نقيب العاملين بالنيابات : ثورة 23 يوليو محطة مفصلية في بناء دولة العدالة والسيادة    رئيس اتحاد عمال الجيزة: ثورة 23 يوليو أعادت الكرامة للطبقة العاملة    محافظ الدقهلية يعتمد المخططات التفصيلية لمدينة منية النصر وقرية بدواي    محافظ شمال سيناء يفتتح "سوق اليوم الواحد" بالعريش لتوفير السلع بأسعار مخفضة    أهم أخبار الكويت اليوم.. ضبط شبكة فساد في الجمعيات التعاونية    الجامعة العربية تطالب بإيفاد بعثة أممية إلى الخليل لرصد محاولات إسرائيل تهويد الحرم الإبراهيمي    معلول يعود لأصله.. نهاية فتوح المبكرة.. المعلم في المستشفى.. وشيكابالا مديرًا رياضيًا| نشرة الرياضة ½ اليوم    قتل والده وأحرق جثته.. تأجيل محاكمة المتهم بالقليوبية    ضبط 4120 قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    كريم السبكي يحتفل بعقد قرانه على فتاة من خارج الوسط الفني    متحدث الحكومة: رئيس الوزراء راجع التجهيزات الأخيرة لافتتاح المتحف الكبير    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أمين الفتوى: الإيذاء للغير باب خلفي للحرمان من الجنة ولو كان الظاهر عبادة    حملة للتبرع بالدم فى مديرية أمن أسيوط    تحرير 148 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات في مواعيدها    عروض زمن الفن الجميل وفلكلور الشرقية وأوبرا عربي في ثاني أسابيع «صيف بلدنا» بالعلمين    وزير الخارجية التركي للانفصاليين في سوريا: إذا اتجهتم نحو التقسيم فسنتدخل    هل يواجه المستشار الألماني ضغوطا لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل؟    الجريدة الرسمية تنشر قرارين للرئيس السيسي (تفاصيل)    «انتهت رحلتي».. نجم اتحاد طنجة يوجه رسالة إلى جماهيره قبل الانتقال للزمالك    تير شتيجن يغيب عن جولة برشلونة الآسيوية ويؤجل قرار الجراحة    بقيادة مصطفى محمد.. نانت يواجه بطل أوروبا في افتتاح الدوري    وزير قطاع الأعمال يبحث مع هيئة الشراء الموحد التعاون بقطاع الأدوية والمستلزمات الطبية    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    تطور جديد في إصابة حسين الشحات قبل مباراة الأهلي والبنزرتي    وائل كفوري يطرح «لو تعرفي» خامس أغاني ألبومه «WK25» (فيديو)    صحة المنيا: فحص 165 حالة خلال قافلة بقرية الجزائر بمركز سمالوط    فى ضربة قاضية لتعليم الانقلاب …أولياء الأمور برفضون الحاق أبنائهم بنظام البكالوريا    حملات مكثفة على مخابز الوادي الجديد ومتابعة تطبيق مبادرة حقك بالميزان    البورصة المصرية تخسر 12.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    انتظام محمد السيد في معسكر الزمالك بالعاصمة الإدارية    وزيرة التخطيط تلتقي ممثلي شركة ميريديام للاستثمار في البنية التحتية لبحث موقف استثمارات الشركة بقطاع الطاقة المتجددة    نقابة أطباء قنا تحتفل بمقرها الجديد وتكرم رموزها    تنسيق كلية تجارة 2025 علمي وأدبي.. مؤشرات الحد الأدنى للقبول بالجامعات    فيلم الشاطر ل أمير كرارة يحصد 22.2 مليون جنيه خلال 6 أيام عرض    أحمد عصام عن «كتالوج»: «كنّا أسرة مع بعضينا ووليد الحلفاوي شغل الكاميرا» (فيديو)    تفاصيل تجربة يوسف معاطي مع الزعيم عادل إمام في الدراما    يضم 24 مدرسة، قيادات الأزهر يفتتحون المقر الرسمي لأكاديمية «مواهب وقدرات» للوافدين    الكرملين: لا نتوقع إحراز تقدم كبير في المفاوضات مع أوكرانيا    مصرع دكتور جامعي وإصابة 5 من أسرته في حادث مروع بالمنيا    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    مصر وفرنسا تبحثان سُبل تعزيز التعاون في مجال الطيران المدني    «هو لازم تبقى