لم أحب الصور ولا التصوير حتي في زمن الموبايل.. ولم أجرب مرة واحدة التصوير بالموبايل.. لي أصدقاء يعشقون الصور ويزينون بها الفيس بوك وآخرون يملكون أحدث آلات التصوير ويلتقطون الصور في أي مناسبة، بل إنهم ينشغلون عن وقائع الحفل مهما كان مثيراً بالتصوير الفوتوغرافي.. وعندما يفاجئني أحد برغبته في التصوير معي استسلم وإن كنت أخشي الألعاب الشيطانية للكمبيوتر.. المهم هذه علاقتي بالتصوير ولا أمنع نفسي من الإعجاب بالمصورين الفنانين مثل حسام دياب وعادل مبارز، فإن لقطاتهم الفوتوغرافية هي في واقع الأمر لوحات آخاذة كأنها نتاج رسامين مهرة.. ولا أكره في التصوير شيئاً مثل الابتسامة التي أرسمها فوق شفتي مثل ابتسامة مضيفة الطائرة أو ابتسامة مذيعة بلهاء.. وتلك المرة لم يكن مطلوبا مني أن ابتسم بل كان مطلوبا مني منتهي الجدية بخلفية بيضاء.. هذه النوعية من الصور التي تطلبها السفارات الأجنبية عند الحصول علي تأشيرة دخول. المهم، ذهبت إلي "المصوراتي" وامتثلت له وجلست والتقط أكثر من صورة وفي أقل من خمس دقائق كان جاهزاً بالصور.. وتذكرت أني كنت أذهب في بني سويف إلي استديو عقل وكنت أدخل غرفة التصوير وعم عقل يقف خلف كاميرا مثبتة علي حامل ويدخل رأسه في الصندوق ليضبط الصورة ثم يلتقطها ويطلب مني أن أمر عليه بعد 3 أيام.. كان هناك أكثر من عملية. الأولي التحميض في مادة معينة ثم التنشيف ثم قص الصور.. الآن اختصر العلم الوقت وصارت العملية كلها لا تستغرق أقل من عشر دقائق.. ثم يختار المصور صورة ويكبرها أمامي واسترحت لهذه اللقطة ولكنه ثبتها علي الكمبيوتر وبلمسات من أصابعه كان يحيط بتجاعيد الزمن وخطوطه ثم يمحوها في ثوان.. ارتفع الادريالين في الجسم دلالة الضيق الشديد من هذه الصورة المزيفة وقلت: الحمد لله أن نظام الخاطبة ما عاد يحكم الزواج.. كان من الممكن أن تذهب الخاطبة لمصوراتي يجعل من رجل في السبعين شابا في الخامسة والثلاثين ويجعل من امرأة في الخامسة والخمسين شابة في التاسعة والعشرين! منتهي التزييف! رفضت الصورة التي أراد "المصوراتي" أن يجاملني ويمحو أثار الزمن.. ودهش الرجل وسألني: لماذا ترفض الصورة؟ قلت له: لأنها ليست صورتي.. لقد اختصرت من عمري عشرين عاماً وأنا اعتز بعمري لأن العمر الحقيقي للإنسان ليس هو المكتوب في شهادة الميلاد بل هو تجربتي.. والتجاعيد التي رسمها الزمن فوق جبيني لا يمكن محوها بلمسة الكمبيوتر لأنها خبرات عمر متراكمة.. قال المصوراتي: إن بنات هذا الزمن يعجبهن حذف العيوب من الوجه، وقاطعته: وكل امرأة تتمني ألا يزيد عمرها عن خمسة وعشرين سنة! قال وهو يهز رأسه: بالضبط! اعتذرت عن قبول الصورة ولكنه أصر باعتبارها "هدية من المحل" وأخذتها واحتفظت بها علي سبيل الفولكلور!!