في 23 نوفمبر 2013 قررت الحكومة المصرية سحب سفيرها من أنقرة وطرد السفير التركي فيها وإعتباره شخصاً غير مرغوب فيه , وهذه من المرات النادرة في تاريخ العلاقات المصرية الدبلوماسية التي تمر بها رغم الأزمات السياسية التي ضربت العلاقات بينهما. والقرار له مسبباته التي جعلت القيادة المصرية تتخذه بشجاعة القائد وإصرار الإرادة ، لأن الأتراك لهم تاريخ معروف مع جمهورية مصر إتسم بين الفتور والدفء تبعاً لمقتضيات المصلحة العامة للبلد التي يعود تاريخها منذ عام 1925بدأت بقائم بالأعمال سرعان ما تم رفعها إلى مستوى السفراء عام 1948. ومن الثابت ان علاقات الدول وتشابكها تنقسم الى طبقتين الاولى سميكة وهي الحافظة للاعتبارات التاريخية والاستراتيجية والجغرافية والسياسية والمصالح الاساسية ( اجتماعية , ايديولوجيه , دينية ) ويدخل في هذه الطائفة المواقف السابقة التي تعد رصيدا لدول اخرى لمدة طويلة من الصعب تآكلها , والثانية وهي ارق واكثر سطحية وعليها تعلى العلاقات وتمتص مؤثرات هذا الغليان. ويعود اول توتر بين مصر وتركيا عام 1954اثناء تهجمهم على شخصية جمال عبد الناصر بعد الثورة بالفاظ نابية عندما كان فؤاد طوغاني سفيرا لتركيا في القاهرة وفي عام 1961عند اعلان الوحدة مع سوريا. وبقيت العلاقات مع مصر في مراحل السبعينيات والثمانينات اقتصادية اكثر مما هي سياسية. وفي التسعينيات توطدت العلاقات السياسية بشكل كبير بسبب الدور المصري في تهدئة الوضع بين تركياوسوريا في نزاعهما حول المياه والحدود والاكراد الا ان فتورا اخر حدث نتيجة لتصريحات اردوغان عندما دعى للاطاحة بالرئيس حسني مبارك تضامنا مع الثورة الشبابية من يناير. وعادت العلاقات الى اوجها بتسلم الرئيس المطاح به محمد مرسي عندما زارها أردوغان ليوم واحد ويعود ذلك لتزعم اردوغان حزب العدالة والحرية الذي ينتمي اليه محمد مرسي واضعا كل امكانيات تركيا لدعم مصر في كل الميادين , بعد الاطاحة بمحمد مرسي في 3 يوليو وتسلم الحكم من قبل القوى العسكرية امتثالا لارادة الشعب. فنفضت تركيا كل سمومها في التهجم والتنكيل والتآمر على قادة الانقلاب وكأن مصر مقاطعة تابعة لتركيا ولم تحترم العهود والمواثيق التي بينهما من خلال دعم المتمردين ماديا ومعنويا بالاساليب التالية : 1- التصريحات غير المسؤولة التي اطلقها اردوغان بالتهجم على قادة الانقلاب والتي تعتبر خطيرة جدا اثناء قيامهم بفض اعتصام رابعة العدوية في 14 أغسطس آب الماضي. 2- اعلانه بعدم احترام الثوار الذين اقتادوا مرسي امام القضاء لمحاكمته. 3- كلمة اردوغان يوم 12يوليو بمركز القرن الذهبي للمؤتمرات باسطنبول ضمن حفل لهيئة العدالة والتنمية وتأكيده ان ماحدث في مصر انقلاب عسكري استهدف ارادة الشعب المصري وحقه الديمقراطي. 4- أستظافة تركيا مؤتمرا للتنظيم الدولي للاخوان قبل اعلان طرد سفيرها تحت مسمى مؤتمر تحالف الحقوقيين الدوليين لمقاضاة مصر والنظام الحالي في الجنائية الدولية نظمته مؤسسة قرطبة للتحقيق في انتهاكات لحقوق الانسان. بناءا على هذه التطورات في الموقف التركي أكدت الخارجية المصرية أن خطوتها جاءت ردا على ماقام به الاتراك, لانها حلقة إضافية وإصرارا على تحدي إرادة الشعب المصري , واستهانة بخياراته المشروعة في العيش الكريم ونبذ التطرف الديني غير المبرر وخلق الحاله العدائية بين أطياف الشعب الواحد . وإعتبرته تدخلا سافرا في شؤونها الداخلية. نؤكد أن الازمات هي المتغير في حياة الأمم والمهم ألا تترك جراحا يصعب علاجها في المستقبل , والأمثلة على ذلك يضيق بها المكان فالمصالح الستراتيجية باقية وهذا ما نلاحظه لحسن الحظ في بعض الملفات رغم الضغوط الاعلامية غير المستنيرة. والقرار جاء ردا قويا وصفعة لامثيل لها من قيادة مصر للحفاظ على حدود العلاقة وعدم التمادي التركي في تدخلاته السافرة ومحاولة ثني أرادته التي لايمكن التنازل عنها باختيار الطريق الصحيح لخدمة مصالحها ووحدة بلدها وخط سيرها فيما تراه يتلائم ومصالحها العليا.