بأحد الأزقة المتفرعة من شارع المديرية بمدينة طنطا يقع أقدم محل تصوير بطنطا، لا يتجاوز المترين يجلس بداخله شيخ تجاوز السبعين من عمره ورث المهنة عن والده الذى كان أول من امتهن التصوير بعاصمة الغربية. "زمان المصوراتى كان له هيبة لما كنا نذهب للتصوير فى الأفراح بالأرياف كان الناس بيقابلونا بالهتاف المصوراتى جه، ويحملون عنا كاميراتنا وهو ما كان بمثابة فرح" هكذا بدأ عم إبراهيم عبد الجليل أحد أقدم المصورين بمدينة طنطا حديثه الذى يؤكد أن المصور والمأذون كان لهما هيبة أيام زمان. عم إبراهيم الذى يمتهن التصوير منذ قرابة الثلاثة والستين عاما يقول إنه ورثها عن والده الذى عمل بتلك المهنة منذ عام 1919 وكان أول مصور بشارع المديرية، والذى يعد أحد الشوارع الرئيسية بمدينة طنطا حيث قام بشراء كاميراته من شخص يونانى وهم من كانوا يعملون بها. ويؤكد أنه يعمل بها منذ عام 1960 وحين بلغ الخامسة عشر من العمر كان يستعين بكرسى حتى يتمكن من النظر بالكاميرا وكانت هوايته العمل مثل والده بالتصوير. ويذهب إلى أن الاستوديوهات الحديثة التى استخدمت التكنولوجيا أثرت كثيراً فلم يعد هناك حاجه للتصوير الأبيض والأسود كما كان ولمعامل التحميض أو الحاجة إلى ماكينات التصوير والتى أصبحت مستلزماتها قليلة، دواء مظهر الصورة والدواء المثبت لها. ويتابع شيخ المصورين إن الماكينة ذات الصندوق هى بمثابة معمل وصالة تصوير كاملين فكانت تشمل علبة للورق الخام الذى يستخدم فى التصوير وكافة المواد التى يحتاج إليها المصور لإنجاز عمله. وبالرغم من التقدم التكنولوجى الكبير فى مجال التصوير والتحول من تصوير الأبيض والأسود إلا أنه يرى أن تلك الكاميرا التى يعتبرها الكثيرون جزءا من التاريخ أسرع كاميرا حيث كان يحصل الشخص على صورته بعد 5 دقائق. عم إبراهيم بيقول "زبون زمان كان يحب التصوير أما دلوقتى لو جاء شخص وطلب منى التصوير بكاميرا الأبيض والأسود هتقف الناس تتفرج عليا باعتبار إنها كاميرا أنتيكا أما الآن فتوجد الكاميرات الديجيتال والألوان وكاميرا الموبايل". ويعتبر أن الفنان الحقيقى هو من يتقن استخدام "كاميرا الصندوق" الأبيض والأسود وليس من يقوم بتركيب صورة على صورة فالمصوراتى اللى كان بيقعد زمان فى الأستوديو ويمسك الموس ويمسك القلم لعمل الرتوش هو الفنان"، فالصورة كانت تباع وقتها ب 5 صاغ. أما الآن فينظر لآلة التصوير القديمة على أنها "أنتيكا". تراجع تصوير الأبيض والأسود نهاية الثمانينيات وانتهت فى بداية التسعينيات وظهرت بعد ذلك كاميرا الكهرباء، كانت الحياة جميلة من غير الخدع الموجودة الآن فى التصوير. رأس البر حسب وصف عم إبراهيم كانت تعد بمثابة موسم للعاملين بالمهنة حيث كان الجميع يذهب إليها ونصب كاميراتهم لالتقاط الصور للزائرين، ويقول إن والده قام بتصوير المشاهير من الباشوات وأهل الفن الذين كانوا يفضلون رأس البر كمصيف شيك وراق. ويؤكد عم إبراهيم على أن "البلد تعبانة والكل بيشتكى واللى يقولك مبشتكيش قوله ادينى النضارة بتاعتك اللى أنت شايف بها الدنيا الحلوة دى أشوفها شوية، الجو ربنا اللى عالم به".