محمد سعد كوميديان أجمع النقاد علي انه يتمتع بموهبة فطرية ولا ينكر أحد أنه ظاهرة تستحق الدراسة لأن نجاحه يعبر عن تغيير في ذوق وقيم المجتمع المصري، وهو ما جعله يتصدر شباك التذاكر في معظم أفلامه رغم الهجوم الحاد الذي يتلقاه من النقاد الذين يرون فيما يقدمه شيئاً آخر لا يمت للسينما بصلة، ومع تكراره لشخصية اللمبي رأي البعض أن ظاهرة محمد سعد كادت تنتهي ولكنه يعود كل مرة بفيلم جديد يخيب ظن النقاد ولكنه يحقق النجاح المقبول الذي يدفع المنتجين لتوقيع فيلم جديد، فلا انتهت ظاهرة سعد ولا انتهي الهجوم عليه، ويعود محمد سعد هذا الموسم بفيلم «تك تك بوم» الذي يعتبر أول فيلم يتماس مع ثورة 25 يناير، رغم نفي سعد استغلاله لتيمة الثورة في هذا الفيلم الذي كتب له السيناريو والحوار من واقع انتمائه للأغلبية الصامتة التي وقف معظم أطرافها في اللجان الشعبية. فيلم «تك تك بوم» تأليف محمد سعد في أولي تجاربه الكتابية.. فما القيمة التي يره يحمي انلها للجمهور؟ - فكرة الفيلم كما هو موضح علي تترات وأفيشات الفيلم للمنتجة إسعاد يونس فبعد أن اتفقنا علي تقديم فيلم جديد من إنتاجها قامت ثورة 25 يناير وهو ما دفعنا للتفكير في تقديم موضوع مختلف يناسب طبيعة الفترة الحالية في الوقت نفسه لا تجعل الناس يعيشون أجواء الثورة التي لم تنته حتي الآن، وفي الوقت نفسه تعبر عن أزمات الحارة الشعبية وتأثرها بالأحداث الكبيرة التي تمر بها حالياً وقد يكون الفيلم كوميدياً ولكن به رسالة أيضاً، وهذا دور الفن الذي يجب أن يقدم ترفيهاً للجمهور في الوقت نفسه يضع السم في العسل بمعني أن يقدم قيمة إلي جانب الترفيه وهو ما أحاول الاتجاه إليه في الفترة القادمة بشكل كبير. ولكن ألا تري أن «تك تك بوم» يعتبر استغلالاً لقضية الثورة المصرية لمجرد الإضحاك؟ - الفيلم بعيد كل البعد عن الثورة ولم يقترب منها ولكن كما قلت هناك أكثر من منظور لأي أمر، وبالتالي حاولنا في هذا الفيلم تقديم منظور مختلف للثورة من خلال الحارة المصرية واللجان الشعبية، فالفيلم يقدم كل ما عايشناه من رعب في البيوت المصرية وشائعات مختلفة تداولتها الشوارع والحارات وسببت حالة من القلق بين المصريين، وهذا ما يظهر خلال مشاهد الفيلم بواقعية شديدة وما قدمناه في هذا الفيلم ليس ركوباً للموجة كما يعتقد البعض، لأن كل السيناريوهات التي عرضت عليّ وعلي المنتجة إسعاد يونس كانت عن الثورة، ولكن فكرة إسعاد يونس كانت في أن نبتعد عن الثورة حتي لا نتهم بالاتجار بها ونتعرض لأزمات المواطن البسيط وتأثير الأحداث عليه، وهو ما حدث بشكل يجمع بين الكوميديا والتراجيديا في كثير من مشاهد الفيلم الذي اعتبره الأفضل بين أفلامي السابقة. واجهت من قبل اتهامات عديدة بتعديل سيناريوهات أفلامك والتدخل في عمل المؤلف والمخرج ولكنك لجأت لكتابة السيناريو بنفسك في هذا الفيلم.. فهل قمت بهذا لتفادي هجوم الإعلام عليك بسبب تدخلك في عملية الكتابة؟ - أنا لا أريد أن ألعب دور كاتب سيناريو وليس صحيحاً أنني أتدخل في عمل السيناريست ولكن طبيعة السينما الآن تعتمد علي طريقة ورشة الكتابة التي تجمع أكثر من رأس تفكر في الإضافة للفيلم وكبطل الفيلم من حقي أن أبدي ملاحظاتي ولكن بعض النقاد يرون أنني ديكتاتور أكثر من مبارك رغم انني لا اقول الا رأيي في الشخصية التي اقدمها وأعتبر هذا حقي، أما بالنسبة لكتابة سيناريو «تك تك بوم» فقد حصلت علي فكرته من إسعاد يونس وأقدمت علي كتابته لأنني عايشت أجواء الثورة كغيري من المصريين ونزلت إلي الشارع بعد انتشار شائعات هجوم البلطجية علي الأحياء السكنية، وبعد قليل انضم لي عدد من الشباب الذين يحبونني وتحول الأمر من مجرد معجبين إلي أصدقاء يشاركون في الدفاع عن الحي الذي نسكنه، فاللجنة التي وقفت بها ضمت حوالي 80 شخصاً من الشباب والمهندسين والأطباء، بالإضافة لضابط شرطة بصفته المدنية, وهذه التجربة اكسبتني خبرة كبيرة بالمحيط الذي أعيش فيه وصداقات جديدة، كما تعرفت بنماذج إيجابية كثيرة وهو ما دفعني لكتابة هذا الفيلم لأنني ملم بكل التفاصيل نتيجة وقوفي في الشارع 18 يوماً منذ بداية الثورة ولم أغادر الشارع إلا بعد تنحي مبارك واستقرار الأوضاع. محمد سعد بعيد عن الإعلام والنقاد يرون فيه ديكتاتوراً فهل تستقوي بشباك التذاكر والجمهور علي الوسط الصحفي ونقاد السينما؟ - لا أدري لم يرني بعض النقاد والصحفيين ديكتاتوراً ولكن حتي لو كنت ديكتاتوراً فأنا لم أمارس ديكتاتوريتي علي أحد منهم حتي يكون صادقاً فيما يقول عني، فمنذ بدايتي وهناك العديد من النقاد يرون انني أتميز بشيء ما وهناك البعض ممن يشتموني الآن كانوا يشجعوني ويدفعوني للعمل علي تنمية موهبتي وقدراتي كممثل، ولكن بعد حصولي علي البطولة في فيلم اللمبي تغير كل شيء وواجهت هجوماً حاداً واتهامات بتشويه سمعة مصر وعقد مجلس الشعب استجواباً بخصوص الفيلم وصدرت توصية بحظر تسويق فيلم اللمبي خارج مصر وهو ما تخطيناه وسمح بتوزيع الفيلم ولكن بعد معاناة طويلة وهو السيناريو الذي تكرر في معظم أفلامي إن لم يكن جميعها، وهو أمر لم يعد يضايقني لأن كثيراً من النقاد قالوا عن إسماعيل ياسين: «انقذوا أطفالكم من هذا المتخلف» رغم أنه مازال يضحكنا حتي هذه اللحظة وما أقدمه يعجب الناس ولكني أتمني ممن يشاهدون أفلامي ان يتذكروا مشهداً قدمته بشكل جيد أو أغنية كان أدائي فيها مقبولاً وأتمني أن ينتقدني أي شخص ولكن ما يكتبه يجب أن استفيد منه ولا أشعر أنه مجرد هجوم شخصي.. أما بالنسبة للإعلام فهناك العديد من الصحفيين الذين لا يدركون إن لكل إنسان طبيعة مختلفة عن الآخر، فهناك من يحب الإعلام والتواجد علي شاشات الفضائيات أو الصحف وهناك من يظهرون عندما يكون ظهورهم ضرورياً، وأنا من النوع الثاني وهذا لا يعني أنني أكره الإعلام أو التعامل معه باستعلاء - لا سمح الله - ولكني أتحدث فيما يخص أعمالي فقط وهذا ما ينتظره مني الجمهور، ولكن الفنان تحول إلي سلعة يرغب كثير من الناس في الاتجار به وبيعه وشرائه رغم أنه أهم من أن يباع ويشتري وأنا لا أقبل أن أكون مجرد سلعة تباع علي شاشات الفضائيات بما لا يخدم الجمهور ولا يخدم فني. ولكن إذا تبنينا وجهة نظر النقاد ورصدنا ما قدمته من شخصيات في أفلامك ألا تري أن بعضهم محق في انتقاداتهم لك مع تكرارك لشخصية اللمبي في أكثر من عمل سينمائي؟ - لا يوجد خلاف شخصي بيني وبين نقاد السينما ولكن ما أتمناه هو أن يتم تشريح الفيلم كعمل متكامل لا تشريح حركات محمد سعد فقط، ففيلم «اللمبي» يختلف في بناء السيناريو والأحداث والشخصيات عن فيلم «اللي بالي بالك» وفيلم «اللمبي 8 جيجا» والسينما العالمية قدمت سلاسل أفلام «هاري بوتر» و«سبيد» و«سكير موفي» وغيرها ولم ينتقدهم أحد أو يتهمهم نقاد هوليوود بالتكرار لأنهم يتعاملون مع كل فيلم كتجربة مختلفة.. ورغم كل هذا فأنا أؤكد للجمهور والنقاد أنني لن أقدم شخصية اللمبي مرة أخري، خاصة بعد فيلم «تك تك بوم» وشخصية «تيكا» التي أسعدني تقديمها وأعتبرها نقلة حقيقية بالنسبة لي لأنني تخليت عن الكراكتر وقدمت شخصية طبيعية إلي حد كبير، فمن شاهد الفيلم لن يجد اللمبي أو يجد عوكل أو غيرهما من الكراكترات التي قدمتها من قبل، ولكنه سيجد شخصاً عادياً يقترب من شخصية محمد سعد الحقيقية، وهذا راجع لرغبتي في الخروج من الأشكال القديمة التي قدمتها، بالإضافة لمعايشتي للأحداث التي تناولها الفيلم وهذه الشخصية تمهيد لنقلة جديدة في مشواري كممثل لأنها ستمكنني من تقديم شخصيات جديدة ودخول مناطق مختلفة في التمثيل. قد لا يكون لفيلم «تك تك بوم» علاقة باللمبي ولكنك استعرت شخصية رياض المنفلوطي من فيلم «اللي بالي بالك» بنفس تركيبتها وهذا يعتبر نوعاً من التكرار، بالإضافة لتكرار بعض الحركات الشهيرة لشخصياتك؟ - عندما يرغب أي فنان بتغيير جلده فيجب أن يمهد للجمهور ولا يجب ان ينتقل من النقيض للنقيض حتي لا يصيب الجمهور بصدمة، خاصة أن المشاهد يدخل قاعة العرض وفي ذهنه صورة لما قد يشاهده من نجمه المفضل، لهذا استعرت شخصية رياض المنفلوطي التي أعتبرها تناسب الفترة الحالية باعتباره رجل شرطة ولكن مع بعض التغييرات في الشخصية التي بدا عليها الكبر كأن عمره زاد عشر سنوات علي الأقل، وأعتقد أنها أفادت الدراما ولم تكن مقحمة علي أحداث الفيلم ولم تجعل المشاهد يشعر بغربة، أما بالنسبة للحركات التي تقصدها فهي لا تعيبني لأنها عفوية وتخرج بطبيعية فهي لزمات يتميز بها كل كوميديان سواء علي مستوي الحركة أو نبرة الصوت أو طريقة الأداء التي تختلف من ممثل لآخر، فلا احد يستطيع تغيير «بُق» إسماعيل ياسين أو حرمان عبدالفتاح القصري من «حوله» ونظرة عينه وطريقته في النطق التي تميز بها في كل افلامه ولا يوجد من ينكر ان توفيق الدقن تميز بلزمات جميلة نتمتع بها حتي الآن فإذا اراد النقاد حرماني من اللزمات التي اقدمها في افلامي فعليهم حرمان إسماعيل ياسين من فمه والقصري من عينيه. إذا كنت تدعي ان فيلمك لا يتعرض للثورة فما هو الوقت المناسب لتقديم افلام عن ثورة يناير؟ - كل من يشاهد الفيلم سيعلم انه لا يتعرض للثورة ولكنه يتعرض لآثارها علي المواطن المصري البسيط وفيلم تك تك بوم ليس استغلالاً للثورة كما ادعي البعض لان الموضوع تمت دراسته من قبل شركة كبيرة ومنتجة ومؤلفة مثل إسعاد يونس صاحبة الفكرة والجندي المجهول لهذا العمل المنتج عماد مراد الذي اعتبره الجندي المجهول في هذا الفيلم وليس من المعقول ان يكون الجميع علي خطأ والوحيد الذي علي صواب هو من يتهمنا باستغلال الثورة فأنا ضد هذا الاستغلال لانه ليس من اخلاق اولاد البلد، ومن الصعب ان نقدم فيلماً عن الثورة في الوقت الحالي لأن الثورة لم تنته حتي الآن فما زالت العديد من الحقائق غائبه وما زالت المحاكمات قائمة ولم تتم إدانة رموز النظام القديم بشكل قاطع حتي يتسني لنا استغلالهم كشخصيات درامية في افلام سينمائية ومن يقدم فيلماً عن الثورة الآن سيقع في خطأ كبير لان الحقائق لن تتضح قبل سنوات بعدها تستطيع السينما العمل علي طرح موضوعات اكثر صدقاً وموضوعية عن الثورة . الثورة قسمت الساحة الفنية الي فناني ميدان التحرير وفناني مصطفي محمود وتعددت قوائم التخوين وقوائم الشرف ففي اي جبهة وقف محمد سعد؟ - لا اعتقد ان اسمي ورد في قوائم التخوين لان من وضعوا علي هذه القوائم التي ارفضها تماماً هاجمهم الاعلام بشكل كبير والجميع تعرف علي موقفهم، ولكن ما يحدث من تخوين وتفريق بين كل الاطراف يجعل مصر كأنها دخلت «خناقة» كبيرة فالبلد كلها يتصارع مع بعضه ومن الطبيعي ان يصاب البعض بدون ذنب فمصر فيها خناقة كبيرة ومزايدات علي الوطنية رغم ان كل من وقف في ميدان التحرير حتي سقوط النظام وطني وكل من وقف في اللجان الشعبية وقام بحماية حيه او شارعه وطني ولا يجب ان نتهم بعضنا البعض بالخيانة عمال علي بطال وأنا اعتبر نفسي محسوباً علي الاغلبية الصامتة رغم نزولي ميدان التحرير في بداية الثورة لأري ما يحدث بعيني، ثم عدت للجان الشعبية.. وما يحدث الآن هو ان مصر تعيد حسابات نفسها وهذا الامر يحتاج الي وقت ولكن علي كل شخص ان يقوم بواجبه. هل تعتقد أن الاضطرابات السياسية والطائفية التي تحدث من آن لآخر قد تعود بالثورة للوراء؟ - لا شك ان هناك خلافات بين الجميع ورغم عدم إلمامي بكل ما يدور في مصر ولكن ما أنا متأكد منه ان مصر ناسها طيبون ومحمية بمأذنها، وبالنسبة للاحداث الطائفية فهي احداث مفتعلة ولا وجود حقيقي لها وعلي السينما ان تقوم بتقريب النفوس بين المسلم والمسيحي لان ما يحدث مدبر وقد عايشت الترابط بين المسلم والمسيحي ما زالت علاقتي قائمة بطنط ماري جارتنا التي كانت تفتح باب شقتها امام بيت شقتنا المفتوح لتعيش اسرتينا كأنهما اسرة واحدة في بيت واحد ومصر بيت واحد للمسلم والمسيحي. وما رأيك في الحرب المشتعلة بين الثوار والفلول والمجلس العسكري وما النتائج التي قد تسفر عنها؟ - أتابع ما يحدث بشيء من الخوف والحيرة ولكن ما اريده من الجميع ان يهدأ ويفكر في مصلحة مصر وناسها الطيبيين الذين يتشوقون للاستقرار حتي يستطيعوا السعي وراء لقمة العيش وانا لا ادين المعترضين لان لهم اسبابهم وهم يسعون لتحقيق مصلحة مصر من وجهة نظرهم كما ان للمجلس العسكري اسبابه ولكن هناك أولويات، يجب ان نهتم بها جميعاً فيجب ان تجري الانتخابات ويكون هناك رئيس منتخب لان هذه الاضطرابات ناتجة عن فراغ السلطة وعدم ثقة الاطراف في بعضها البعض ولا اعتقد ان المجلس العسكري يتآمر علي البلد ولكن ما يهمه هو ان يبقي المواطن المصري في أمان وربنا يهدي الحال. المصدر : secrets 7 days