لوغاريتمات».. شوبير ينتقد الزمالك بسبب عرضي دونجا وصبحي    افتتاح نموذج مصغر للمتحف المصري الكبير بالجامعة الألمانية في برلين (صور)    حملة «100 يوم صحة» قدّمت 8 ملايين خدمة طبية مجانية خلال 6 أيام    "صندوق دعم الصناعات الريفية" ينظم أولى ورش العمل الاستطلاعية ضمن "حياة كريمة"    اجتماع طارئ بجامعة الدول العربية لبحث الوضع الكارثي في غزة    استخراج جثامين طفلين من الأشقاء المتوفين في دلجا بالمنيا    ضبط شخص لإدارته كيانا تعليميا دون ترخيص للنصب والاحتيال على المواطنين بالجيزة    طقس السعودية اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025.. أجواء شديدة الحرارة    الخطيب يطمئن على حسن شحاتة في لفتة إنسانية راقية    «الصحة» تبحث التعاون في الذكاء الاصطناعي مع شركة عالمية    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى الرئيس النيجيري    «حرب الجبالي» الحلقة 43 تتصدر التريند.. أسرار تنكشف وصراعات تشتعل    من الهند إلى أوروبا.. خطة سرية كبرى بين نتنياهو وترامب لليوم التالي بعد إنهاء الحرب في غزة    10 تيسيرات من «الداخلية» للمُتقدمين للالتحاق بكلية الشرطة 2025    فلسطين.. 15 شهيدًا في قصف إسرائيلي استهدف خيام نازحين بمخيم الشاطئ غرب غزة    لا علاقة له ب العنف الجسدي.. أمين الفتوى يوضح معنى «واضربوهن»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلال فضل يكتب : يحقرون ثورتهم بايديهم
نشر في كلمتنا يوم 30 - 08 - 2011

للأسف هانت الثورة المصرية على بعض أبنائها الذين جروا وراء نزقهم الثورى واستحلوا الإنتقاص منها ظنا منهم أن فى ذلك غيرة عليها. من حق من شاء أن يقول ماشاء، لكن من حقك أن تقرأ هذه المناقشة المتميزة لآرائهم والتى كتبها الكاتب وليد فكرى صاحب الكتاب الجميل (تاريخ شكل تاني) فى مقال بعنوان (جريمة اسمها احتقار الثورة المصرية) أشكره على إرساله لى حيث قررت نشر ماتسمح به المساحة منه وأنصحك أن تقرأه كاملا على موقع (بص وطل)، ولعلها تكون فرصة لأن تطالع عددا آخر من مقالاته المفيدة والممتعة.
هالنى ما رأيتُ خلال الأيام الماضية من بعض من كانوا الفئة الأولى المحركة لثورة 25 يناير من شعور بالدونية والازدراء للذات بالغا حد تحقير ثورتهم وثورة شعبهم! جاء هذا خلال مقارنات -لا أساس علميا ولا عمليا لها- بين الثورة المصرية والثورات السورية واليمنية والليبية, بالذات تلك الأخيرة. تلك المقارنات وجدتها على أكثر من Status على Facebook وبعض تغريدات Twitter فضلا عن المناقشات الشفهية.. ثمة تراجُع مخيف للشعور بالفخر بما قدمت أيدينا لمصر يحل محله تسلل سريع لإحساس أن كل جهدنا كان «مائعا».
تخيلوا ذهولى وأنا أقرأ لأخ وصديق عزيز -شارك فى الثورة منذ أعمال التمهيد الأولى لها بكل شجاعة وجرأة وشراسة- تعليقا على صفحته على Facebook يقول فيه ما معناه إنه إذ يقارن نفسه بأشقائنا الثوار فى ليبيا يشعر أنه “فرفور”! بالتأكيد كلنا نقدر البسالة الأسطورية للثوار الليبيين والملحمة العظيمة التى سجلوها والبراعة العالية التى أظهروها، ولكن من قال إن الإعجاب بالنموذج الفذ لا يكتمل إلا باحتقار الذات؟ وبحكم قدم معرفتى بهذا الصديق وما أستطيع أن أزعم من قراءتى مشاعره، أقول بثقة إن منطلق شعوره السلبى هذا هو إحساسه أن ثورتنا لم تحقق بعد أهم أهدافها: القضاء على النظام الفاسد، بينما استطاع الليبيون أن يحققوا ذلك من خلال أنهم قد «قطعوا عرقا وسيّحوا دما» عندما احتلوا طرابلس وحرروها من قبضة المجرم القذافى، وأسقطوا نظامه بضربة قاصمة قاضية أشبه بعملية حصاد سريع. هذا نموذج لحالة تكررت ملاحظتى لها كثيرا فى الأيام الماضية!
