حذرت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية من تداعيات الشروط التى يفرضها صندوق النقد الدولى على مصر لإقراضها 4.8 مليار دولار، وقالت إن مصر فى حاجة شديدة إلى القرض لمواجهة الأوضاع الاقتصادية الصعبة، إلا أن الصندوق يطالب بقطع الحكومة المحاصرة بالفعل لنظام الدعم الأمر الذى يجعل البلاد أمام واحد من خيارين، إما الإفلاس أو اندلاع أعمال شغب بسبب الخبر، أهم المواد الغذائية التى تدعمها الدولة. وأشارت الصحيفة فى تقرير لها اليوم إلى أن الأحداث التى شهدتها مصر عام 1977 عندما قررت الحكومة رفع الدعم عن بعض المواد الغذائية وما نتج عن ذلك من أعمال شغب، دفعت الحكومة فى عهد الرئيس الأسبق أنور السادات إلى التراجع عن قرارها، يجب أن تكون فى مقدمة تفكير الرئيس محمد مرسى الذى يواجه أزمة مالية وطنية أشد كثير مما واجه السادات قبل حوالى 35 عاماً. وأوضحت الصحيفة، أن قليلين فقط مقتنعون بأن خطة تقنين الخبز المدعم التى تم الإعلان عنها مؤخراً لن ترفع أسعار الخبز أو تقلل من الخبز المتاح الذى يباع بربع أو خمس تكلفته الآن، وإلى جانب الخبز، فإن هناك الكثير من الخيارات الصعبة الأخرى، ومساحة المناورة أمام الرئيس مرسى تتقلص، فالاضطراب السياسى أدى إلى تجميد اتخاذ القرارات على المستوى الرفيع، حتى فى الوقت الذى تنخفض فيه قيمة الجنيه ويرتاب الدائنون الأجانب. وتضيف الصحيفة: "بينما كانت هناك نظرية قديمة تقول إن الحركات الإسلامية مثل جماعة الإخوان المسلمين التى ينتمى إليها مرسى يمكن أن تأتى بسهولة إلى السلطة، إلا أنها خسرت على الأرجح الدعم العام مع فشلها فى إدارة الاقتصاد بالشكل الذى يرضى المواطنين"، ونقلت الصحيفة عن إيرين سنايدر، أستاذ الاقتصاد السياسى فى الشرق الأوسط بجامعة برينكتون، قولها إنه ما يحدث ربما يكون جيدا بشكل ما، حيث يستطيع الناس أن يروا أن الحكام الحالين غير أكفاء، وأنهم سياسيون مثل الآخرين.. لكن لوضع سيكون سيئا للغاية فى تلك الأثناء، وسيجعل الإسلاميون رافضين بشكل لا يصدق للاعتراف بالهزيمة. وتتابع ساينس مونيتور قائلة " إنه مثلما كان الحال فى أزمة عام 1977، فإن مصر تواجه طلبا من صندوق النقد الدولة بخفض الدعم، فى الوقت الذى تكافح فيه الطبقة العاملة وتشعر بأنها تعرضت للخيانة والقمع من جانب الطبقات السياسية، وهناك حاجة ماسة للقرض لكن المخاوف يمكن أن تكون مفيدة "، وبعد ذلك، فإن مصر المشوشة شهدت بعض السنوات التى كانت بائسة لفقرائها، لكن مع تمحور السادات نحو الولاياتالمتحدة حصل على المساعدات فى النهاية بعد توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل، أما مبارك، فبعد أن ساند الائتلاف الأمريكى لإخراج القوات العراقية من الكويت، حصل على إعفاء من الديون الدولية بقيمة 15 مليار دولار على الأقل. لكن مرسى ليس كالسادات أو مبارك، حسبما تقول الصحيفة، ومصر فى فوضى أكثر بكثير من أى لحظة فى العقود الماضية، والولاياتالمتحدة لا ترى الإخوان كشريك يعتمد عليه، كما أن أعضاء الكونجرس سيحدون بشكل كبير من القروض والمساعدات، وقد رفض صندوق النقد الدولى تقديم الأموال دون إجراء تغييرات قصيرة المدى بشأن كيفية إنفاق الحكومة لأموالها، وقد أدت الاضطرابات والاقتتال الداخلى وأعمال الشغب فى العامين الماضيين إلى انصراف الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتراجعت السياحة وانخفضت الأجور. وحذرت الصحيفة من أن الرئيس مرسى فى موقف خطير بسبب كل هذا، لاسيما بعد حل البرلمان المنتخب بحكم محكمة، وعدم انتخاب آخر بعد. وحتى الآن يبدو أن الرئيس وأنصاره مهتمون أكثر بتعزيز سلطتهم بدلا من تحقيق احتياجات المصريين برغم الاضطراب المتزايد.