بينما يسارع الأمريكيون وحلفاؤهم إلى سحب قواتهم ، على نحو مبكر من أفغانستان ، تلوح في الأفق بوادر أزمة عميقة فى ذالك البلد المنكوب ، حيث البلد الذي واجه غزوا أمريكيا عقب أحداث سبتمبر 2001، فى مناخ دولى شجع الأمريكيين على خوض هذه المغامرة، تحت شعار "كلنا أمريكيون" كما ذكرت كبرى الصحف الفرنسية ، فى اليوم التالى لأحداث 11 سبتمبر - ودون الخوض فى الجدل حول علاقة أفغانستان ودورها فى أحداث 11 سبتمبر- فان هذه المغامرة العسكرية التى توجت بنجاح سريع ، فإذا بها تنقلب فى ذكراها العاشرة إلى كابوس مخيف ، يجثم على صدور الأمريكيين وخلفائهم فى أفغانستان .
وليس غريبا فى هذا السياق أن تصرح اللجنة البرلمانية الانجليزية للدفاع، عن أن قواتها فى أفغانستان ضعيفة للغاية، بما لا يسمح لها بهزيمة طالبان، إلا أن اللجنة فى تقريرها تحذر أيضا من سحب مبكر للقوات العسكرية الغربية من افغانستان .
هذا التقرير من إحدى الدول المشاركة فى قوة الايساف ، يعكس الموقف الغربي على نحو واضح ورمزي فى الوقت ذاته.
يخشى الغربيون من انسحاب متعجل يؤدي إلى تدهور أمنى فى أفغانستان مما يجعلها مرتعا للجماعات الجهادية المعادية للغرب وعلى رأسها تنظيم القاعدة. كما أنهم أصبحوا يدفعون ثمنا غاليا لبقائهم فى أفغانستان ،ومن ثم فقد جاء مشروع اوباما للانسحاب العاجل من أفغانستان، إيقافا لنزيف الدم الغربي الذي أصبح عبئا على الساسة الأمريكيين والغربيين عامة.
ومع تراجع شعبية هذه الحرب وبخاصة فى أمريكا بدأ اوباما تنفيذ خطة الانسحاب المبكر بدءا من يوليو الجاري بتسليم إقليم "باميان" وأربع مدن أخرى للقوات الأفغانية.
إلا أن طالبان لم ترغب مطلقا فى توفير انسحاب هادئ للقوات الغربية ، فأقدمت من خلال بداية أسبوع نقل المهمات على قتل احمد والى كرزاي شقيق الرئيس الأفغاني ، الذي جاءت به قوات الاحتلال للسلطة ، ولم تمر أيام إلا وتم قتل جان محمد خان المستشار المقرب لكرزاي بعبوة ناسفة فى منزله بكابول ثم اغتيال عضو البرلمان هاشم واتنوال.
تسارع الأحداث من قبل طالبان ،وعمليات الاغتيال الدقيقة والمركزة ، يجعل من سيناريو الفوضى هو المرجح للمستقبل القريب لأفغانستان، أو ربما سيناريو أخر لم يعد مستبعدا الآن ، وهو أن تعود أفغانستان إلى يد طالبان ،كما كانت فى العام 2001