إسماعيل النقيب في الريف يقولون: يابا علمني الرزالة قال: تعالي في »الفارغة« واتصدر!! للحمير دين في عنقي الشريف مستحق السداد.. لأن الحمير هم الذين كان لهم الفضل في نجاحي في التصوير!! وبدلاً من »اللت والعجن« أحكي الحكاية من أولها.. وهذا أفضل كثيراً!! والحكاية أنني اكره التصوير.. أكره أن اصور أحداً.. أو يصورني أحد!!.. ومنذ الصغر أجد مهنة التصوير لا تناسبني!!.. حتي لما كانوا يطلبون منا صوراً في الشهادات مثل الابتدائية والإعدادية والثانوية العامة.. كنت أذهب للمصوراتي غصب عني.. ليه؟!.. ما اعرفش!!.. مع انني شكلي حلو وجميل ومسمسم.. سمعتهم مرة يقولون ذلك عني في الفلاحين.. عندما قالت سيدة عجوز لزوجة ابنها الحامل: توحمي علي شكل الولد إسماعيل يمكن ربنا يرزقك بولد جميل زيه!!.. وامتلأت فرحاً!!.. وكنت طفلا.. ومن يومها..وأنا اصدق كلام السيدة العجوز.. حتي لو قال الجميع بعكس ذلك!!.. خلاص.. استقر الرأي عندي علي أنني حلو وخلاص!! ومع ذلك برضه أكره التصوير!!.. حتي لما ذهبنا إلي المدينة.. كنت أري المصوراتي في ميدان التحرير يلاحق الخلق.. وهو لا يمل.. ويقول: صورة.. صورة.. تذكار.. وأبصر إيه.. وكنت أجري!.. وكنت أضحك علي أولئك الذين يتركون انفسهم للمصوراتي أبو جردل.. وقدامه ماكينة.. أو شيء يشبه ذلك.. ومحمولة علي أعمدة خشبية ثلاثة.. ويدخل رأسه مع ذراعه ويأتي بشيء اسمه العفريتة وبعد ذلك يعطيهم صورا تقرف الكلب.. وهم مرة لابسين »عقال«.. ومرة واضعين ايديهم علي صداغهم مثل المفكرين، ومرة حاطين ايدهم تحت الذقن حتي تظهر الساعة الرخيصة!!.. كل ده علي بعضه جعلني أكره التصوير!.. حتي جاء يوم وأصبح هذا اليوم كالقدر.. لازم أكون مصوراتي.. والحكاية ما فيهاش هزار!! فحضرتي.. دخل كلية الآداب قسم الصحافة بجامعة القاهرة.. وكان مقرراً علينا في السنة الثانية مادة التصوير الفوتوجرافي وكان الاساتذة يقولون: نحن في عصر الصحفي الشامل.. زي الفنان الشامل.. يعني إن الصحفي عليه أن يكتب ويصور في وقت واحد!! ولكن هذا الكلام لم يدخل دماغي خالص.. وكنت أقول في سري: أنا أنفع كاتب وبس!.. وأخاف ان امسك كاميرا يقول عني الناس إنني مصوراتي! مع احترامي لهذه المهنة.. وأكثر من ذلك أن الأميرة مرجريت شقيقة ملكة انجلترا.. تزوجت من المصوراتي ارمسترونج!!.. وصار فيما بعد »سير« وحمل بعد ذلك لقب »لورد« سنودن!! .. يا لهوي.. بنت ملك انجلترا.. وشقيقة ملكة بريطانيا العظمي تتزوج من مصوراتي!! أقوم أنا يا حتة إسماعيل التلميذ الذي ليس في العير.. ولا في النفير!!.. أخجل من كلمة مصوراتي؟!.. ليه.. هو أنا لا سمح الله!! ابن مين في مصر؟!.. وحتي لو ابن مين حتي لو كان أبن »بارم ديله«.. الأميرة مارجريت تزوجت المصوراتي«!! المهم ان المسألة جد.. لابد من التصوير حتي انجح.. وآخذ الليسانس!!.. ومش معقول أسقط في امتحان التصوير واتعطل في حياتي علشان التصوير!.. خلاص علي بركة الله.. مسكت الكاميرا بعد ما تعلمت من الدكتور إبراهيم إمام في كتابه عن هذه المادة، وبعدما علمني الاستاذ شلبي عملياً!! وجربت نفسي في أول فيلم.. فكان من الفيلم بعد التحميض ان طلع أبيص مثل قلب المؤمن.. فيما عدا صورة واحدة عبارة عن لوحة مكتوب عليها »بسم الله الرحمن الرحيم«!!.. وفي الحقيقة عرفت اليأس.. أعمل إيه؟! مش عارف؟!!.. كان لابد من تجربة أخري.. وكان.. أن أخذت الكاميرا.. وذهبت بها إلي »الغيط« وصادفت في طريقي حمارين في حالة غرام شديد.. فقمت بتصويرهما!.. الحمارة في حالة استسلام.. والحمار في الحالة إياها! وأكملت تصوير بقية المناظر. وبعد تحميض الفيلم أعجبتني صورة »غرام الحمير«.. فجاءتني فكرة وهي أن اخفي عيني الحمارة والحمار بعصابة سوداء!!.. حتي لا يعرفهما أحد من عائلات الحمير.. وتبقي فضيحة!!.. وقدمت الصورة.. واطلع عليها الدكاترة خليل صابات وابراهيم إمام ومحمد شلبي.. وكانوا اعضاء لجنة الامتحان.. فضحكوا.. وأعطوني درجة الامتياز لا علي الصورة.. ولكن علي الفكرة وهي تغطية عيون الحمير مثل المتهمين في الحوادث وتنشر صورهم وعليها »سواد« حتي لا يعرفهم أحد!!.. وأخيراً نجوت من السقوط وتخرجت في النهاية والحمد لله في الجامعة! بسبب غرام الحمير. لماذا نتآمر علي الحقيقة.. ونصيبها في كبدها؟ الأحد: هل من المعقول يا سادة.. أن واحدا كبارة مثلي.. له وزن ثقيل.. ودم ثقيل أن يكون صاحب »عقل خفيف«.. لا.. وألف لا.. لابد أن يتناسب عقلي مع مركزي ووزني ودمي أيضاً.. فأنا صاحب عقل »ثقيل« أيضاً.. وإن شئت ان تقول تأدبا.. صاحب عقل »تخين« أي والله! ومع كل ما سبق ذكره.. بي رغبة شديدة في أن أكون »رزيلا«.. أي والله! وزمان كان فيه مثل في الريف يقول: قال يابا علمني الرزالة.. فقال: تعالي في »الفارغة« واتصدر!!.. عمرك طويل.. آهو أنا عاوز أجي في الفارغة.. واتصدر.. ليه؟.. هقول لكم ليه حالاً! المسألة أنني في حالة من القرف الشديد من السادة المتحدثين في التليفزيون.. وخصوصاً إذا كان الحديث يدور حواراً.. فأسمع كلاما أنا اسمعه من هنا.. ويركبني 06 عفريت من هذا الكلام أسأل.. وأتأمل فماذا يقول أكابر المتحدثين من كلام يجعلني في هذه الحالة المايلة؟! اسمع من يقول: مظبوط.. هذا الكلام أصاب كبد الحقيقة! واسمع ايضا من يقول: مظبوط.. هذا الكلام أصاب عين الصواب! وأقرأ لكاتب جملة وصفية يقول فيها مثلا: وكانت الشمس في كبد السماء! جلست أتأمل هذا الكلام.. ووجدت ان مستقبلي راح.. وان الدنيا في خطر والعياذ بالله.. بالله عليكم.. لما كل كلام صحيح عمال يصيب كبد الحقيقة.. في هذه الحالة هتموت الحقيقة ان لم تكن ماتت.. بسبب ما أصاب كبدها.. وتصوروا حال الدنيا.. وقد خلت من الحقيقة بعد موتها!.. فهل للانسان، أي انسان مستقبل بعد موت الحقيقة مقتولة مع سبق الاصرار والترصد بسبب كثرة الكلام الذي أصاب كبدها؟! كذلك أي مستقبل ينتظرني.. وقد خلا العالم من الصواب وبقي له الخطأ فقط.. بعد ما مات الصواب.. من كثرة ما أصبنا عين الصواب؟.. فلماذا نختار الحقيقة لنصيب كبدها.. ولماذا نختار الصواب لنصيب عينه؟!.. لماذا كل هذا؟.. كمان.. أي مستقبل مظلم ينتظرني.. وأي ظلام ينتظر الدنيا بعدما نحاول العدوان علي السماء.. ونتهم الشمس بأنها في كبد السماء! لماذا اخترنا كبد السماء ولم نختر مثلاً قلب السماء أو رئة السماء. أو حتي طحال السماء.. أو بنكرياس السماء؟! وحصرنا الشمس فقط أنها في الكبد؟! في هذه الحالة.. ستكون السماء في خطر.. أي والله في خطر.. لاستمرار الشمس في كبدها.. ولم »تختر« الشمس أي مكان آخر حساس من السماء لتكون فيه غير الكبد؟! إذن هي مؤامرة علي مستقبلنا جميعاً.. ان نعيش بلا حقيقة بعد اصابة كبدها.. وأن نعيش بلا صواب بعدما اصبنا عينه.. وأن نعيش بلا سماء.. بعد استمرار الشمس في كبدها؟ خلاص .. خلص الكلام.. واديني أهو هل بهذا القول المعقول.. أكون قد اصبحت »رزل« لانني جيت في الفارغة.. واتصدرت؟!.. اعتقد لا.. وستناصرني في ذلك المطربة الكبيرة ليلي مراد وتغني لي اغنيتها المشهورة.. كلام جميل.. كلام معقول.. مقدرش أقول حاجة عنه!.. أي والله!! إلي مجهولة العنوان! الخميس: مغرم »انا بكلام العيون«. الباحثة عن لحظة جنون وأغزل لها بالغزل وشاحاً من دلال يطل منه وجهك يا قمرا وردي الظلال وأوشوش بكلماتي عيونك.. يا كحيلة العيون حتي إذا ما أسدل الوجد الجفون ومال علي الذراع رأسك وتاه عن الشفاه اسمك وهمس الثغر في الثغر واشتعل في الصدر موال الصبر ورحلت عن القلب طيور الخوف نسج الشتاء من هوانا مخدعاً في ليل الصيف ووسادة حريرية علي شواطيء الأمال وتتحاور جوارحنا بكل أشواق الخيال ويتوقف الزمان بنا لحظة إدراك المحال بعدها تشرق الدنيا علي صورتك انت أنت يا بديعة الحسن ويا نادرة الجمال!