اعتبر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر أن مطالبات الربيع العربي المتكررة بالتدخل الخارجي لحل أزماتها الداخلية -خاصة في سوريا- تهدد بقلب المفاهيم السائدة في النظام العالمي الحديث. وأوضح كيسنجر -وزير الخارجية الأمريكية في الفترة ما بين عامى 1973 و1977- أن النظام العالمي الحديث هو ذلك النظام الذي أقر بمعاهدة سلام “وستفاليا عام 1648′′ التي أنهت حرب الثلاثين عاما، إضافة إلى إرساء مفهوم الدول الحديثة المستقلة ذات السيادة، وهو مفهوم يقوم على مبدأين: الأول يتمثل في حق سيادة الدول داخل حدودها،والثاني: غياب أي دور خارجي في شؤون البلاد الداخلية. ولفت كيسنجر – في سياق مقاله الذي أوردته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية على موقعها على الإنترنت – إلى أن نظام وستفاليا تم نشره بواسطة الدبلوماسية الأوروبية في جميع أنحاء العالم ، لكنه يرى أن أسس وقيم معاهدة وستفاليا لم تطبق أبدا بشكل كامل على دول منطقة الشرق الأوسط. وأشار في السياق ذاته إلى أن تركيا ومصر وإيران هي الدول فقط ذات الأساس التاريخي، أما الدول الأخرى – كما يقول كيسنجر – فتعكس حدودها الانقسام والتلاعب الذي تم بها في المعاهدات التي فرضتها القوى الأوروبية المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، وقد تعرضت هذه الحدود- التي لم تعط الاهتمام الكافي للتنوع العرقي والمذهبي من قبل تلك القوى- بالنتيجة إلى تحديات متعددة أغلبها عسكري “