مازالت وزارة الداخلية تسير في فلك النظام السابق، وتؤكد يوما بعد آخر ولاءها لرجالها القتلة والفاسدين الذين استخدمهم مبارك للبطش بمعارضيه والتنكيل بهم، ورغم الانتقادات المستمرة التي تتعرض لها ، وتأكيدات الوزير منصور العيسوي الدائمة علي تطهير الوزارة من العناصر الفاسدة والمتورطة في قتل المتظاهرين، لكن قيادات الصف الثاني في الوزارة، تحمي القتلة وتساعدهم علي الهروب من قبضة العدالة. والدليل علي ذلك ما حدث مع نقيب أمن الدولة حسام الشناوي المتهم بقتل سيد بلال، حيث تم إرساله إلي السودان في بعثة تابعة لوزارة الداخلية، لإنقاذه من المساءلة، كذلك تكرر الأمر بإخفاء القناصة المتورطين في قتل المتظاهرين، بنفي وزير الداخلية وجود قناصة تابعة للوزارة، مؤكدا أن الأمر يقتصر علي وجود ضباط بجميع قطاعات الوزارة ومديريات الأمن المختلفة، حصلوا علي فرقة القناصة. وقد كشف نشطاء الفيس بوك كذب ادعاءات الوزير، بعدما تداولوا علي الموقع الاجتماعي صورا لإحدي المظاهرات تؤكد وجود ضباط يرتدون «بادج» للقناصة وفوقه «بادج» آخر يحمل عبارة «العمليات القتالية» مما يؤكد أن هناك تشكيلاً وليس مجرد دورة تدريبية للضباط. وفي تمثيلية جديدة، تحول أكبر حركة تطهير في تاريخ وزارة الداخلية، إلي أكبر خدعة في تاريخها، حيث أكد الوزير في أكثر من مناسبة تطهير الوزارة من قتلة الثوار وزبانية أمن الدولة، لكن ما حدث كان عكس ذلك، فتمت ترقية بعضهم وإرسال مجموعة منهم في بعثات إلي الخارج، ونقل ما تبقي منهم لأماكن مميزة كميناء الإسكندرية وأكاديمية الشرطة ومصلحة الأحوال المدنية والكهرباء والاتصالات وغيرها من الأماكن التي يعتبر العمل بها مكافأة وليس عقابا، رغم أن بعضهم متهم في قضايا تعذيب وقتل المتظاهرين وفرم مستندات أمن الدولة. كما تمت ترقية المسئول الأول عن تزوير الانتخابات مساعداً لوزير الداخلية ومد خدمة أعضاء بالمجلس الأعلي للشرطة رغم تجاوزهم السن، ولكن ذلك حدث بعد التخلص من بعض الذين تجاوزوا السن وتم التمديد لهم أكثر من مرة، ومازالت قيادات وزارة الداخلية حريصة علي دفن لغز القناصة وعدم الاعتراف بأي معلومات تدل علي هوية القناصة علي الرغم من وجود صور ولقطات وشهود عيان تثبت وجودهم خاصة بعدما تردد في الفترة الأخيرة عن تبعيتهم لقطاع الأمن المركزي. «الداخلية لم تتغير ولن تتغير» هكذا قال الخبير الأمني محمود قطري، موضحا أن الداخلية كما هي تسير علي نفس النهج الذي كانت تسير عليه قبل الثورة، وزاد علي ذلك أنها غير راضية عن الثورة التي كسرت هيبتها، مما جعلها تقف فكريا ووجدانيا ضد الشعب الذي أذل ضباطها المتعجرفين. ويؤكد قطري أن ما يزيد الأمور تعقيدا أن القيادات والأشخاص في الداخلية لم تتغير وهناك من يري في الوزارة أن الكثير من الذين قتلوا في الثورة أمام أقسام الشرطة ليسوا شهداء بل بلطجية ولصوص، فكيف يحاكم ضباط أقسام الشرطة بسبب مواجهتهم هؤلاء المسجلين خطر الذين بادروا بالاعتداء علي الأقسام وكان الضباط في حالة دفاع عن النفس. ويؤكد قطري أنه تم نقل الضباط المتهمين إلي جهات مميزة، يحصلون منها علي عائد مادي كبير مثل التهرب الضريبي، وغيرها من مناجم الذهب في وزارة الداخلية، وبخبرته الأمنية يري قطري عميد الشرطة المستقيل أن الداخلية لا يعنيها تورط أحد أفرادها، بقدر ما يعنيها الاتهام الموجه إلي جهاز الشرطة مثل تورط الشرطة في قضية قتل المتظاهرين أو قضية سيد بلال أو خالد سعيد. أما صبحي صالح محامي أسرة سيد بلال فانتقد إرسال وزارة الداخلية نقيب أمن الدولة حسام الشناوي المتهم بقتل سيد بلال إلي السودان، أثناء استجوابه في أحداث كنيسة القديسين من خلال التعذيب البشع الذي تعرض له علي يد رجال أمن الدولة رغم عدم إدانته، مؤكداً أن هذه التصرفات غير مقبولة بعد الثورة التي طالبت بتطهير وزارة الداخلية من القتلة المتظاهرين وزبانية أمن الدولة الذين عاثوا في الأرض فسادا، معبرا عن خشيته من أن تكون وزارة الداخلية مازالت تسير علي خطي النظام القديم.