استبعاد الحرب مع اسرائيل

استبعد خبراء سياسيون وعسكريون إمكانية اشتعال الحرب من جديد بين مصر وإسرائيل، وإلغاء معاهدة السلام بين الجانبين، لأن هذا القرار ليس فى مصلحة الدولتين، محذرين من خطورة الوضع الأمنى فى سيناء، ومطالبين بإعادة النظر فى البروتوكول الأمنى فى معاهدة كامب ديفيد لزيادة عدد الجنود المصريين على الحدود فى المنطقة ج، حتى تتمكن مصر من تأمين سيناء والسيطرة عليها.
ووصف اللواء دكتور عادل سليمان، الخبير الاستراتيجى، المدير التنفيذى لمركز الدراسات المستقبلية، ما يحدث الآن فى سيناء بأنه حالة من حالات الاضطراب الأمنى، مطالبا بإعادة قراءة المشهد خلال الأسبوع الماضى، الذى بدأ بتجمع مجموعة من بدو سيناء مع فلسطينيين ومهاجمتهم العريش، وبعدها تمت الحملة الأمنية المصرية للقبض على كل العناصر الخارجة على القانون، وخلال ذلك حدثت العملية الفلسطينية فى إيلات التى مات بها 8 إسرائيليين، وهذه عملية مخططة ومدبرة لا يمكن أن تتم بين يوم وليلة، ثم وقعت الحادثة التى نجم عنها استشهاد الجنود المصريين أثناء مطاردة القوات الإسرائيلية للمجموعة الفلسطينية التى هربت باتجاه الحدود المصرية، وقال: «هذا ما وقع على الأرض لكن حتى الآن لا توجد معلومات من الجانبين حول حقيقة ما حدث».
وأضاف أن أى منطقة فيها اضطراب تشكل خطرا، ولابد من الاعتراف بوجود مشكلة فى تأمين الحدود مع قطاع غزة ومع إسرائيل، مؤكدا أن «حوداث الحدود تقع فى كل دول العالم وهى ليست مبررا لإشعال الحرب».
وتابع: إن ما يحدث الآن يعد سببا جوهريا لتعديل الملحق العسكرى فى اتفاقية كامب ديفيد، المتعلق بتأمين الحدود وخاصة المنطقة ج، مستبعداً أن تؤدى الأحداث الأخيرة إلى إلغاء المعاهدة، لأن إلغاءها يعنى العودة إلى حالة الحرب، وهذا قرار لا يمكن أن تأخذه أى من الدولتين.
وقال اللواء محمد قدرى سعيد، الخبير العسكرى، إن هذه الأحداث تعتبر خطيرة نسبيا، لأن التوزان الذى كان موجودا فى سيناء لفترة طويلة جعل مصر تركز على الداخل، دون أى إحساس بالتهديد من الجانب الإسرائيلى، مشيرا إلى أن معاهدة كامب ديفيد تتعرض الآن للخطر وهذا يشكل تهديدا لكل من مصر وإسرائيل معا. وأوضح أن الموضوع خرج إلى الناس وهى تنظر له بسهولة وتطالب بإلغاء المعاهدة دون النظر إلى تكلفة ذلك المادية والبشرية عالية جدا، لافتا إلى أن هناك قوى كانت ضد المعاهدة منذ البداية وتحاول الآن إلغاءها بسرعة ودون تفكير.
وأشار سعيد إلى أنه ما زال هناك قدر من الحكمة على مستوى القوات المسلحة والحكومة، يمكن من خلاله التعامل مع إسرائيل بندية دون أن يصل الأمر إلى درجة المواجهة المسلحة، وذلك لقطع الطريق على القوى التى تسعى الآن إلى تجديد الصراع بين مصر وإسرائيل، وعدم إعطاء فرصة لقوى ذات طابع شعبى لإشعال النيران من جديد.
وقال الدكتور عبدالمنعم المشاط، أستاذ العلوم السياسية، إن الأحداث الأخيرة يمكن استيعابها واحتواؤها، ولن تتصاعد إلى حد إلغاء كامب ديفيد والعودة إلى حالة الحرب، لأن ذلك ليس فى مصلحة مصر وإسرائيل، مشيرا إلى أن الضغوط الشعبية جزء من مناورات السياسة الخارجية، والمسألة ستنتهى باعتذار إسرائيلى للتهدئة.
واستبعد الدكتور عبدالمنعم سعيد، الخبير الاستراتيجى، العودة إلى حالة الصراع مرة أخرى، لأن ذلك سيقلب أجندة العمل الوطنى فى مصر تماما رأسا على عقب، لتتحول من الاستعداد للتحول للديمقراطى والتغيير إلى الاستعداد للحرب والاهتمام بالبيئة الإقليمية بشكل كبير.
وقال إن سيناء فى أوضاع قلقة ومغرية للعدوان، ولن يكون إلغاء معاهدة كامب ديفيد مصحوبا بفترة سكون، بل العكس ستقوم العصابات والعناصر المسلحة بعمليات ضد إسرائيل كما حدث فى عملية إيلات، التى تمت فى ظل معاهدة سلام وفى وقت تتم فيه عملية تنظيف لسيناء، متسائلا ماذا سيكون الوضع لو ألغيت المعاهدة ولم يعد هناك مراقبون دوليون، مطالبا من يدعون إلى إلغاء المعاهدة بمراجعة موقفهم، لأنه من الممكن أن يتوفر ظرف تستجيب فيه الحكومة للرأى العام بقرار خاطئ يؤدى لوضع كارثى كما حدث عامى 1948 و1967.
وأعرب سعيد عن اعتقادة بإمكانية تعديل البروتوكول الأمنى فى المعاهدة، خاصة أن إسرائيل والولايات المتحدة تطالبان مصر بتأمين الحدود، وهذا لا يمكن تحقيقه فى ظل عدد الجنود الذى تحدده المعاهدة، مشيرا إلى أن إسرائيل سمحت بتعديله من قبل عندما قبلت زيادة الجنود على الحدود مع غزة إلى 750 مجندا، وسمحت بدخول كتيبتين مدرعتين لمطاردة العصابات مؤخرا.