أتعلم "الخراطة"؟!! أجابني: يبقي خلاص.. إما أن تقود السيارة. وإما أن أقودها أنا إلي مدرسة المرور لتوصيلك. وأن يبحثوا لك عن مدرب غيري!! وأمسكت بعجلة القيادة. وهو يقول: عندك الأول. تدوس بنزين وتشيل رجلك التانية من فوق الدبرياج.. تمشي العربية. وبعدين خش علي الغيار الثاني والثالث والرابع.. وعندك دواسة في الوسط هي خاصة بالفرامل إذا شعرت بالخطر. ولكي تتحكم في السيارة.. أظن مفيش مشكلة. وقلت مرعوباً: مفيش مشكلة خالص.. وسلمت أمري لمن لا يغفل ولا ينام. وقلت: لا بأس من أن أنال الشهادة عند جامعة القاهرة. وفي سبيل الرخصة.. ولولا أني رب أسرة والسيارة ضرورية ما سعيت إليها.. ثم إن بهدلة المواصلات خاصة مع أولادك تجعلك تضحي بنفسك.. وقد يتعرف أحدهم عليك محشوراً في ميكروباص. أو مجعوصاً في تاكسي. أو ماشياً علي الأرض. فإذا به يبحلق في وجهك: هو مش حضرتك اللي كنت في التليفزيون إمبارح؟!! تقول له بكل بساطة: وفيها إيه؟!! يقول في سره: أما فقري بصحيح. يكتب في الجرائد ويطلع في التليفزيون والبوتاجاز. وما عندوش عربية!! ولست مطالباً بأن أشرح لسيادته بأنني أمتلك عربية علي قد حالها. ولكني أفضل أن أركبها بدلاً من أن تركبني هي. وأكون أسيراً لجنابها. إذا ما انتهت بطاريتها. أو أصابها تلبك معوي في الموتور. أو أخذت نزلة برد في البوجيهات.. ثم إني أحب أن أكون حراً.. وعندما أقود السيارة وحدي أسرح.. وأذكر أني طلعت علي الرصيف ذات مرة. وأنا أستبدل شريطاً بآخر.. وستر ربنا أن السيارة لم تنقلب وعادت إلي وضعها الطبيعي. لذلك أستخدمها في المناسبات. ولسان حالها تحت البيت يقول لي في الرايحة والجاية: إذا كنت مش طايقني للدرجة دي.. طلقني يا سي جمل.. فيه ألف مين يتمناني!! أنظر إلي حالة الشقلباظات في شوارعنا خاصة من التوك توك.. والموتوسيكلات. وأكاد أن أترك السيارة في قلب الطريق وأفر هارباً إلي أقرب مواصلة. أيوه عندي رخصة.. لكن هل كل من يمتلك رخصة يعرف جيداً في قيادة السيارات. ويحترم قوانين المرور؟!!.. أظن ده عشم إبليس في الجنة!!