بالطبع فإن إنجاز أشقائنا الليبيين هو عمل فذ عظيم تنبهر له الأنفاس، وصمودهم ينفى عنهم كل ما كان يتردد عن الشعب الليبى من أنه شعب مُغَيَّب منقاد خانع لا فكر له ولا هدف... ولكن شتان بين ثورتهم وثورتنا. فالنظام الليبى كان نظام «طاغية فرد فاسد» يتمحور حول القذافى، الذى حرص طوال فترة حكمه على التخلص من أية شخصيات قوية حوله، بينما نظامنا الفاسد -الذى لم يعد سابقا بعد- هو نظام «منظومة طغيان جماعية فاسدة» متغلغلة فى مختلف طبقات المجتمع وقطاعات الدولة.. النوع الأول (نظام القذافى) هو نظام يقوم بطبيعته العسكرية البحتة على سلطة الفرد الواحد وهو ما يعنى أن القضاء على الرأس هو قضاء «كامل» على النظام.. أما النوع الآخر (نظام مبارك) فهو نظام يقوم بطبيعته التى تنتحل صفة المدنية على خلق مؤسسات كاملة للفساد وزرعها بشكل إخطبوطى سرطانى، وتوزيع السلطة فيه على فاسدين متعددين كل منهم يمتلك سلطة تكفيه ليكون رأسا للفساد.. الأمر أشبه بالمقارنة بين محاربة ثعبان عادى برأس واحدة (القذافي) وثعبان «الهيدرا» الأسطورى ذى الرؤوس المتعددة والمتشعبة (مبارك)، بالتالى فإن خلع مبارك لا يعنى بالضرورة القضاء على نظامه. علامَ إذن نقارن بين نتيجتى معركة منتهية وأخرى لم تنته بعد؟
الدافع الآخر لهذا الشعور المؤلم بالدونية واحتقار الإنجاز هو كَم الأخطاء الفادحة للثوار المصريين خلال معركتهم مع فلول وبقايا نظام مبارك، سواء فى الاستسلام لسكرة النصر على مبارك «بشخصه» بخلعه... أو بالتحرك الثورى الهستيرى المتمثل فى إجراءات حملت صبغة ثورية أثارت غضب وضيق الشارع المصري؛ كإغلاق مجمع التحرير، ومحاولة قطع طريق كورنيش الإسكندرية، أو بسرعة تحزب الثوار والسياسيين إلى ثلاثة تيارات يسارية وليبرالية وإسلامية وتبادلها الضربات والتآمرات، أو بفقدان الاتصال السليم بالشارع، وافتقاد الخطاب القوى لكسب تأييده.. هذه الأخطاء وغيرها أدت لتراجعنا للخلف كثيرا فى بعض الأمور، ولوقوفنا محلّك سر فى بعضها الآخر، لكن هل يكون التعامل مع تلك الأخطاء بخطأ أفدح؟ أعنى به: ازدراء كل ما بُذِلَ من دم وعرق وجهد ووقت لأجل الثورة.
هل يُعقَل أنك حين تضل الطريق لغايتك البعيدة ذات الطريق المتشابك تقف مكانك، وتبكت نفسك، وتقارنها بآخر بلغ غايته بشكل مباشر، ثم تصل لمرحلة أن تحتقر كل جهد بذلته لأجل الوصول لآخر نقطة سليمة بلغتها قبل أن تنحرف عن طريقك؟ أم إن العقل والصلابة اللازمين للثائر يقولان إنه لا بأس من أخذ وقفة لمراجعة الأخطاء والتعامل معها؛ لغرض استكمال الطريق بشكل سليم؟
بصراحة -وبدون زعل- أنا أرى هذا الشعور المَرَضى بالاحتقار للذات وللثورة، وترديد الكلام من نوعية «ده إحنا ماعملناش ثورة.. شوفوا الثورات اللى بجد شكلها إيه» هو جريمة فاحشة بحق الثورة المصرية وبحق الشهداء وبحق مصر، وبحق الأجيال القادمة التى ستشهد علينا أمام الله وأمام التاريخ! هو نوع مخزٍ من الميوعة لا تليق بمن حملوا أرواحهم على أكفهم وواجهوا الموت.. وهو فرح لفلول النظام الفاسد وتأمين على أكذوبته التى زرعها طوال سنوات فى نفوس الملايين أنه قدر أن طغيانه قدر.. أن خضوعنا قدر.. وأن من يواجهه إنما يواجه القدر ذاته
... هذا الشعور ربما يكون مغريا للنزعات الرومانسية وحالة «حب النكد والتشاؤم والاكتئاب» عند بعض المغرقين فى العاطفية منّا (وهم كُثُر بين أصحاب الأرواح الثورية) وربما يُغرى البعض كذلك أن يتجهوا لا إراديا إلى «تدمير الذات» بالسير فى طريق استشهاد وهمى، فيستسلمون لليأس وينتظرون اللحظة التى يحملهم فيها زوار الفجر -لو فشلت الثورة- إلى المعتقلات والمشانق، باعتبار أنها صورة رومانسية أسهل عليهم بكثير من مواجهة التحدى وتقبل فكرة الوقوع فى أخطاء والتعلم منها.. الأمر يشبه من يسارع للمعركة لا لينتصر بل ليتلقى أول رصاصة لينال الشهادة.. مع أن الشهيد الحق هو من يخرج طلبا للنصر أو الشهادة، لا للشهادة دون النصر، والبطولة فى أعلى درجاتها ليست أن تموت لأجل هدفك؛ بل أن يموت خصمك لأجل هدفه هو، وتعيش أنت لأجل هدفك!
الشعور الذى تحدثتُ عنه لم يتحول بعد لظاهرة منتشرة، ولم يتعمق للدرجة الميؤوس منها، لكنى مع ذلك أصررتُ أن أسارع بتسليط الضوء عليه قبل أن يصبح كذلك؛ لأننا لو انتظرنا له التضخم حتى نتحدث عنه ونتعامل معه بجدية فسنصبح كأهل السفينة الذين أرسلوا رسالة بالإشارة يقولون فيها: «لا تأتوا لإنقاذنا.. فنحن نغرق!».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.